قتل 15 مدنيا في سوريا برصاص قوات الامن الخميس عشية يوم جمعة جديد من التظاهرات، بينما تعهدت المعارضة في ختام مؤتمر لها في تركيا باسقاط نظام الرئيس بشار الاسد الذي طالبته بالاستقالة فورا و"تسليم السلطة لنائبه". وفي ظل استمرار النظام في قمع المتظاهرين المناهضين له وتواصل سقوط القتلى المدنيين حذر خبيران في الاممالمتحدة في جرائم الابادة الجماعية الحكومة السورية من "اعتداءات تبدو منهجية ومتعمدة" تمارسها ضد المدنيين، في حين دعت واشنطن المجتمع الدولي الى مزيد من الوحدة ضد القمع في سوريا. ومنذ الاحد، قتل 62 شخصا برصاص القوات السورية بحسب ناشطين حقوقيين، غالبيتهم في منطقة حمص (وسط) التي تشهد تظاهرات معادية لنظام الرئيس بشار الاسد. والخميس، قتل 15 مدنيا برصاص قوات الامن السورية في بلدة الرستن في محافظة حمص (وسط)، بحسب ما افاد ناشط حقوقي قال انه يملك لائحة اسمية للقتلى. لكنه اوضح ان القتلى "مدنيون سقطوا برصاص رشاشات ثقيلة استهدف المدينة". واضاف ان "قوات الامن تمنع دخول اي مساعدة للمدينة". وفي وقت لاحق سمع اطلاق نار في تلبيسة الى جنوب الرستن، بحسب الشاهد ابو طلال التلاوي. وقال الشاهد "يقوم عناصر امن بزي الجيش بعمليات تفتيش. وهم يكسرون كل ما تقع عليه ايديهم، من برادات واجهزة تلفزيون وسيارات". وفي تركيا دعا "المؤتمر السوري للتغيير" المنعقد في مدينة انطاليا التركية في بيانه الختامي مساء الخميس الرئيس السوري بشار الاسد الى "الاستقالة الفورية" والى "تسليم السلطة الى نائبه"، مكررا عزمه العمل على "اسقاط النظام". وجاء في البيان الختامي الذي تلي في ختام اعمال المؤتمر ان المجتمعين "يلتزمون برحيل بشار الاسد واسقاط النظام ودعم الحرية ويدعونه الى الاستقالة الفورية من جميع مناصبه وتسليم السلطة حسب الاجراءات المرعية الى نائبه". ودعا البيان الختامي ايضا "الى انتخاب مجلس انتقالي يضع دستورا ثم تتم الدعوة الى انتخابات برلمانية ورئاسية خلال فترة لا تتجاوز العام ابتداء من استقالة الرئيس" السوري. كما اكد البيان الختامي "الاستمرار في دعم ثورة شعبنا حتى تحقيق اهدافها مصرين على اركانها الوطنية الحفاظ على وحدة التراب الوطني ورفض التدخل الاجنبي مشددين على ان الثورة لا تستهدف اي فئة معينة". وانتخب المؤتمرون ايضا "هيئة وطنية" تتألف من 31 عضوا تضم ممثلين عن جميع المشاركين في المؤتمر "مهمتها اختيار هيئة تنفيذية تقوم بوضع خطة عملية لحشد الدعم للداخل". من جهتها وبعد شهرين ونصف الشهر من القمع الدامي، باتت الادارة الاميركية تستخدم صيغا اكثر تشددا ازاء الازمة السورية الا انها لم تطالب صراحة حتى الان بتنحي الاسد. وفي هذا السياق طلبت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون الخميس ان يتخذ المجتمع الدولي موقفا موحدا في مواجهة القمع الذي يمارسه نظام الاسد. وقالت كلينتون خلال مؤتمر صحافي ان "موقف المجتمع الدولي ليس متحدا بما يكفي لتبرير جهودنا"، مضيفة "لم نحصل بعد على موافقة اعضاء اخرين في مجلس الامن" في الاممالمتحدة، في اشارة خصوصا الى روسيا. ونددت موسكو حليفة دمشق بما اعتبرته "مساعي" لتشجيع تغيير النظام في سوريا. ومن ناحية الجامعة العربية، اشارت كلينتون الى ان الازمة السورية لم تثر "شيئا مشابها للتحرك القوي" في مواجهة الزعيم الليبي معمر القذافي، مذكرة بان الرئيس باراك اوباما خير الاسد بين قيادة عملية انتقالية سياسية او ان "يتنحى جانبا". واعتبرت كلينتون ان بقاء الاسد في السلطة "مع استمرار القمع يعني انه يجعل ذلك خياره"، مضيفة "اعتقد ان الشرعية التي يحتاجها اي كان لتوقع حصول تغيير في ظل الحكومة الحالية، ان لم تكن قد انتهت، فهي على وشك ان تزول". ويحاصر الجيش وقوات الامن مدينتي الرستن وتلبيسة في منذ الاحد. وقتل 43 شخصا على الاقل بين الاحد والاربعاء في هاتين المدينتين الواقعتين بمحافظة حمص (وسط)، بحسب رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن الذي مقره لندن. واضاف عبد الرحمن "تم سماع اطلاق قذائف واسلحة رشاشة ثقيلة طوال الليل" في الرستن. وقال ان تلاميذ المعاهد والثانويات الذين تتراوح اعمارهم بين 13 و17 سنة، ساروا بمناسبة نهاية السنة الدراسية في احد شوارع حمص الواقعة على بعد 160 كلم شمال دمشق، ورددوا شعارات تدعو الى الحرية ورفعوا اعلاما سورية. ولفت الى ان "قوات الامن فرقت المتظاهرين واوقفت اربعة منهم لفترة قصيرة". وخرجت تظاهرات في مناطق اخرى من البلاد مساء الاربعاء في دير الزور (وسط شرق) والقامشلي (شمال شرق) وادلب (شمال غرب) وجسر الشغور (شمال غرب) واللاذقية (شمال غرب) وفي بلدتي دوما وحرستا في ضواحي دمشق. وفي الوقت عينه، دعا المحتجون الى تظاهرات جديدة الجمعة في ما اسموه يوم "اطفال الحرية"، في اشارة الى اطفال اضحوا من رموز الاحتجاجات امثال حمزة الخطيب الذي كان في سن ال13 و"تم تعذيبه حتى الموت" على يد اجهزة الاستخبارات في درعا بحسب المعارضة. من جهتهما حذر خبيران في الاممالمتحدة متخصصان في الوقاية من جرائم الابادة الجماعية السلطات السورية الخميس من "اعتداءات تبدو منهجية ومتعمدة" تمارسها ضد المدنيين. واعرب المستشاران الخاصان للامين العام للامم المتحدة بان كي مون المكلفان الوقاية من جرائم الابادة الجماعية وحماية المدنيين عن "قلقهما الشديد" ازاء الاعداد المتزايدة للقتلى المدنيين الذين يسقطون من جراء "القمع العنيف" في سوريا. وقال الخبيران فرانسيس دينغ وادوارد لوك "نحن قلقان خصوصا مما يبدو انه اعتداءات منهجية ومتعمدة من جانب الشرطة والجيش وقوى امنية اخرى على مدنيين عزل وقعت خلال الشهرين الماضيين من الاحتجاجات". واضافا في بيان مشترك ان "الاعتداءات المنهجية والواسعة النطاق التي ابلغ عنها في سوريا استهدفت في المقام الاول السكان المدنيين"، مشددين على ان "هذا يؤكد على ضرورة اجراء تحقيق مستقل ومعمق وموضوعي في جميع الاتهامات حول انتهاكات القانون الدولي". ولم تسمح سوريا بان تدخل اراضيها بعثة للامم المتحدة مكلفة الدفاع عن حقوق الانسان كانت تعتزم التحقيق في القمع الذي مارسته السلطات بحق المدنيين واوقع بحسب منظمات حقوقية اكثر من 1100 قتيل، منذ 15 اذار/مارس. وترفض دمشق الاتهامات الموجهة اليها مؤكدة ان الاضطرابات من صنع مجموعات مسلحة مدعومة من الخارج بهدف زرع الفوضى وانها اسفرت عن مقتل 120 جنديا وشرطيا. ووفق منظمة الاممالمتحدة للطفولة (يونيسيف)اليونيسيف، فإن 30 طفلا قتلوا على الاقل بالرصاص خلال قمع التظاهرات في سوريا. وجاء على صفحة "الثورة السورية ضد بشار الاسد 2011" عبر موقع فيسبوك وهي من ابرز منابر الحركة الاحتجاجية "من اجل دمائكم البريئة، وروحكم الطاهرة، ثورتنا مستمرة حتى اسقاط النظام، جمعة اطفال الحرية". ونشرت منظمة هيومن رايتس ووتش الاربعاء تقريرا بعنوان "لم نر فظاعة كهذه من قبل" نددت فيه بما اسمته "جرائم ضد الانسانية" في درعا وعمليات قتل ممنهجة وتعذيب. وبشار الاسد، الذي يواجه موجة احتجاجات غير مسبوقة منذ توليه رئاسة سوريا عام 2000 خلفا لوالده الرئيس الراحل حافظ الاسد، ارسل اشارات عدة نحو التهدئة بالتوازي مع عمليات القمع الحاصلة. والثلاثاء، اعلن اطلاق "حوار وطني" بين كل التيارات السياسية واعلن عفوا عاما. وافاد ناشطون عن الافراج عن مئات السجناء السياسيين من بينهم القيادي في الحزب الشيوعي المحظور في سوريا محمود عيسى، غير ان المعارضة السورية والمجتمع الدولي قابلا هذه الخطوة بمواقف تراوحت بين اللامبالاة والتشكيك. وافرجت السلطات السورية ليل الخميس-الجمعة عن شخصيتين بارزتين، احدهما رئيس منظمة حقوقية والثاني قيادي كردي، بحسب منظمة حقوقية. وقال رئيس المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن في اتصال مع وكالة فرانس برس ان السلطات السورية افرجت قرابة منتصف الليل عن "مهند الحسني رئيس المنظمة السورية لحقوق الانسان (سواسية)". واضاف انه تم الافراج ايضا عن "مشعل التمو القيادي الكردي البارز والناطق باسم تيار المستقبل الكردي، وذلك بموجب قرار العفو الذي اصدره الرئيس الاسد والقاضي بالافراج عن المعتقلين السياسيين على دفعات".