ابراهيم بالكيلاني طالما اعتمدت قوى الظلم والاستبداد بدعم سافر من القوى الاجنبية و أساسا المخابرات الصهيونية على نشر قيمة الخوف بين المجتمع من بعضه البعض . و بعد طلوع فجر التغيير المأمول في تونسنا الحبيبة ، ها هي تعاود فلول النظام البائد بدعم علني لتخويف العالم الخارجي و المجتمع التونسي من مكون أساسي من مكوناته ، بل ممن سلّط عليه أقصى وجوه التعذيب و القمع و التشفي في تاريخ هذه الديكتاتورية البائدة في تونس . فهل الاسلاميون يمثلون خطرا على مستقبل تونس ؟ الاسلاميون في تونس هم جزء من الشعب ، تحملوا القسط الأكبر من بطش الآلة الأمنية للديكتاتورية البائدة ، و التاريخ يشهد لهم أنه على أجسادهم تكسرت هذه الآلة ، و أنهم أول من عبدوا طريق : لا خوف بعد اليوم ، و نالهم ما نالهم من قتل و تشريد و نفي و قطع للأرزاق و لم تندمل جروحهم بعد . كانت صيحة علي بن عون في وجه المنظومة الأمنية المتهالكة تدوي عالية ، رافعا لواء الدفاع عن حرية تونس ، متعاليا عن جراحاته الجسدية و النفسية . و للتو فقط هدأت صيحات عائلة المناضل النقابي أحمد العماري التي كانت تدوي بالأمس في شوارع تونس طالبة معرفة مصيره . و كانت صيحات عبدالحميد الجلاصي و زوجته المناضلة في وجه الطغيان و هو على سرير المرض ، و صيحات الاسلاميين داخل زنزانات الداخلية لا يزال صداها يدق الأذان الواعية و هي شهادات البطولة في مواجهة الديكاتورية و التي لا ينساها التاريخ ، و لابد أن تكتب من ماء من ذهب ليعبقوا بريحهم العطرة صفحات التأريخ لحرية تونس . أمن هؤلاء تخوفوننا ؟ كان من المنتظر أن يطالب العالم بفتح التحقيق في صفحات التعذيب التي سلّط على الاسلاميين و بقية مكونات المجتمع ، و يطالبوا بحق التعويض و المحاسبة و رد الاعتبار كبادرة أولى لحسن النوايا . فهل نخاف ممن ضحى بشبابه و دمه و مستقبله من أجل الوطن ، أم من فلول المتطرفين و الارهابيين الذين يستوردون القنّاصة و يتآمرون على الوطن و ينفذون سياسة الأرض المحروقة . هل يزايد أحد على حب تونس؟ كل الوطنيون و في مقدمتهم الاسلاميون يعشقون تونس و يذوبون في هواها و كلهم يرددون قول الشاعر أحمد أولاد حمد : نحب البلاد كما لا يحب البلاد أحد صباحا مساء و قبل الصباح و بعد المساء و يوم الأحد فزاعة التخويف و المنظومة الأمنية المتهالكة . إن فزاعة التخويف هي الأداة الرئيسية بعد التعذيب لهذه المنظومة الأمنية المتهالكة ، و أول قطع حقيقي مع هذه المنظومة هو التصدي لهذه الأداة و مروجيها . الشعب اليوم متكاتف ، متحالف و أنت تنظر إلى اللجان الشعبية التي تتصدى لدعاة الارهاب و التخويف و نشر الفوضى ، اليد في اليد : اليساري مع القومي مع الاسلامي مع المستقلين و عموم الشعب ، لا فرق اليوم و تونس للجميع و من واجب الجميع الانخراط في الحفاظ على الأمن و التصدي لفلول النظام المتهالك و الاستعداد للبناء معا و الحفاظ على بياض هذا النموذج المضيئ في تاريخ أمتنا المجيد . تساقطت كل فزاعات الخوف و تهاوت و المستقبل لتونس الحرة ، موحدة ، متماسكة . الاسلاميون ثروة وطنية حقيقية كانت السنين العجاف التي مرت بها بلادنا في أحد وجوهها منحة لتنخرط النخبة التي أجبرتها المنظومة الأمنية المتهالكة على الخروج أو قطعت عليها أبواب الرزق ، بأن اتجهت إلى طلب العلم و المعرفة و الانخراط في الشأن العام في بلدان الاستضافة . و تفوقت تلك النخبة في كل المجالات ( الحقوقي ، الاعلامي ، الخيري ، الاجتماعي ، الثقافي ، التقني ، الاداري ، الأكاديمي .. ) التي فُتحدت أبوابها أمامهم و قدموا النماذج الايجابية في البناء . و تونس اليوم في أمس الحاجة إليهم ، فهم أصحاب خبرة ، وتجربة و لهم شبكة علاقات جيدة ستضيف إلى بلادنا الشئ الكثير . و بعيدا عن السياسوية الاسلاميون ثروة وطنية ستضيف الشئ الكثير في تونس الغد . الاسلاميون تعلموا من محنتهم الشئ الكثير و أهم ما تعلموه أن تونس للجميع ، و الاقصاء وصفة سرطانية ، و الحرية هي القيمة الأساسية في بناء الوطن ، و سيادة الوطن و كرامة المواطن أعز المطالب . و أن التغيير عملية تراكمبة و لم يكن له من امكانية بزوغ فجره لولا جراحات و صبر و أنات و دماء من واجهوا المنظومة الأمنية طيلة عشريتين كان نصيب الاسلاميين فيها كبير مع بقية القوى المناضلة ، حتى التقطها الشباب الغاضب . و تسارع الأحداث يثبت للشعب أن الخطر الحقيقي الذي يسعى لفرملة سرعة التغيير هي بقايا فلول المنظومة الأمنية المتهالكة ، التي لم و لن تتدخر وسيلة للجم صوت الشعب و مصادرة حقه الذي اكتسبه بدماء أبنائه على طريق استنشاق هواء الحرية ..