أحد الأخوة من شباب الحركة الإسلامية في تونس طلب مني كتابة مقال لنشريتهم الإخبارية التثقيفية فكتبت هذه الرسالة و أنا أعيد نشرها من جديد هنا لتعميم الفائدة و الله من وراء القصد. الأخوة مناضلو ثورة الحرية و الكرامة و صانعو مجد تونس و العرب و المسلمين تحية مفعمة بالمحبة و التقدير من هنا من على الضفة الأخرى للمحيط. و الله أسأل أن يوفقكم في عملكم المخلص من أجل تونس و ثورتها و من أجل المشروع الإسلامي و نهضته أردت من خلال هذه الإطلالة الإدلاء بنصيحة من باب الحديث الشريف "الدين النصيحة...الى اخر الحديث" انطلاقا من تجربتي الشخصية في أعرق البلدان ديمقراطية هنا في أمريكا و ملاحظاتي على تنظيم الحملات الإنتخابية و التعامل مع الوقائع و أنتم تستعدون لخوض غمار أهم و أخطر و أدق انتخابات في تاريخ تونس المعاصر ألا وهي انتخابات المجلس التأسيسي. يجب أن تنظروا للإنتخابات أولا و بالأساس كمشروع "اقتصادي سياسي مجتمعي" الهدف منه الربح المعنوي باستمالة الناخبين و ليس الدخول في مهاترات مع المنافسين. فالمتصدر لاستطلاعات الرأي يكون دائما هدفا لسهام المنافسين السياسيين و خاصة ذوي الحظوظ منهم. ما يجب فعله هو التحضير للإنتخابات في كنف الحرفية التامة (أكرر الحرفية التامة) و ذلك بوضع البرامج و الرزنامات و اتباعها بشكل صارم لتحقيق الأهداف المرجوة و عدم الوقوع في فخ ردود الفعل العاطفية. فمثلا قد يكون من المفيد و ضع رزنامة ذات جدول زمني محدد و أهداف معقولة و واضحة (و غير عائمة) يمكن قياسها. فمثلا بإمكانكم تقسيم أنفسكم الى مجموعات صغيرة للحديث إلى كل "الحومة" حول برنامجكم الإنتخابي (في يوم كذا زيارة مكان كذا...الخ) و ليكن الهدف عدد الأشخاص الذين تقع توعيتهم ثم استمالتهم في مرحلة لاحقة. ولتضعوا نقاطا قليلة و سهلة الهضم للحديث فيها مع عامة الناس تعانق قلوبهم (يجب الإبتعاد عن الكلام الفضفاض و الفلسفي العميق) . طمئنوا الناس و خاصة النساء أن المشروع الإسلامي كله بركة و رفعة لشأن المرأة و تونس و الأمة كلها. و مهما يكن من أمر لا تنجروا إلى الرد على محاولات تحويلكم عن وجهتكم ألا وهي الشعب . لا تبتلعوا الطعم بجركم لردود الفعل في التعامل مع الإستفزازات المقصودة و الظالمة من طرف المنافسين في الإنتخابات مهما كانت طبيعتهم الإيديولوجية أو الثقافية. أنتم أمام مهمة دقيقة للتعريف بمشروعكم خاصة بعد سنوات التشويه المتعمد و التخويف الممنهج التي انتهجها النظام البائد و من دار في فلكه على مدى العقدين الماضيين. خالطوا الناس...كونوا أيجابيين ... تحدثوا مع الجميع...اصبروا على الإستفزاز و "العوج" و "حطان العصا في العجلة"...اطرقوا أبواب الناخبين "دار دار بيت بيت شبر شبر زنقة زنقة". ارفعوا رؤوسكم عاليا فأنتم قد صنعتم التاريخ و على موعد لتشكيله من جديد يوم الثالث و العشرين من شهر أكتوبر القادم. وفقكم الله و جعل كل ذلك في ميزان حسناتكم. و السلام د. مختار صادق أمريكا في 29 سبتمبر 2011