إن استقلالية القضاء في بلادنا أصبحت مطلبا شعبيا ينادي بها القاضي و المحامى و السياسي والطبيب بل وكل فرد من أفراد شعبنا لأن الظلم بكل أشكاله وألوانه أصاب كل مفاصل المجتمع التونسي وكان ملاذ نا الوحيد هو القضاء ولكن هذا القضاء لم ينصفنا ولم يحقق لنا عدلا بل وجد ناه في كثير من الأحيان حكما و خصما يذعن لتعليمات الجلادين ويساير أهواء العائلة الحاكمة الفاسدة ويحقق مصالحها وحول الحق باطلا والباطل حقا فاضطربت بسبب ذلك أحوال الناس وعم الفساد وانتشرت الرشوة حتى أصبحت فى عرف الناس هي السبيل الوحيد لإعادة الحقوق لأصحابها ففقد بذلك القضاء مصداقيته وهيبته بين الناس وحينما ترتفع الأصوات اليوم منادية باستقلاليته منحازة إلى صف القضاة الشرفاء فى مطالبهم إنما تفعل ذلك من منطلق أيمانها بأن العدل هو أساس العمران والظلم مؤذن بخرابه أذكر انى كنت أحد ضحايا هذا القضاء الفاسد فى ثلاثة مرات أول مرة فى عهد الرئيس الأول أي فى سنة 1986 عندما وقفت أمام قاضى المحكمة الابتدائية بتونس بتهمة الانتماء لجمعية غير مرخص فيها فحكم علي بسنة سجنا فى حين أن ملف القضية كان فارغا ولا يحمل أي مستند قانوني يدينني عندها أيقنت أن الحكم صدر علي من جهاز أمن الدولة وأن هذا القاضي الفاسد إنما هو أداة طيعة لخدمة أسياده وأن قضاءنا يفتقد إلى أبسط شروط الاستقلالية ولم يكن الحال مختلفا فى عهد الرئيس المخلوع حوكمت بنفس التهمة مرتين المرة الأولى فى سنة 1991 بثمانية أشهر والمرة الثانية بسنة سجنا فى سنة 1994 ولم يمتعني القاضي بحقي فى الاتصال القضائي وكم واحد حوكم بنفس التهمة مرات عديدة أمام قضاة باعوا ضمائرهم بعرض من الدنيا قليل. لذلك أدعو بأعلى صوتي مناشدا أصحاب الضمائر الحية إذا أردتم للقضاء الإصلاح والاستقلالية أن بادروا بتنظيفه من ألائك القضاة المفسدين والدعوة لتمكين القضاة من حقهم فى اختيار المجلس الأعلى للقضاء اختيارا حرا و ديمقراطيا وتمكين منظمتهم الشرعية و المناضلة من حقها فى التعبير عن مشاغل القضاة ومطالبهم في العيش الكريم والمراجعة للقوانين المنضمة لحياتهم المهنية وأدعو بصفتي عضوا فى هيئة المحاسبين بالبلاد التونسية كل المحاسبين أن يدعموا القضاة ويساندونهم فى مطالبهم كما أدعو كل غيور على مكاسب الثورة فى بلدي أن يدعم استقلالية القضاء فلا حرية و لا كرامة ولاعدل بدون استقلالية قضاء ولا عاش في تونس من خانها ولا عاش من ليس من جندها