جدل بقانون الأمن الاقتصادي بتونس خميس بن بريك-تونس لم تقلل تطمينات الرئيس التونسي بأن ما يعرف بقانون الأمن الاقتصادي لا يستهدف التضييق على حرية التعبير أو معاقبة الرأي المخالف، من تحفظات المعارضين الذين يستمرون في انتقاد هذا القانون. ورفض بن علي في خطابه الذي ألقاه يوم 7 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي بمناسبة الذكرى ال23 لوصوله الحكم، الانتقادات المعارضة ووصفها ب"المغلوطة". ليس بدعة وقال في أول رد رسمي له حول الموضوع إن "ما حاول البعض ترويجه حول التنقيح الأخير للفصل 61 مكرر من القانون الجزائي على أن المقصود به الحد من الحريات هو مغالطة". بن جعفر أكد أن القانون يبقى أداة للتضييق على حرية التعبير رغم عدم تطبيقه (الجزيرة نت) وأضاف أن هذا التنقيح "لا يستهدف إلا من يعمد إلى الإضرار بمصالح البلاد الحيوية وأمنها الاقتصادي بتحريض طرف خارجي أو التواطؤ معه". وأكد أن هذا القانون "ليس بدعة" وأن مثله موجود في عديد البلدان، معتبرا أن "حرية الرأي مضمونة بالدستور وأن الرأي المخالف والنقد محترمان". ويتعلق تنقيح الفصل 61 مكرر من القانون الجزائي، الذي صادق عليه البرلمان في يونيو/حزيران الماضي، بإضافة نص يجرم كل من يتعمد "ربط اتصالات مع جهات أجنبية بهدف التحريض على الإضرار بالمصالح الحيوية لتونس المتعلقة بالأمن الاقتصادي". ويقول محامون إن القانون يعاقب بالسجن من 5 سنوات فما فوق. وقبل هذا التنقيح كان النص السابق للقانون يقتصر على تجريم أي انتهاك لأمن الدولة الخارجي في المجالين العسكري والدبلوماسي، لكن دون أن يشمل الجانب الاقتصادي. وأثار إقرار الحكومة تنقيح القانون حفيظة المعارضين والحقوقيين، وانتقدته منظمات حقوقية تونسية وعربية ودولية بسبب "غموضه" و"صبغته الزجرية". وكانت منظمة العفو الدولية انتقدت القانون، وعدّته "مصمما لتكميم أفواه منتقدي الحكومة والناشطين الذين يقومون بحملات لدى المنظمات الدولية من أجل الضغط على تونس لحثها على احترام حقوق الإنسان". سيف مسلول ومع أنه لم يحاكم أي شخص بتهمة الإضرار بالمصالح الاقتصادية إلى الآن، فإن بعض المعارضين يعدون القانون "سيفا مسلولا" على رقابهم، بدعوى أن السلطة قد تلجأ لاستخدامه حسب مشيئتها، على حد قولهم. ويقول زعيم التكتل من أجل العمل والحريات المعارض مصطفى بن جعفر إن "خطاب الرئيس الأخير فيه نوع من الطمأنة بأنه لا توجد نية لمحاكمة الناس على آرائهم، لكن في الواقع هذا القانون يمثل تهديدا مباشرا بإقحام القضاء في شؤون تتعلق بحرية التعبير". ويضيف للجزيرة نت "صحيح أن القانون لم يقع تطبيقه منذ إقراره، لكنه يبقى سيفا مسلولا على رقاب أصحاب الرأي المخالف وأداة للتضييق على حرية التعبير وحرية ربط علاقات خارجية على مستوى الشخصي أو التنظيمي". وحسب المراقبين جاء القانون ردا على تعثر المحادثات مع الاتحاد الأوروبي لمنح تونس صفة "الشريك المتميز" في اجتماع عقد في مايو/أيار الماضي ببروكسل, وعزت تونس هذا التعثر للانتقادات التي وجهها إليها بعض الناشطين والمعارضين. وفي السياق، يقول بن جعفر "كان من المفروض على الحكومة الإسراع في القيام بإصلاحات سياسية والاستجابة للمطالب الداعية لاحترام الحريات من أجل تعزيز موقفها لنيل صفة الشريك المتميز، لا أن تسير باتجاه التضييق على حرية التعبير بسن هذا القانون الزجري". من جهة أخرى، يقول الأمين العام المساعد للحزب الديمقراطي التقدمي المعارض رشيد خشانة إن الحكومة أبدت استعدادا للتراجع عن هذا القانون بسبب ردود الفعل القوية في الداخل والخارج، لكنها -حسب رأيه- لم تقطع أي خطوة عملية في هذا الاتجاه. ويضيف للجزيرة نت "الضمانة الوحيدة لعدم استعمال القانون ضد أي طرف معارض أو مستقل ينتقد سياسة الحكومة الاقتصادية وغير الاقتصادية هو إلغاؤه وليس تجميد العمل به مثلما أوحى بذلك خطاب رئيس الدولة".