ابراهيم بالكيلاني ( النرويج) يحق لكل تونسي أن يفتخر بما أنجزه الشعب يوم 23 أكتوبر . و يحق للنهضة أن تفرح بما حققته من انجازات في هذه الانتخابات . و يحق لكل الأطراف التي صعد نجمها أن تفرح أيضا بانجازاتها ، و يحق لكل من خبى أن يحزن و يتحسّر على ما فرّط . في أحد خطبه في الحملة الدعائية حدد الدكتور أبويعرب المرزوقي أربعة أسس للحكم الرشيد : العلم ، الإيمان ، القانون و الأخلاق . و هي أسس في عرف الساسة " الحداثيين " تُعد غير عقلانية . و فيها تكمن الإضافة الحقيقية للمشروع السياسي الاسلامي ، الذي يسعى إلى رأب الصدع بين السياسة و القيم الأخلاقية . و ما شهدته الحملة الانتخابية من انفلات في القول غلّب الوجه "القبيح" للممارسة السياسية على وجهها "الجميل" ، يؤكد لنا أهمية ما ذكره أبا يعرب. فأول مهمة للفائزين في الانتخابات و في مقدمتهم حركة النهضة أن تعيد إلى السياسة جمالها بإشاعة الصدق و الأمانة - هذا الشعار الذي جذب الشعب إلى النهضة لأنه بالصدق و الأمانة تبنى الأوطان و بعكسها تهدم و تذل الأوطان - و كل خلق حسن بل الأحسن المطلوب شرعا . و هي مهمة جليلة تتطلب جهدا كبيرا و صبرا جميلا و عطاء عظيما . فبالوجه "القبيح" للممارسة السياسية هو الذي مكّن للدكتاتورية السيادة و للفساد الشيوع و للخوف الانتشار و للسلبية التحكّم . و أهم انتصار خطّه الشعب بهذه الانتخابات هو القطع مع السلبية و مع كل خلق سيئ يمكن أن تعود معه الدكتاتورية . كل طرف يسعى إلى الفوز و جميل أن ننتصر في المعارك السياسية و لكن الأجمل أن ننتصر على أنفسنا و لا ندع أن يتسلل إلينا الغرور و العُجب من بوابة الفوز . و كما يقول الإمام الماوردي في (أدب الدنيا و الدين) :" الكبر يُكسب المقت ، و يُلهي عن التألّف ، و يوغر الصدور .. أما الإعجاب فيُخفي المحاسن ، و يُظهر المساوئ ، و يكسب المذامّ ، و يصدّ عن الفضائل " . و من عادة من لم يحالفه الحظ أن يبدأ بالتشكيك في انتصار الآخر و يوغل في الاتهام و سيتفنن في استعمال مدونة التشويه . و على من حظي بثقة الناس أن يضع دوما بين عينه قول ابن حزم في كتاب ( الأخلاق و السير ) : " من أساء إلى أهله و جيرانه فهو أسقطُهُم ، و من كافأ من أساء إليه منهم فهو مثلهم ، و من لم يكافئهم بإساءتهم فهو سيّدهم ، و خيرهم ، و أفضلهم " .