الداخلية تنشر فيديو لعملية اخلاء مناطق بالبحيرة من خيام المهاجرين    المعتمد الأول بولاية باجة يوضّح بخصوص "توطين المهاجرين"    سوسة: تدشين محطة التطهير بمدينة كندار.    فاو: ارتفاع مؤشر أسعار الغذاء... اللحوم والزيوت النباتية والحبوب    مشروع المدرسة التعاونية.. وزيرة التربية توضّح و جامعة التعليم الثانوي تطالب بأن تكون طرفا فاعلا    لجان البرلمان مستعدة للإصغاء الى منظمة "كوناكت" والاستنارة بآرائها    حي التضامن: حجز 200 كلغ من لحوم الدواجن غير صالحة للاستهلاك (صور)    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    نتائج قرعة الدورين ثمن وربع النهائي لكاس تونس لكرة القدم    ألكاراز ينسحب من بطولة إيطاليا المفتوحة بسبب الإصابة    عاجل/ أعمارهم بين ال 16 و 22 سنة: القبض على 4 شبان متورطين في جريمة قتل    العثور على جثة آدمية مُلقاة بهذه الطريق الوطنية    عاجل/ القبض على بحّار يروّج المخدرات بهذه الجهة    ما قصة هروب افارقة من حافلة متجهة إلى ولايتي جندوبة والكاف ؟    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها    مراسلون بلا حدود: تونس في المرتبة 118 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2024    هيئة الانتخابات في إجتماع مع وزارة الخارجية    الرابطة الأولى: النادي البنزرتي يستضيف الأولمبي الباجي في حوار فض الشراكة في الصدارة    الرابطة الأولى: تعيينات حكام مقابلات الجولة الثانية إيابا لمرحلة تفادي النزول    كرة اليد: بن صالح لن يكون مع المنتخب والبوغانمي لن يعود    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    188 قتيلا في فيضانات جراء الأمطار بكينيا..#خبر_عاجل    قرعة كأس تونس 2024.    جندوبة: 6 سنوات سجنا وغرامة مالية لممثّل قانوني لجمعية تنموية    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه.    الحمامات: اختتام فعاليّات الصالون المتوسّطي للتغذية الحيوانيّة وتربية الماشية    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    فوز التونسي محمد خليل الجندوبي بجائزة افضل لاعب عربي    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    أبل.. الأذواق والذكاء الاصطناعي يهددان العملاق الأميركي    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    حالة الطقس ليوم الجمعة 03 مارس 2024    المنظمة الدولية للهجرة: مهاجرون في صفاقس سجلوا للعودة طوعيا إلى بلدانهم    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    عاجل/ اكتشاف أول بؤرة للحشرة القرمزية بهذه الولاية..    زلزال بقوة 4.2 درجة يضرب إقليم بلوشستان جنوب غرب باكستان    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    اليونسكو تمنح جائزة حرية الصحافة للصحافيين الفلسطينيين    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    إصابة 8 جنود سوريين في غارة صهيونية على مشارف دمشق    مجاز الباب.. تفكيك وفاق إجرامي مختص في الإتجار بالآثار    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    صفاقس : غياب برنامج تلفزي وحيد من الجهة فهل دخلت وحدة الانتاج التلفزي مرحلة الموت السريري؟    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    هام/ الترفيع في أسعار 320 صنفا من الأدوية.. وهذه قيمة الزيادة    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 2 ماي 2024    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى يتوقف الجورشي عن قصف سيارات الإسعاف؟
نشر في الحوار نت يوم 20 - 05 - 2010

بمناسبة الجدل الدائر حول عودة بعض الوجوه النهضوية المهاجرة الى البلاد، نشر الصحفي صلاح الجورشي مقالا في جريدة العرب ينتصر فيه لأطروحة السلطة في تشجيع الخلاص الفردي وحل الملفات فرديا بعد نزع الصبغة السياسية عنها وفي هذا المقال سأحاول بشكل شخصي لا يلزم اي جهة التفاعل مع ما جاء في مقال الجورشي:
يقول الجورشي: "لا يزال بعض المنتمين إلى حركة النهضة يوجهون أسلحتهم الثقيلة ضد من كانوا يعتبرونه أحد مراجعهم الفكرية، لمجرد حصوله على جواز سفر من القنصلية التونسية بباريس، وإعلان استعداده للعودة إلى بلاده". وبدل "أن يعتبر ذلك مؤشرا على تطبيع تدريجي وخطوة متقدمة نحو تحقيق انفراج سياسي قد يكون أكثر أهمية، رأت فيه بعض كوادر الصف الأول من الحركة "مؤشر خيانة" وعلامة عدم انضباط، ومنهم من بلغت به الجرأة إلى التشكيك في معتقداته، ناسفين بذلك تاريخهم المشترك مع رجل قاسمهم الأيام الصعبة".
صلاح الجورشي يعلم وكل مطلع على الجدل الدائر بين اسلاميي النهضة ان هذا الكلام لا يعدو ان يكون افتراءا صريحا واتحدى الجورشي ان يأتي بدليل واحد يتهم فيه أحد "كوادر الصف الأول للحركة" كما يسميهم، واحدا من الذين عادوا بالخيانة أو يشكك في معتقداته فضلا عن ان يكون هذا الاتهام موجها للدكتور عبد المجيد النجار.
هذه القطعة الفنية البديعة في النميمة السياسية والفتين والتحريش ومحاولة شق الصفوف وتأليب الناس ضد بعضهم عبر عنها الجورشي ب "هذه الفقرة البسيطة التي وصفت المشهد كما هو "وأبدى استغرابه من أنها"لم تعجب أحد كوادر حركة النهضة في المهجر، وبدل أن يناقش الأمر بموضوعية، أو يستحضر سنوات طويلة من الدفاع عنه وعن إخوانه، اتهم صاحب المقال بأنه "أحد عملاء المخابرات التونسية". هكذا! وأضاف في رسالة داخلية موجهة إلى أعضاء حركته من دون تردد أو خجل "قد يستغرب البعض وصف الجورشي بذلك ولكن تلك هي الحقيقة وسأبين ذلك في مقال منفصل إن شاء الله". ولا أزال أنتظر بفارغ الصبر الأدلة "القاطعة" التي يملكها هذا المدعي.
لن نعلق ابتداء على طريقة حصول الجورشي على هذه الرسالة الداخلية أو "من الداخلية" لأن السيد صلاح قد اختص الاشهر الاخيرة في الحصول على وثائق داخلية (أو الداخلية) تخص حركة النهضة وتطور الامر أخيرا ليصبح متعلقا برسائل خاصة!!! وجعلها موضوعا لمقالاته الصحفية فيحقق غرضين الاول مادي لان المقالات التي يكتبها استنادا الى هذه الوثائق الخاصة التي تسرب له او يحصل عليها بطرقه الخاصة هي مقالات مدفوعة الاجر والغرض الثاني هو خدمة أوهامه وآمانيه في ان النهضة على وشك الاندحار مرة او الانشقاق مرة او الانتحار مرة اخرى.
الجورشي يخون نفسه مرتين وهو يفعل ذلك، يخون الصحفي الذي عليه واجب الحياد والتوازن في معالجة مواضيعه وعدم استعمال الوسائل المخابراتية مصدرا لمعلوماته وانخراطه طرفا في الأحداث التي يغطيها حتى أصبح موضوعا لمقالاته. وقد كان مفهوما ان يكتب الجورشي عريضة الدفاع هذه ووصلة الردح ضد أبناء بلده بشكل تطوعي في المواقع التونسية وهي كثيرة أما ان يستغل مقاله في صحيفة قطرية (ماذا يهم المواطن القطري في هذا المقال؟؟؟) فذلك عين .......... ومرة أخرى يخون الجورشي صفته الحقوقية من خلال انتهاك حرمة وسرية المراسلات الخاصة وهي من ابسط حقوق الانسان.
لن نسأل الجورشي كيف حصل على هذه الرسالة الداخلية وكيف تأكد من صحتها ولكن نلفت نظره وقد استعملها اساسا لعريضة اتهام طويلة اصدر بعدها حكما باتا بانتحار النهضة وفنائها ان انظمة القضاء التي مازالت تحترم نفسها مازالت لا تسمح باستعمال التنصت على بريد وهواتف الغير دليلا في اي محاكمة ولو قدم الجورشي هذه الرسالة لاي قاض يحترم نفسه لأحاله فورا بتهمة التلصص أصالة او نيابة على البريد الخاص للناس. قد لا ينفع اللوم كثيرا فيها هذا المضمار بعد ان تحول التجسس والتنصت على المواطنين إلى هواية وطنية في تونس.
المهم هو ما اعتبره الجورشي اتهاما يصل الى درجة التخوين والاعدام السياسي وهو ما اتهمه به صاحب الرسالة الخاصة التي حصل عليها الجورشي بوسائله الخاصة من انه عميل للاستخبارات التونسية.
قبل المضي قدما دعنا نلقي نظرة على معنى هذا الاتهام بالعمالة
فالعميل- في الأصل- هو الذي تجمعه "معاملة" ما، مع جهة ما.. والمعاملة تبادل العمل "أي المنفعة"
• وينقسم العملاء في هذه الدنيا الى قسمين كبيرين:
1- "العملاء الكرام" وهم عملاء البنوك والبيوتات التجارية والشركات والمؤسسات التي تتعامل مع جمهور محدود أو مخصوص، 2- العملاء غير الكرام.. وهؤلاء هم العملاء الذين اذا دعوت أحدهم بلقب "عميل" ذهب إلى قسم الشرطة ورفع عليك دعوى قضائية..( انظر مقال علي يسhttp://www.sudanile.com/index.php?option=com_content&view=article&id=12920:2010-04-06-06-11-46&catid=929:2010-01-08-11-29-06&Itemid=64 )
إذا سلمنا ان أجهزة الاستخبارات التونسية هي ما تبقى من الدولة بعد ان نزع عنها اللحم والشحم البورقيبي فإن الاتهام الذي حملته الرسالة الخاصة يصبح اتهاما بتبادل المنافع مع الدولة أو مع عمودها الفقري جهاز استخباراتها. ولا ادري لماذا استفز هذا الامر السيد صلاح الى هذه الدرجة. هل ينكر ان له معاملات اساسها تبادل المنفعة مع جهاز الاستخبارات التونسي؟؟ ولماذا يعتبر ذلك خيانة؟؟ هل النظام التونسي بهذه الدرجة من السوء؟؟ هل هو نظام أجنبي أو عدو بحيث يصير التعامل معه او العمالة له خيانة واعداما سياسيا؟؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا يشجع الناس على العودة والارتماء في أحضان هكذا نظام؟؟
لا أظن أن صاحب الرسالة الخاصة التي تسربت الى الجورشي كان يرمي الى تخوينه او إعدامه سياسيا إذ لو كان يبغي ذلك لسأله مثلا عن مصادر تمويل منتدى الجاحظ الذي يتولى –بالمناسبة- السيد صلاح رئاسته منذ أكثر من عشرين سنة (طبعا التداول على المسؤولية مطلوب فقط في النهضة). هل يأتي التمويل من المعسكر الديموقراطي ام من معسكر المحافظين الجدد في الولايات المتحدة؟؟ ولو كان يريد إعدامه سياسيا لسأله لمذا يتمعر وجهه ويغضب كلما طالبه الشباب في الجلسة العامة لمنتدى الجاحظ بعرض الميزانية ومصادرها؟؟ ولسأله عن آخر مرة عرض فيها تقريرا ماليا لمنتدى الجاحظ أو للرابطة التي يشغل فيها موقعا متقدما؟؟ لو كان صاحب الرسالة يريد تخوينه لسأله عن شبكة معارفه التي مكنته من الوصول الى مصادر التمويل في امريكا وإلى اي دولة وطائفة تنتمي؟؟
لو اراد صاحب الرسالة إعدامه سياسيا لسأله من أين له هذا وقد انطلق في عالم المال من محل تجارة مفلس كما يروي عادة؟؟ في بريطانيا يسمح القانون لاي مواطن ان يطلع على وثائق المحاسبة والحسابات البنكية لاي منظمة من منظمات الخدمة العامة فلو كان صاحب الرسالة يريد تخوينه لطلب منه عرض حسابات المنظمات التي يرأسها السيد الجورشي او يتولى فيها مهام قيادية وهي كثيرة بالمناسبة بما يوضح مصادر تمويلها ومجالات صرفها واستفادته هو الشخصية من ذلك ان وجدت طبعا.
لو كان صاحب الرسالة يريد تخوين الجورشي لاتهمه انه مازال يقبض ماديا من خلال تمويل مشاريعه ومعنويا من خلال دمجه في قيادة عدد لا يحصى من المنظمات الحقوقية، ثمن موقفه المؤيد للهجمة الاولى على العراق ولذكّره بمقال له قديم ( مجلة حقائق 11 الى 17 جوان 1993) يبرر فيه التدخل العسكري الاجنبي في وقت كانت نظرية الحرب الاستباقية التي تكتوي بنارها أمتنا، تطبخ على نار هادئة في الغرف المغلقة للمحافظين الجدد. يقول الجورشي في المقال: "ما نريد لفت النظر اليه بايجاز شديد هو ان لا يتسرع دعاة حقوق الانسان في هذه المسالة والا يكونوا مثاليين اكثر من اللزوم حتى لا يقدموا خدمة للجزارين والطغاة ...أشرح فاقول ان تشابك المفاهيم والمصالح والعلاقات على المستويين الاقليمي والعالمي قد بلغ من التعقد والتداخل درجة جعلت مفاهيم السيادة والاستقلال والدولة الوطنية تتراجع او تفقد معانيها الاصلية (كذا) ونأتي للتدخل الانساني فنجد ان الراي السائد تقريبا هو ما تم التعبير عنه في ندوة اميلكار والداعي الى الوقوف في وجه تدخل الدول مع وجوب تدخل الجمعبات والمنظمات غير الحكومية. لكن هذا الموقف مع الاخذ بعين الاعتبار دوافعه ... لن يساعد اطلاقا على حل بعض المشكلات التي تعفنت الى درجة لم يعد ينفع معها الحلول والمقترحات السلمية.!! انتهى
لو اراد صاحب الرسالة اعدامه سياسيا لذكره بعملية السطو التي مارسها على اجزاء من مقال للباحث التونسي الطاهر لسود ونشرها قي مقال مدفوع الاجر في صحيفة الوسط البحرينية، وهي جريمة يعاقب عليها القانون، ورده المتاخر والبائس على ذلك الاتهام. انظر (http://www.tunisnews.net/3avril04.htm
http://www.tunisnews.net/29avril04.htm
بما ان صاحب الرسالة السرية لم يرد لا تخوين السيد صلاح الجورشي ولا إعدامه سياسيا فأنه لم يتعرض لاي من هذه المسائل وانما اتهمه بالعمالة اي بتبادل المصالح مع جهاز الاستعلامات التونسية والحقيقة ان انكار السيد صلاح لهذه التهمة مما يثير الاستغراب حقا خاصة والامر يتعلق بالمعركة بين النظام التونسي والنهضة. ولسنا هنا بصدد تحقيق من أخطأ ومن أصاب في هذه المعركة فالنهضة قد اعترفت بأخطائها وقامت بمراجعاتها ولكن يهمنا في هذا المقام تحديد المواقف حتى لا يأتي أحد ويقول – معتمدا على قصر ذاكرة وطيبة قلب الضحايا- ليقول لهم بعد خروجهم من حالة "الكوما" أنه كان معالجا لهم بينما هو في الحقيقة كان يركب نفس السيارة التي صدمتهم!!
عندما يتحدث الجورشي عن الحيادية والصداقة وعن دفاعه عن صاحب الرسالة وإخوانه هنا وجب إعادة المشهد لتتبين الصفوف وليتحمل كل شخص مسؤولية مواقفه. ونحن نتحدث عن أتون المعركة من 1990 إلى 1996 عندما كان الناس تسلخ جلودهم في زنزانات الموت. أما بعد ذلك وبعد أن دشن السيد محمد مواعدة موسم الحج إلى لندن وبعد ان اقتنعت الطبقة السياسية أن الضحية (النهضة)لم تنته كما بشر الجورشي في إحدى افتتاحيته في تلك الفترة فقد اعيد فرز المواقع والمواقف. سيهمنا حتما معرفة اين كان يقف الجورشي مثلا في 1991 عندما تمت عملية قتل زميله في الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان عبد الرؤوف العريبي تحت التعذيب وثقبت ركبه بالمثقاب الكهربائي؟؟ كما سيهمنا قطعا معرفة مكان وقوف الجورشي عندما تم اغتيال زميله في الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان سحنون الجوهري.
سيهمنا حتما معرفة لماذا قبل الجورشي المشاركة سنة 1995 - وبعد اغتيال الجوهري بقليل- في مؤامرة حبكتها أجهزة الامن التونسية من خلال تسريب خبر موت أحد السجناء السياسيين فلما أصدرت النهضة بيانا للتنديد بذلك مكنت السلطة الجورشي من زيارة ذلك السجين لإصدار بيان يثبت فيه خطا بيان النهضة في محاولة لضرب مصداقية الاخبار القطعية والصحيحة التي كانت تتسرب حول التعذيب الرهيب الذي كان يمارس في محلات وزارة الداخلية؟ وإفشال الحملة الإعلامية التي انطلقت بمناسبة استشهاد سحنون الجوهري.
انا ازعم ان الجورشي في هذه المعركة لم يكن مجرد عميل بل كان جنرالا كبيرا فيها، تولى بامتياز ادارة الجبهة الاعلامية من خلال ترؤسه لتحرير "حقائق" المحسوبة على الصحافة المستقلة كما تولى المشاركة ب"ذكاء" في تهدئة الجبهة الحقوقية من خلال ظلوعه في الانقلاب التاريخي الذي شهدته الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان خلال مؤتمر 5 فيفري 1994 والذي تم فيه التخلص من الصوت الوحيد الذي ارتفع في سنوات الرصاص تلك، مدافعا عن الاسلاميين الذين كانوا يساقون الى المذابح: الدكتور المنصف المرزوقي. لعل السيد صلاح يتذكر تلك الجلسة التي سبقت المؤتمر والتي فُرض فيها على د. المرزوقي ان يتخلى له عن صياغة الخطاب الافتتاحي للمؤتمر ولعل السيد الجورشي يذكر انه تولى تطهير الخطاب من لفظة "التعذيب" واي تنديد بالانتهاكات التي كان يتعرض لها آلاف المناضلين النهضويين. وكوفئ السيد صلاح منذئذ بمنصب نائب رئيس مزمن للرابطة مع ما في هذا الموقع من امتيازات في ظل تدفق التمويل الاوروبي وما يمثله من مدخل للوبيات حقوق الانسان حول العالم. مثل إذن هذا المؤتمر الانقلابي خطوة حاسمة في السيطرة على الجبهة الحقوقية واسكاتها لصالح استمرار عملية الاستئصال القاسية التي كانت تتعرض لها الحركة الاسلامية. وبعد سنتين فقط من هذا الانقلاب سأتذوق شخصيا طعم الهدوء الصارم على هذه الجبهة.
في أواخر ديسمبر من سنة 1996 وبعد ست سنوات كاملة من مغادرتي البلاد استمرت فيها أجهزة الأمن التونسية في ممارسة أبشع الاعتداءات على والدي العجوزين واخوتي وأصهاري لم يكتف المشرفون على اجهزة التعذيب في بلادنا بكل هذا فوقع اعتقال والدتي (السيدة صالحة عزوز) وكان سنها آنذاك يناهز السبعين بصحبة اخي يوم الاثنين 23ديسمبر 1996 واقتيدت الى مقر الاستعلامات حيث وقع استنطاقها والاعتداء عليها لطما على وجهها مما تسبب في سقوط اربع من اسنانها كما وقع تمزيق حجابها والاعتداء عليها بالكلام الفاحش وسب الجلالة. وفي نفس الوقت وقع تعذيب اخي في غرفة مجاورة بينما كانت امه تسمع صياحه. وفي الساعة العاشرة ليلا امروها بمغادرة مقر الاستعلامات ولما رفضت ان تفعل الا بصحبة ابنها وقع رميها في الشارع ووجهها مغطى بالدماء حتى تطوع احد سائقي سيارات الأجرة بايصالها الى المنزل. التهمة هي الرابط العائلي مع سخص تعتبره الاجهزة الامنية مجرما.
لما بلغني الخبر اتصلت مباشرة برئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان باعتبارها وقتها المؤسسة الوطنية الوحيدة المعنية بالدفاع عن الضحايا (قبل أن يصبح تمويلها من الاتحاد الأوروبي) في هذا المجال. بدأت في سرد قصتي فاستوقفني المحامي توفيق بودربالة قائلا: أشكون معايا؟؟ فلما أجبته دخل في حالة هستيرية من الصياح محتجا عن اتصالي به ثم علق الهاتف..
اتصلت بعده بسي صلاح الجورشي نائب رئيس الرابطة (نعم السيد صلاح الجورشي من وقتها وقبلها بسنوات يشغل هذا المنصب هو المنادي بالتداول على المواقع في مخالفة صريحة لتقاليد العمل الجمعياتي السليم وللوائح الرابطة وتجاوز لقوانينها ما أدى للشلل الذي تعاني منه اليوم والصراعات التي تهزها) إذن أخبرته بالقصة وبما حصل مع رئيسه وطلبت منه ان تتدخل الرابطة فرد أنه ليس له ما يفعله في هذه القضية وعلق الهاتف مرة أخرى!!!!
هذه الهرسلة لعائلتي تتواصل منذ 20 سنة كاملة وآخر زيارة لعناصر أمن الدولة لبيتنا كانت قبل شهرين فهل يذكر الجورشي الذي يمن علينا بالدفاع عنا بيانا للرابطة ذكر فيه هذه الحالة؟؟ صهري الذي سجن ثلاث سنوات كاملة بتهمة حضور زفاف شقيقته مازال منذ مغادرة السجن قبل11 سنة ممنوعا من السفر ومن العودة الى عمله ومن اي تعويض هل تعرفه الرابطة او نائب رئيسها؟؟؟
هذا بمناسبة ما منّ به سي صلاح علينا من "سنوات طويلة من الدفاع عنه وعن إخوانه" كما جاء في مقاله. وهو عمل إذا لم يفسده المنّ أفسده الادعاء الكاذب.
قطعا لم يكن الجورشي محايدا ولا صديقا عندما يكتب في نفس الاسبوع (11 اكتوبر الى 17 اكتوبر 1991) الذي أعدم فيه ثلاثة شبان إسلاميين بتهم زائفة ذاكرا "مخاطر الخط الانقلابي لحركة النهضة على المجتمع المدني"!!
لم يكن الجورشي محايدا عندما جعل من مجلة حقائق آلة من آلات حرب الاستئصال البشعة فاتحا الباب على مصراعيه لحملة الكذب والبهتان التي كانت تفرخها مصالح الامن وترسل الى الصحف التونسية لتتولى نشرها.
كان الجورشي قائدا بامتياز في الجبهة الاعلامية للسلطة الاستئصالية عندما كتب في أتون أكبر عملية استئصال وانتهاك تشهدها بلادنا في تاريخها الحديث وعلى بعد أسابيع من أكبر وابشع محاكمة عسكرية ستبقى وصمة عار في جبين الدولة التونسية حتى تمحى آثارها بالكامل. في هذه الظروف (6 الى 12 نوفمبر 1992) يكتب السيد الجورشي: "مع الرئيس بن علي اختلفت الصورة وكاد قصر قرطاج يتحول الى بناء بلوري شفاف (كذا). الذين لم يحلموا بمحادثة رئيس الدولة على انفراد توفرت لهم الفرصة ومروا بالتجربة. والذين كانوا يعتقدون ان الموت أقرب اليهم من الوزارة فتح امامهم باب المسؤوليات على مصراعيه .. تلاميذ المدارس دخلوا القصر الرئاسي وهم كابنتي لا يصدقون ان رئيس الدولة ياكل الطعام وينام كما ينام الجميع. حتى الذين لم يزرهم معتمد طيلة حياتهم وجدوا أنفسهم في يوم من الايام يحتضنون في اكواخهم البائسة الرجل الاول في البلاد!! انتهى
سؤال يطرح نفسه هنا هل اطلع زملاء صلاح الجورشي في الهياكل الحقوقية الدولية على هذه القطع البديعة في النفاق السياسي؟؟ وهل كتب السيد الجورشي هذا مجانا؟؟ لا قطعا. لماذا؟؟
الجواب في مقال هام جدا للسيد الجورشي نشره في حقائق (من 5 الى 11 مارس 1993) يقول فيه: "قبل التفرغ كليا للعمل الصحفي توهمت اني قادر على إدارة مشروع خاص ففتحت بمعية شريك ورشة نجارة وانتدبت لها محترفا أثق به وعددا من مساعديه. وبما اني كنت في تلك الفترة مراهقا سياسيا اتحدث كثيرا عن الجماهير المستضعفة وأدعو الى الملكية الجماعية وأرى في السلطة واثريائها مصدر كل الكوارث جمعت العمال واعلمتهم بانهم سيتحولون إلى شركاء في راس المال بعد استقرار المؤسسة وانهم سيعملون حصة واحدة طيلة فصل الصيف وهو أجراء غير معهود في الورشات الصغيرة وحتى الكبييرة)
كانت تلك من اسوإ التجارب والفترات التي عشتها لقد استبلهتني العينة من الجماهير التي تعاملت معها: تدهور مستوى الانتاج الى حد الافلاس وتصفية المشروع وأذكر يومها ان المحتسب الذي أشرف على التصفية قال في خاتمة المشهد: آسف لقد تجاهلت قوانين السوق".انتهى
لن نستطيع الجزم بصحة الرواية التي اوردها الجورشي لان "شركاءه" من العمال البسطاء لا تتوفر لهم وسائل إعلام يسخرونها للحديث عن احوالهم الخاصة والنكاية في خصومهم. ولكن سنسلم له بها لأن المتابع لمسلك السيد الجورشي سيكتشف ان هذه الحادثة قد حكمت مسلكيته الحقوقية والاعلامية والسياسية : قانون السوق". بمعنى العرض والطلب والاصطفاف مع من اسهمه في ارتفاع.
لم يكن صلاح الجورشي في أي يوم من الايام محايدا ولا صديقا فضلا عن أن يكون مدافعا عن النهضة
فالسيد صلاح الجورشي وليس منذ مكالمتي إياه بل قبلها بست سنوات اختار معسكره في الحملة الاستئصالية التي أطلقتها السلطة ضد حركة النهضة بعد انتخابات افريل 1989 بدء من انخراطه هو ومجموعته في مشروع محمد الشرفي الذي سمي لاحقا بعد أن تبنته اللجنة المركزية للتجمع الدستوري الديموقراطي بخطة تجفيف الينابيع. يقول الجورشي عن اختياره الذي سيحكم مسيرته على مدى العشرين سنة القادمة: "كما كان (الشرفي) حريصا على معرفة رأيي عندما عرضت عليه الوزارة، وهو ما زاد من تقديري لشخصه. وقد شجعته على تحمل المسؤولية، وذكرت له أن عديد المصلحين -مثل الشيخ محمد عبده- غامر واقتحم مجال إصلاح التعليم. وقد شكل ذلك العرض منعرجا هاما في مسيرته، إذ لامه البعض بحجة أن النظام كان يريد توظيف كوادر حركة الإنسان لأهداف سياسية. وعندما اندلع الخلاف بينه وبين قيادة حركة النهضة بعد توليه وزارة التربية والتعليم العالي، والضجة الكبرى التي حدثت بعد ندوته الصحافية، صدر بيان شهير عن حركة النهضة تضمن إشارة بتكفيره. يومها كتبت افتتاحية بمجلة «حقائق» التي ترأست تحريرها، فأدنت نزعة التكفير، ووقفت إلى جانب توجهات الشرفي الإصلاحية الخاصة بمراجعة المقررات الدراسية، بما في ذلك المتعلقة بمادة الفكر الإسلامي" (صحيفة 'العرب' (يومية – قطر) الصادرة يوم 17 جوان 2008) طبعا لا يذكر لنا الجورشي في هذه الشهادة المبتسرة أن بعض مجموعته التحق بوزارة الشرفي للعب دور الأداة في تنزيل مشروعها الاستئصالي ولا عما صاحب هذا البرنامج الاستئصالي من طرد لآلاف من رجال التعليم المتدينين. كما لا يحدثنا عن تورط صديقه الوزير في تطهير الجامعة التونسية وخاصة أقسام العلوم الانسانية من العناصر ذات التوجه الاسلامي. لا يحدثنا عن رحلة بعض مبعوثي الوزير إلى المملكة المغربية وطلبهم الى وزارة التعليم العالي هناك ان تمنع الطلبة الاسلاميين التونسيين الذين لجؤوا اليها لمواصلة تعليمعهم من التسجيل في أقسام الفلسفة!! هذا كله في مرحلة ما سمي بالمواجهة الثقافية. ثم بعدها وعندما انطلقت حملة الاستئصال الامنية لا يحدثنا الجورشي عما قام به صديقه الوزير من الاذن بإطلاق الرصاص على الطلبة في الحرم الجامعي ما أدى الى استشهاد طالببن يوم 8 ماي 1991 والتبجح بهذه الجريمة على شاشة التلفزة والزج بآلاف الطلبة في السجون وفي معسكرات التجنيد الإجباري في الصحاري التونسية.
لم يحدثنا أيضا السيد صلاح الجورشي عن مجلة حقائق ولماذا أسندت له رئاسة تحريرها في هذه الفترة الحساسة من العلاقة بين النظام والاسلاميين ولا عن خطها التحريري. في جلسة صدق مع نفسه ادعو السيد الجورشي الذي يوزع الدروس يمنة ويسرة في حاجة النهضة الى المراجعات العميقة والنقد الذاتي ان يجمع حوله مئات الافتتاحيات التي كان يكتبها في سنوات الجمر من 1990 الى 1994 فحتما سيشعر بالكثير من القرف والغثيان.
ولم تفاجئني وصلة الردح والشتم التي انتجها الجورشي بمناسبة اطلاعه على ما يقول انه رسالة خاصة اذ لا تعدو تلك الوصلة ان تكون استدعاء للقاموس الذي استعمله عندما كان جنرالا في الجبهة الاعلامية في حرب الاستئصال على النهضة في اوائل التسعينات.
يختم سي صلاح مقاله بالقول:
في الوقت نفسه، يُعتبر الجدل الدائر منذ أشهر داخل حركة النهضة وفي محيطها الأخطر في تاريخها قد يهدد وحدتها، إذا ما استمر بدون ضوابط وأهداف ولم يؤدّ إلى مراجعات عميقة وجدية.
هذا الكلام يقودنا الى حادثة اخرى تحكم علاقة السيد الجورشي بالحركة الاسلامية الاكبر في البلاد وهي حادثة أول انشقاق تنظيمي في تاريخ (الجماعة الاسلامية/ حركة الاتجاه الاسلامي/ النهضة) ركبت عليه بعد ذلك رؤى أيديولوجية تبلورت فيما سمي بعدها بتيار "الاسلاميون التقدميون" وقد أدى هذا التطور إلى انسحاب جزء كبير من الموقعين على العريضة التي قادها الجورشي سنة 1978رافضين لتحويل مطلب الاصلاحات التنظيمية إلى نظرية في أولوية العقل على النص!!. وهو ما جعل الجورشي يعاني فشلا مزمنا في إبداع نموذجه الحركي.
هذا الفشل سيسكن الجورشي وسيجعله متربصا بالنموذج الذي غادره وفي كل مرة يشهد أزمة او قلقا داخليا يهرع الجورشي مرة مبشرا بانتهاء الحركة ومرة بانشقاقها ومرة بانتحارها. محتضننا للعناصر القلقة التي سريعا ما تعود الى حضنها او تغادر الى مشاغل أخرى راشدة. لم يياس ولم يتعب. لن يتسع هذا المقال لتتبع هذه السيرة فسنتركها لمناسبة أخرى ربما عندما تتسرب للجورشي رسالة خاصة أخرى.
الذي يهمنا هو هذا التهديد المتكرر من الجورشي وغيره للنهضة: تغيري تراجعي ... أو سيقع لك وسيقع لك .. ستنشقين ستفنين .. ألم يأن للنخبة التونسية التي وضعت سكينها مع السكاكين عندما سقطت البقرة ولتلك التي وقفت على الربوة تنتظر الجنازة ألم يأن لهؤلاء أن يوقفوا هذا السخف وابتزاز الضحايا من مواطنيهم الذين يعيشون تحت الحصار إن لم يكونوا راغبين أو قادرين على نصرتهم؟
وليعلم الجميع اننا في هذه الحركة التي تعرضت لأكبر حملة استئصال على مدى تاريخ هذه البلاد الطيبةلم نعد في وارد الجزع على وحدة الحركة وقد كنا كذلك فيما مضى من سنوات عندما كانت رحى الاستئصال تدور تأكل الأخضر واليابس وكان الفراغ هو ما يجده الباحث عن وجود -ولو رمزي- للحركة. وحتى وقتها فقد استعصى الميراث التنظيمي الصلب وشديد المحافظة -رغم ضعفه- على الكسر فما بالك وقد عادت الحركة أو أغلبها. وإن كان من إنجاز يذكر –والانجازات عديدة لو نظرنا الى الواقع كما هو لا كما يصوره الغضب و القلق الحسابات - لقيادة الحركة ولشخص رئيسها خاصة في العشرين سنة الماضية فهو المحافظة على وحدة الحركة في أجواء أشد بمراحل من الاجواء التي تكسرت فيها حركات أخرى في أقطار أخرى بعضها أقدم من النهضة وبعضها أوسع من النهضة. لقد تمتعت القيادة النهضوية بمقدار من سعة الصدر وقدرة على إدارة الخلاف والحوار بين مختلف أبنائها والتزام بخط التوافق التاريخي مكنها من الخروج بسفينة النهضة من السواحل الصخرية التي توحلت فيها على مدى العقدين المضيين لتعود الى المياه العميقة سالمة إلا من شروخ بسيطة. كما نجح أبناء النهضة في المهاجر وفي السجون في جهد جماعي جبار في المحافظة على الخط الفكري والسياسي الوسط بين دعاة الانبطاح ودعاة السلاح.
فحركة النهضة – عندما تكون أقرب الى الوضع الطبيعي- وهذا حالها اليوم في نظرنا، كمثيلاتها من التنظيمات الاسلامية التاريخية والواسعة تستعصى على الشق والتقسيم لما يتطلبه ذلك من تواطؤ قطاعات واسعة من النخب ومن الأعضاء ما لا يتحقق عادة ولما تتميز به أو تعانيه! هذه الحركات من جمود ومحافظة في المستوى التنظيمي وثقافة توحيدية وانضباطية إضافة إلى مناخات المواجهة والتحدي والضغوط التي تتعرض لها من الأعداء والحساد ما يجنبها الهزات القاصمة وهذا لا يمنع أن ينفصل من حين إلى آخر جزء من هذه الاجسام الكبيرة بما لا يؤثر على النسق العام وقد مرت كل الحركات تقريبا في كل الأقطار بتجارب انفصالية بعضها توفرت له أسباب الحياة وبعضها فني وصار درسا.
في رأيي أن التطورات التي تمر بها الحركة تتيح لنا استعادة توازننا في النظر إليها كتجمع تطوعي لخدمة الاسلام والوطن باب الدخول اليه مشرع لمن أقتنع بأهدافه وباب الخروج ايضا مشرع لمن بعدت عليه الشقة أو تغيرت أولوياته أو أهدافه أو اختار اختيارا حرا طريقا آخر ما حافظ على آمانات المجالس وعلى رابطة الأخوة الإسلامية التي تهيمن على غيرها من الروابط.
ولا يعني ذلك ان انفصال اي أخ عن الجسم العام هو مما يبعث السرور في النفس بل الحركة قيادة وصفا مطلوب منها أن تستفرغ الجهد في الحفاظ على اي فرد من أبنائها والاستماع الى مشاغلهم وانتقاداتهم والتفاعل مع المعقول منها مهما بدا شاذا دون ان تخضع للابتزاز الذي يمتطي صهوة الظروف الاستثنائية الانتقالية التي تعيشها الحركة لمساومتها على مسارها السياسي او منهج التوافق الاصيل في تركيبتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.