أوضح باحث في مجال الكيمياء الجيولوجية سبب خطورة التعرض للرماد البركاني الناجم عن انفجار بركان آيسلندا الذي وقع منتصف الشهر الجاري، مشيرًا إلى دور البيئة المحيطة في زيادة خطورة نوعية الجسيمات التي يحويها الغبار المنبعث من هذا الرماد البركاني، حسب وكالة "قدس برس". وكان بركان يقع أسفل نهر "إيجافجالا جوكول" الجليدي الموجود في الجزء الجنوبي من آيسلندا، بدأ ثورته الأربعاء الماضي للمرة الثانية خلال مدة شهر، حيث أدى ذلك إلى تصاعد الرماد البركاني مسافة تتراوح ما بين 6 و11 كيلومتراً في الجو.
ويؤكد الدكتور جاي ميللر وهو عالم بحث في مجالي علوم الكيمياء الجيولوجية وعلوم الصخور النارية المتحولة في جامعة تكساس الأمريكية أنه عندما يصطدم الصهير البركاني بدرجة حرارة تبلغ 1200 درجة مئوية بالماء الذي تقترب درجة حرارته من التجمد، فإنّ ذلك يُنتج رمادًا بركانيًّا يحوي قطعًا شبيهة بالزجاج.
ويقول إنّ هذه القطع الزجاجية يمكن أن تعطل محركات الطائرات بسهولة أو تمزق النسيج الرئوي عند استنشاقها، معتبرًا أنه يمكن التعامل مع هذا الرماد البركاني على أنه "قاتل حقيقي".
ويقول ميللير الذي عكف على دراسة البراكين في آيسلندا خلال فترة ربع قرن إنّ معظم البراكين في آيسلندا تثور مرة واحدة كل خمس سنوات تقريبًا، وهو ما يحدث على شكل ثورات بسيطة نسبيًا، باستنثاء ما حدث في عام 943 ميلادي وعام 1783 حين غطى الرماد البركاني معظم اوروبا وذلك على نحو مشابه لما يحدث الآن.
ويعتقد الباحث أنه من المحتمل استمرار ثورة البركان لفترة من الزمن "ولكن ذلك غير مؤكد، إذ أنه من الصعب جدًّا التنبؤ بسلوك البراكين الموجودة في هذا الجزء من العالم".
وقالت منظمة الصحة العالمية الجمعة إنّ ثورة بركان ايسلندا التي شلت حركة الملاحة الجوية في جزء كبير من أوروبا قد تضر أيضا الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في التنفس.
وقال المتحدث دانييل ابشتاين إنّ المنظمة التابعة للامم المتحدة لم تتأكد بعد من المخاطر الصحية من هذه الثورة بعينها لكن بمجرد تكون مثل هذه السحب قد تمثل خطورة.
وقال خلال إيجاز "أي مادة جسيمية مترسبة ويجري استنشاقها إلى الرئتين تشكل خطرا على الناس لذلك نحن نشعر بالقلق إزاء هذا الشأن لكن ليس لدينا تفاصيل حتى الآن".
وقال ابشتاين إنّ منظمة الصحة العالمية كانت وضعت إرشادات صحية في عام 2005 على الجزيئات المنبعثة من الانفجارات.
وقال ابشتاين "هذا أمر خطير جدا على الصحة لأنّ هذه الجزيئات عند استنشاقها يمكن أن تصل إلى المناطق المحيطة من القصيبات التنفسية والرئتين ويمكن أن تسبب مشاكل وخاصة للأشخاص الذين يعانون من الربو أو من مشاكل بالجهاز التنفسي".
وقال خبير اسكتلندي في مجال الأمراض التنفسية أنّ الرماد الذي يسقط على بريطانيا من غير المرجح أن يسبب ضررا كبيرا حيث يتطلب الأمر التعرض بشكل كبير جدا للغبار المنخفض السمية حتى يكون هناك تأثير على الناس.
وقال كين دونالدسون أستاذ علم السموم التنفسية في جامعة أدنبره "هناك تأثير ضعيف بشكل كبير في الغلاف الجوي حيث يتشتت بفعل الرياح مما يعني أنّ الكمية التي تصل إلى الأرض صغيرة للغاية".
وقال ابشتاين إنّه يتفهم أنّ سحابة من هذا البركان مازالت عالقة مرتفعة في الغلاف الجوي وأنّ الجزيئات لم تبدأ في الترسب على الأرض.
وقال إنّه عندما يحدث ذلك ستزيد المخاطر الصحية وينبغي أن يبقى الأشخاص الذين يعانون الربو أو مشاكل تنفسية أخرى في أماكن مغلقة أو أن يرتدوا أقنعة واقية إذا اضطروا للخروج كما هو الحال في أي حالة تلوث جوي أخرى.
واتفق دونالدسون على أنّ الناس المصابين بأمراض بالرئة بالفعل يجب أن يبقوا في أماكن مغلقة إذا كان هناك تغيير ملموس في مستويات الجسيمات.
وأدى هذا الثوران الذي بدأ يوم الإربعاء من بركان تحت النهر الجليدي الايسلندي إلى حالة فوضى في حركة السفر جوا في أوروبا لم تشهدها منذ هجمات 11 سبتمبر قبل تسع سنوات.