هناك لغط كثير يحيط بموقف التكتل في شخص زعيمه مصطفى بن جعفر من مسألة قبول" التحالف " مع النهضة في تشكيل الحكومة الجديدة و بغض النظر عما يدور داخل الغرف المغلقة من حوارات حقيقية بين التكتل والنهضة فان بن جعفر في كل حوار او تصريح بما فيه الندوة الصحفية الاخيرة التي اقامها حتى وان أكد على مبدأ المشاركة فانه ترك الباب مفتوحا لامكانية الانسحاب في آخر لحظة كما فعل مع الحومة الثانية. موقف بن جعفر فيه كثير من الدهاء السياسي و يدخل في اطار عض اليد ومحاولة الحصول على اكبر قدر من الغنائم السياسية بشكل يفوق بكثير حجمه الانتخابي سواء على مستوى المواقف و السياسات العامة للحكومة المقبلة ولكن كذلك على مستوى المناصب سواء لصالحه الشخصي او لصالح انصاره. كل ما يفعله بن جعفر لا يعدو ان يكون مجرد تكتيك سياسي يحاول من خلاله استباق الحملة الانتخابية القادمة في اطار سعيه لترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية في المرحلة التي ستاتي بعد هذه المرحلة الانتقالية من خلال الضهور بكونه الشخصية السياسية التي لا يمكن تجاوزها يمينا أو يسارا فهو وان لم يقبل الانصات لمواقف اليسار و بقية الاحزاب الخاسرة في الانتخابات الاخيرة من التقدمي و القطب و آفاق بعدم المشاركة في الحكومة واتخاذ موقع المعارض للنهضة سعيا وانتظارا لفشلها فانه في نفس الوقت يطرح نفسه ومشاركته في الحكومة كجدار دفاع أخير عن قيم الحداثة المهددة في حالة استفراد النهضة بالحكم محاولا ان يكون الزعيم القوي لمختلف الاحزاب والتيارات الحداثية ليبرالية كانت او يسارية. يتداخل في موقف بن جعفر المعلن ما هو سياسي بما هو ذاتي و ما هو آني بما هو مستقبلي و هو حد الآن يجيد اللعب عبى هذه المتناقضات لكنه يعلم جيدا أن الوضع العام في البلاد والاستحقاقات المقبلة تختلف كثيرا عن مناورته الناجحة حين رفض في آخر لحظة الالتحاق بالحكومة الثانية لأنه يدرك جيدا أن انسحابه هذه المرة سيكون اعلانا نهائيا على انسحابه الكامل كشخص من المشهد السياسي و قدرته على الفعل و التأثير فيه و ليس عودته و غزله بالقوى الرافضة للالتحاق بالحكومة الجديدة غير تكتيك سياسي يهدف منه تقوية أوراق ضغطه على النهضة والمؤتمر لا غير لانه يدرك جيدا وبشكل قاطع أن هذا اليسار لا يمكن المراهنة عليه واقعيا وفعليا. كما يدرك جيدا كذلك أن النهضة والمؤتمر لا يعدمان حلولا واقعية تجعلاهما قادران على تجاوز الاضرار المحتملة لانسحابه كما الوقوف في وجه أطماعه