رغم أن تونس لها تجربة طويلة في عملية الإصلاح الإداري غير أنها تجربة لم تضع الفساد كمحور أساسي ضمن أولوياتها فضلا عن أنها لم تهتم بقضايا الشفافية والكفاءة والمساءلة كما أن تجربة المواطن الرقيب التي تم الأخذ بها في أوائل التسعينات إلا انه لم يتم تطويرها على النحو الذي يؤشر لان تلعب دورا حقيقيا في مساءلة أجهزة الإدارة في ظل غياب المساءلة وطول الإجراءات و تعقيدها والتي تعد من أكثر العوامل التي تهيئ لأرضية الفساد". هذا ما صرح به الدكتور أحمد عاشور خبير في برنامج الأممالمتحدة الإنمائي المختص في مجال مكافحة الفساد أول أمس على هامش اللقاء الذي انتظم مع مختلف ممثلي وسائل الإعلام والذي يندرج في إطار تسليط الضوء على المؤتمر الإقليمي الذي سينعقد اليوم وغدا تحت عنوان "تقديم الخدمات العامة في البلدان العربية مخاطر الفساد وسبل المعالجة والذي سيسلط الضوء على مخاطر الفساد في قطاعات الصحة والمياه والتعليم. و لان التطرق إلى ظاهرة الفساد وطرق مكافحتها باتت من اوكد الحاجيات والمطالب الملحة اليوم فقد استهل السيد أركان السبلاني محامي وخبير في برنامج الأممالمتحدة الإنمائي مداخلته قائلا" انتم باشرتم عملية القضاء على ظاهرة الفساد دعونا نساعدكم على مواصلتها" " واكد على أن الضغط الداخلي و تضافر جميع الأطراف يبقى أكثر فاعلية من الضغط الخارجي في تجاوز هذه المعضلة وشدد في نفس السياق على ضرورة أن يكون للصحفي دور فاعل في القضاء على الفساد.. وعرج خلال هذا اللقاء إلى أن المؤتمر الذي سينعقد اليوم وغدا سيتم التطرق إلى الفساد الذي سيشمل قطاعات تهم الحياة اليومية الصحة والتعليم مشيرا إلى أن هذه المحاور قد لا تكون أولوية في تونس ولكنها تندرج ضمن أولويات العمل الإنمائي.
آليات للمكافحة
من جهة أخرى أشار الدكتور أحمد عاشور خلال مداخلته إلى أن الأولوية في برنامج الأممالمتحدة في مجال مكافحة الفساد يرتكز على رؤية وتصور جديد للقضاء على هذه الظاهرة. فالفساد الذي تغلغل على امتداد عقود في العديد من المؤسسات لا بد من القضاء عليه بالاعتماد على آليات تخول تجاوزه عبر التعرف على خلاصة التجارب العالمية في هذا المجال والارتكازخاصة على مقومات النجاح فضلا عن تفعيل إرادة سياسية والمقصود هنا إرادة مجتمعية تقوم على التشخيص والتعرف على الأوضاع والمجالات المتشعبة بالفساد والبدء بمعالجتها إلى جانب تفعيل آليات الردع التي تحد من هذه الظاهرة. وأضاف المصدر أن وجود هيئة مركزية لمكافحة الفساد ضروري في تونس ولأغلب البلدان العربية. وخلص الخبير إلى القول أن الأمر في تونس يحتاج إلى إعادة هيكلة أجهزة الرقابة ولابد في هذا الصدد من تبني استراتيجية والعمل وفقا لمخطط يضبط السير قدما إلى الإصلاح الإداري.