قليبية: الكشف عن مقترفي سلسلة سرقات دراجات نارية    بطاقة جلب في حق سنية الدهماني    صولة ماء الصوناد ذو جودة    بطاقة جلب في حق سنية الدهماني    عميد المحامين: نتعرّض للتحريض من قبل هؤلاء ما أدى لمحاولة قتل محام    رادس: إيقاف شخصين يروجان المخدرات بالوسط المدرسي    اليوم: فتح باب التسجيل عن بعد بالسنة الأولى من التعليم الأساسي    الرابطة الأولى: تشكيلة الإتحاد المنستيري في مواجهة النادي الإفريقي    بقيمة 7 ملايين دينار: شركة النقل بصفاقس تتسلم 10 حافلات جديدة    قبلي: تواصل تسرب المياه من البئر الجوفية الحارة بمنطقة بشري    عاجل/ غلاء أسعار الأضاحي: مفتي الجمهورية يحسمها    رئيس منظمة إرشاد المستهلك: أسعار لحوم الضأن لدى القصابين خيالية    بلطة بوعوان: العثور على طفل ال 17 سنة مشنوقا    كأس تونس: تغيير موعد مواجهة مباراة نادي محيط قرقنة ومستقبل المرسى    الادارة العامة للغابات ضبطت عشرات النقاط السوداء للحرائق    التضخم يواصل التباطؤ وسط تحديات السياسة النقدية    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    الرابطة الأولى: برنامج مواجهات اليوم لمرحلتي التتويج وتفادي النزول    مقتل 10 أشخاص وإصابة 396 آخرين خلال ال24 ساعة الماضية    عاجل/حادثة اعتداء أم على طفليها وإحالتهما على الانعاش: معطيات جديدة وصادمة..    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    61 حالة وفاة بسبب الحرارة الشديدة في تايلاند    دائرة الاتهام ترفض الإفراج عن محمد بوغلاب    نادي ليفربول ينظم حفل وداع للمدرب الألماني يورغن كلوب    الكشف عن توقيت مباراة أنس جابر و صوفيا كينين…برنامج النّقل التلفزي    بسبب خلاف مع زوجته.. فرنسي يصيب شرطيين بجروح خطيرة    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    أنس جابر في دورة روما الدولية للتنس : من هي منافستها ...متى و أين ؟    بلاغ هام للنادي الافريقي..#خبر_عاجل    مدنين.. مشاريع لانتاج الطاقة    بلا كهرباء ولا ماء، ديون متراكمة وتشريعات مفقودة .. مراكز الفنون الدرامية والركحية تستغيث    أحمد العوضي عن عودته لياسمين عبدالعزيز: "رجوعنا أمر خاص جداً"    شركات تونسية وأجنبية حاضرة بقوة وروسيا في الموعد...صالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس يصنع الحدث    قوات الاحتلال تمنع دخول 400 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين على سفينة في خليج عدن عبر زورق مسلحين    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    ولي يتهجم على أعضاء مجلس التأديب بإعدادية سهلول...القضاء يتدخل    ممثلة الافلام الاباحية ستورمي دانيلز تتحدث عن علاقتها بترامب    المغرب: رجل يستيقظ ويخرج من التابوت قبل دفنه    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    اليوم: تصويت مرتقب في الأمم المتحدة بشأن عضوية فلسطين    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    بنزرت.. الاحتفاظ بثلاثة اشخاص وإحالة طفلين بتهمة التدليس    نبات الخزامى فوائده وأضراره    أولا وأخيرا...شباك خالية    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سابقة.. محكمة مغربية تقضي بتعويض سيدة في قضية "مضاعفات لقاح كورونا"    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج – كلاسيكو الجولة السابعة) : الترجي للابتعاد بالصدارة والنجم لاعادة توزيع الاوراق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إشكالية الرعية والمواطنة (5/7 )
نشر في الحوار نت يوم 01 - 06 - 2010

------------------------------------------------------------------------
بقلم: علي شرطاني – تونس

هذا التراث الذي نعتز به، والذي جمع من الجميل والقبيح، ومن الصواب والخطأ، ومن الجمال والقبح، ومن الغث والسمين، ومن الجيد والرديء، والذي ليس هو المسؤول عنا ولكننا نحن المسؤولون عنه، وهو جزء منا أحببنا أم كرهنا، شئنا أم أبينا، وعلينا مسؤولية مراجعته وإعادة النظر فيه بما يضمن الإستمرارية والتواصل، وبما يضمن ربط حاضرنا ومستقبلنا بماضينا.
والذي يجب أن لا ننساه أن طبيعة النظام والثقافة والمجتمع هي المحدد لمعنى المواطنة والرعية. وقد رأينا معنى المواطنة في المجتمع الحر (الليبرالي الرأسمالي ) الديمقراطي في الغرب. ورأينا معنى المواطنة والرعية في المجتمع الديمقراطي الشرقي بالمعسكر الشرقي المنهار. وليوم نحن نتحدث عن معنى المواطنة والرعية في المجتمع الإسلامي.
وإذا كنا قد أصبحنا في مجتمع مسلم ولمكنه ليس إسلامي حتى يكون نظامه أي منهج حياته إسلاميا. وإذا كنا قد أصبحنا في مجتمع مسلم ولكنه ليس علمانيا بالرغم من المحاولات المستمرة على فرض العلمانية عليه، حتى تكون نخبته علمانية حقيقية ولن تكون كذلك، وحتى يكون نظامه علمانيا أصيلا ولن يكون كذلك وذلك ما ليس ممكنا، وما لا يمكن أن يكون، لأن المجتمع المسلم لا يمكن أن يكون مجتمعا علمانيا، ولا يمكن إلا أن يكون مجتمعا إسلاميا. وإذا كنا قد أصبحنا في مجتمع مسلم وليس إسلاميا، ولا يمكن إلا أن يكون كذلك، وفي مجتمع مسلم ليس علمانيا ولا يمكن أن يكون كذلك، فإنه من الطبيعي أن نعيش هذا الإضطراب وهذه الفوضى في المصطلحات والمفاهيم والمعاني والمضامين. وللخروج من هذه الفوضى يجب علينا، ونحن مسلمون، أن تناول معاني ومفاهيم ومضامين هذه المصطلحات من الثقافة الإسلامية ومن أصولها تحديدا، وفي المجتمع الإسلامي الذي يتجه إليه المجتمع المسلم حتما بحسب الوعد الإلهي.
يقول الشيخ المجاهد راشد الغنوشي حفظه الله وأدام ظله : » إن المجتمع الإسلامي يقوم على التعاقد الحر القائم على مبادىء العدل والمساواة في الحقوق والواجبات والمشاركة في الشؤون العامة على أساس الكفاءة والأمانة والإشتراك في المواطنة على أساس المسا واة «.
ولإنهاء الفوضى في النسيج الإجتماعي المتعدد الأجناس والأعراق والأديان، فقد كان للإسلام مبادرته منذ البداية في رص صفوف مكونات المجتمع وتنظيم علاقاته على أساس من المواطنة الكاملة، في وقت لم تكن فيه هذه الكلمة موجودة ولا معلومة. ولكن الذي أوجد هذا النظام وحدد هذه العلاقات وعدل بين الناس هو النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بمجرد حلوله بالمدينة. وهو الذي يقول أن أولئك رعاة وأولئك رعايا والكل رعاة ورعايا وكلهم راع وكلهم مسؤول عن رعيته.
يقول الشيخ المجاهد » :فلقد بادر النبي صلى الله عليه وسلم منذ حلوله بالمدينة إلى إنشاء دستور ينظم العلاقات بين مواطني المدينة وكانوا مختلفي الأعراق والأديان فمنهم عرب من قبائل مختلفة ومنهم غير العرب ومنهم المسلم ومنهم اليهودي والمشرك..والمنافق...هؤلاء جميعا نظم علاقاتهم الدستور الذي عرف في كتب السيرة والحديث بالصحيفة فأصبحوا أمة واحدة بالمعنى السياسي المعاصر مع الإعتراف لكل طرف بأنه يمثل أمة على أساس روابطه الدينية والعرقي «
فقد نصت الصحيفة عن أمة العقيدة الإسلامية " أن المؤمنين والمسلمين من قريش (المهاجرين ) ويثرب (الأنصار) ومن تبعهم ولحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس «.
وفي حديثها عن أمة السياسة نصت الصحيفة على أن »يهود بني عوف أمة مع المسلمين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم « .
» إن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة «
»وقد نصت الصحيفة على ضرورة الدفاع المشترك عن المدينة ضد كل عدوان وعدم إجارة ظالم أو محدث
أو عدو ...كما نصت على أن هذا التعاقد مفتوح لكل من التحق بالمدينة من مؤمن أو ذمي... « (1)
فقد كان طبيعيا أن يكون معنى المواطنة في الثقافة العلمانية الحديثة مخالفا لما يسبقه من المعاني في مختلف ثقافات الحضارات التي سبقت الحضارة الغربية المعاصرة، لأن هذه الثقافة، وإن كانت تجد لها أصلا في الكتب السماوية المقدسة المحرفة من التوراة والإنجيل، إلا أنها ثقافة الإنسان الغربي الذي آمن بالإنسان وبالإنسان وحده، بالرغم من محاولات تجريده من أي قداسة بإحالته إلى انحداره من سلالة القردة لينتزع من إنسانيته وليحشر في عالم الحيوان بعد أن كان، وعلى امتداد تاريخه البربري الهمجي الوثني والديني التوراتي الإنجيلي المحرف، كافرا بالإنسان وبعقل الإنسان وبالعلم الذي مصدره الإنسان وعقل الإنسان. فمن خلال هذا الإيمان بالإنسان وعقل الإنسان وحده، جاءت جملة من المفاهيم والمعاني الجديدة للكثير من المصطلحات والظواهر والمستجدات. ففي الوقت الذي أصبح فيه إيمان الإنسان بعقله وبعلمه أكثر من إيمانه بالله وبعلم الله، مع الحرص على الفصل بين هذا وذاك. أصبح فيه إيمان الإنسان بكل ما هو إنساني بشري وعقلاني أكثر من كل ما هو ديني إلهي. فالمدني والديني والدعوي والسياسي والديني والسياسي أصبحت مصطلحات رائجة للتفريق بين ما هو إنساني طبيعي من صنع الإنسان وإبداعاته العقلية العلمية والسياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية، وما هو ماورائي غيبي أو ذات أصول ما ورائية غيبية ذات علاقة بالوحي وبالدين. فأخذت المواطنة معنى الإنتماء إلى الوطن الذي يجب أن يتساوى فيه الناس كل الناس على اختلاف ألوانهم وأعراقهم وأديانهم ولغاتهم في الحقوق والواجبات بدون أن يكون اللون أو اللغة أو الدين أو العرق أو الجنس سببا من أسباب التمييز. وكان لابد أن تكون الصورة واضحة في ما تعنيه المواطنة في الثقافة المعاصرة، وما تعنيه في الثقافة العربية الإسلامية ذات الأصول الربانية الإلهية المستندة للوحي ولثوابت الإيمان في العقيدة والشريعة، باعتبارها الثقافة المستمدة من الدين الوحيد الصحيح السالم من كل تحريف وتزوير وزيادة ونقصان. وهو الدين الوحيد عند الله ولا وجود لدين آخر ولا لأديان أخرى عنده. ولا فبول له بها ولا قبول له لأحد عليها. يقول تعالى :" إن الدين عند الله الإسلام " ويقول جل جلاله أيضا :
" ومن يبتغي غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين".
ولعل مصطلح الرعية القديم المعلوم في هذه الثقافة يكون مرادفا لمصطلح المواطنة الحديث أو قريبا منه. ولعل فيه من المعاني والمفاهيم ما يتميز به عن معنى المواطنة، وليس بالضرورة أن يكون معنى الرعية مرادفا أو مساويا لمعنى المواطنة، وإلا فهو مصطلح متخلف ولا يعبر عن المفهوم والمضمون المناسب للكائن البشري المعاصر في النسيج الإجتماعي الحديث، وفي التركيبة والعلاقات الإجتماعية الحديثة في زمن غير الزمن وفي وضع غير الوضع وفي حال غير الحال. ونحب أن لا ننطلق في الحقيقة من فراغ،
ولكن لنا من التراث ومن المصطلحات والمفاهيم والمعاني ما يمكن أن ننطلق منه ونطوره ونضيف إليه وننقص منه، ما لم يكن نصا منزلا أو حديثا شريفا واضح الدلالة لا يحتمل تأويلا ولا نظرا عقليا ولا اجتهادا فيه. وهي من النصوص التي فيها ما هو قابل على أن يعاد فهمها على ضوء الأصول وعلى ضوء المستجدات وتطور الأوضاع والأحوال.
ومن خلال هذه المنهجية، منهجية التطور والإضافة وإعادة الفهم وفق ما تتطلبه المصلحة، مصلحة الإسلام والمسلمين ومصلحة الإنسان عامة، جاءت المحاولات الجادة التجديدية من العديد من المفكرين والعلماء لتوضيح جملة من المفاهيم والمعاني ومصطلحات قديمة جاءت حاملة لمفاهيم ومعاني قديمة قابلة للتطور والتجديد وإعادة الفهم وفق ما استجد من تطورات ومصطلحات ومفاهيم ومعاني جديدة.
من ذلك ما أورده الشيخ المجاهد راشد الغنوشي حفظه الله في كتابه " حقوق المواطنة " الذي عالج فيه برؤية وقراءة جديدة وضعية غير المسلم في المجتمع الإسلامي، عن أكثر من مفكر وعالم مجدد في العالم الإسلامي. ويأتي طرح هذه المسائل في الصراع الثقافي والحضاري، ليس بين المسلمين والغرب، ولكن قبل ذلك والأشد خطرا منه، بين مكونات النخبة العلمانية اللائكية الليبرالية والقومية واليسارية الماركسية اللينينية وغيرها، والعربية الإسلامية، في الصراع المندلع داخل نسيج المجتمعات العربية الإسلامية، بالرغم من أن الثقافة العربية الإسلامية والحضارة العربية الإسلامية هي ثقافة وحضارة تعارف وحوار ومجادلة بالتي هي أحسن، ولكنها تصطدم من موقع التراجع الثقافي والحضاري والإنحطاط مع النهوض الغربي وأخذ الغرب بزمام المبادرة الثقافية والحضارية التين كانتا ثقافة وحضارة صراع وصدام وتدمير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.