نصرالدين السويلمي- تونس- عشرون سنة في السجن، أكثر من نصفها في الحبس الإنفرادي، تعذيب، حرمان من أبسط الحاجيّات، تضيّيق على أسرته مع محاولات كثيرة لتشتيتها من أجل كسر عزيمة الرجل حتى يرفع يديه ويعلن استسلامه.. هذه بعض عناوين رجل حركة النهضة الصابر الدكتور الصادق شورو الذي يبدو أنّه لم يستفزّ بن علي فقط بثباته وجرأته ثم بعلمه وأخلاقه بل استفز أناسا آخرين على رأسهم السيّد عمر صحابو والسيّد زياد كريشان وغيرهم.. كُثر منهم نطقوا من هول يوم 23 أكتوبر ومنهم من كتمها في قلبه إلى حين موعدها، أمّا عمر صحابو فلا أظنّ أنّ بينه وبين الشيخ شورو غير تباين المرجعيّات والأفكار التي لا تبرر بحال التهجّم على عميد سجناء تونس الذي مازال يترقّب تكريم المجموعة الوطنيّة بنخبها وعلى مختلف مشاربها، ولن يكون هذا هو السبب إنّما الأمر قد يعود لغاية في نفس السيّد عمر الذي يبدو أنّه لم ينسَ للصادق ثباته النادر واستكثر عليه أن يفوز بشرف الثورة وشرف الدولة وأن يعود غيره بخفيّ حنين، أمّا السيّد زياد وإن كان من حقه وضع الشخصيّات الوطنيّة تحت المجهر ومشاغبتها أحيانا إلا أنّ التاريخ النضالي لشورو قد يجعل الأقلام أكثر حياء وتجرّدا في التعامل مع مثل هذه الشخصيّات، وعلى كريشان أن يراجع حساباته ويقلّب صفحات التاريخ حتى يسترجع الحقائق والتي على رأسها أنّ حركة النهضة أو الاتجاه الإسلامي أو الجماعة الإسلاميّة كانت رحبة بما يكفي لاحتضان التباين وإدارة الاختلاف واحترام التنوّع إلا من تنطّع وضاقت أفكاره بثقافة التعايش مع العمل الجماعي. لقد اختاروا تنمية الخلاف وتصعيده إلى درجة العداء وطالت أقلامهم وألسنتهم حتى تلك الشخصيّات التي أهّلتها تضحياتها إلى مستوى الإجماع الوطني، ومن عجائب ما صدر منهم مؤاخذتهم الدكتور صادق على حضور اجتماع للسلفيين، وإن لم يحضر مثل هذه اللقاءات الإسلاميّة والتربويّة والفكريّة فماذا إذا! ولا أخال هؤلاء يطلبون من الصادق أن يحضر اجتماعات في حانة ليليّة لنخب تعاقر أكثر ممّا تناقش.. ثم هم يقولون بصيغة الاستغراب الذي يميل إلى الإدانة المغلظة أنّ الشيخ راشد الغنوشي يمجّد الشيخ عبد العزيز بن باز من على صفحات جريدة سعوديّة، والشيخ بن بازّ كما يعلم الجميع عالم أفنى عمره في طلب العلم والتعبّد رغم أنّه كفيف، إلى جانب ذلك الرجل اجتهد أصاب في مواضع وأخطأ في أخرى وقبل كل هذا هو في ذمّة الله ولم يفعل الغنوشي شيئا إلا أنّه طبّق الحديث الشريف الذي يليق في حق العوام ناهيك عن العلماء "اذكروا محاسن موتاكم".