المنجي بن إبراهيم مسرحي عمل منذ السبعينات على تأسيس مسرح يعترف بشرعية الحداثة في الفن ويستبعد مستويات الوعي المتدني للعملية الإبداعية. ويدفع لخلق نسق من التفكير الفني الحر ومازال النهوض بالمسرح وترسيخ عادة التردد الدائم عليه لاكتشاف كنوزه ومآثره ديدنه وهاجسه يعكف حاليا على إخراج عمل مسرحي جديد عنوانه «برج لماعز» تنتجه فرقة «المسرح اليوم « التي تمد الساحة المسرحية وباستمرار بعمل كل سنة وقد مكنتها هذه الاستمرارية والتنويع في الإنتاج من المساهمة في بلورة المشهد المسرحي التونسي والعربي عن هذا الجديد وعن مكانة المسرح التونسي حاليا بين المسارح العربية وعن البعض مما يشغل باله تحدث المخرج المنجي بن إبراهيم لقراء «الصباح «فكان هذا اللقاء
ما الذي يشغل بال المنجي بن إبراهيم حاليا إلى جانب مسرحية «برج الماعز»؟ - « برج الماعز « عنوان عمل مسرحي جديد أخذناه عن المسرحية العالمية «جزيرة الماعز» عن الكاتب الايطالي» أوغو باتي» تمثل فيه حليمة داود والبحري الرحالي وريم عبروق وشابة واعدة طموحة اسمها خديجة البكوش قد يكون جاهزا خلال الأسابيع القليلة القادمة وقد نفتتح به الموسم الثقافي القادم وتتمحور هذه المسرحية حول العلاقات الإنسانية ولكن بنظرة حداثية معاصرة تتعلق بذلك التواصل ما بين سائر البشر والذي أصبح يحدوه الشك والتباعد والتنافر. ومن خلال هذا الموضوع ندعو للتساؤل عن ضرورة إعادة النظر في ماهية هذه الروابط الأسرية وأبعادها الإنسانية في عالم صعب المراس وفي عصر تكون فيه التحديات أرضية وساحة تتلاعب فيها هذه الأمواج المتلاطمة باسم الحياة الحديثة وبعنوان العولمة وبركائز الحداثة وما بعدها وما بعد بعدها
صرح نجم الدراما السورية عبد الرحمان أبو القاسم انه بصدد التحضير لتقديم عمل فني جديد معك هل هذا صحيح وهل من معلومات عن هذا العمل ؟ - التقيت والفنان القدير عبد الرحمان أبو القاسم مؤخرا في مهرجان المسرح المحترف بالجزائر حيث كرمت في دورته الأخيرة ويعلم الجميع انه كلما التقى الفنانون إلا وتبادلوا الاقتراحات والأفكار والحقيقة أن عبد الرحمان يعجبني كفنان مسرحي وخاصة في الأعمال التي أخرجها جواد الاسدي . وقد عبر كل منا عن الرغبة في التعامل مع الآخر وهناك مقترحات بصدد الدرس الآن من حيث الجهة التي ستتبنى العمل سوريا أو تونس أو الجزائراو أن يكون العمل خاصا بعبد الرحمان أو أن يكون عملا عربيا شاملا وأنا يهمني انجاز هذا المشروع وان شاء الله تتوضح الأمور أكثر في الأسابيع القليلة القادمة
وأين وصلت تجربة العمل ألمغاربي المشترك الحكواتي الأخير وهل تعتقد أنها الحل لمجابهة ما نعيشه من تحديات ؟ - الحكواتي محطة مسرحية اعتز بها باعتبار قيمتها الفنية أساسا وبعدها الفكري الذي توصل الى انجاز «الوعد» الذي يتبلور خلال المهرجانات والندوات الفكرية وينادي بالتلاقي والتعاون والعمل المشترك فكان هذا العمل ثمرة لمثل هذه الوعود والتي كان لها الأثر الطيب في ما يخص المسرح ألمغاربي.والحكواتي الأخير قدمت سنة 2007 بمناسبة الجزائر عاصمة للثقافة العربية في كل الولاياتالجزائرية بنجاح وقد شرفني أن أكون مخرج هذا العمل الذي كتب نصه المغربي عبد الكريم بن رشيد وقام بادوار البطولة فيه ثلة من ابرز الممثلين بالجزائر ومثل هذا العمل يعد من الحلول المجدية لمجابهة تحديات تفرضها مختلف التكتلات العالمية التي تسعى إلى تثبيت حضورها حتى وان كان ذلك على حساب ذوي التجارب الصغيرة والمحدودة
التشاؤم والاحتفالية في المسرح أيهما المطلوب أكثر في أيامنا هذه ونحن نعيش ما نعيش من نكبات ولأيهما تميل أنت بالذات؟ - أنا أحارب من خلال الأعمال المسرحية التشاؤم لان المسرح يدعو إلى حياة متفائلة حتى وان قدم في إطار أعمال مأساوية وطروحات درامية ومواضيع تراجيدية على غرار المسرحيات اليونانية وأنا لا أحبذ البكاء والعويل فوق خشبة المسرح مهما كانت المواضيع مأساوية
- أنت من محبذي النص المسرحي المكتوب باللغة العربية الفصحى في وقت لا يحسن فيه الممثلون نطقها ويصعب عليهم حفظها أنا من أنصار اللغة العربية ولو أنني تعاملت مع الدارجة وفي اعتقادي ان اللغة العربية تبقى لغة العصر على ان تكون سلسة قريبة من الحياة اليومية ، بالنسبة للممثلين مع الأسف الشديد تراجع ذلك الاهتمام بإعطاء الحروف حقها في النطق مما يؤثر سلبا قي صوتيات الممثل المطلوبة في الأداء المسرحي إذ لا يكفي الأنين والتركيبات المعقدة كالبحة الصوتية والصراخ وغيرها من التعابير التي أخذت الأولوية على حساب النطق السليم للغة مثلما أخذت الألفاظ الهابطة مكان الكلمات الشعرية في التعبير عن هموم الحياة اليومية . أما في ما يخص المتلقي فلا أتصور انه لا يستسيغ اللغة العربة الفصحى عندما تقدم في إطارها الجمالي المعهود
ما زال المسرح التونسي يكرم في المحافل الدولية والعربية فهل هو تكريم للنص أو للإخراج ام للتمثيل ام للتاريخ والأيام الخوالي التي تميز فيها عن بقية المسارح العربية بما أتاه من تجريب؟ - الجانب الأول يؤكد ان المسرح التونسي يتمتع بسمعة طيبة ومازال يحتفى به في بوتقة الريادة واستقطاب الاهتمام من قبل المحافل العربية وخاصة تمثيلا وإخراجا والجانب الآخر قد يجعل من نجاح المسرح التونسي في الساحة العربية ومن خلال ما يقدمه من بحوث تجديدية نبراسا مضيئا وفي نفس الوقت منافسا مهابا من طرف الباحثين عن الصدارة ونحن لا نرى مانعا في أن يكون لكل فئة مبدعة مكانتها المرموقة غير انه يجب أن يحدث ذلك في كنف الاستحقاق المهني والإبداعي وليس بالسعي الى الإبعاد المجاني للأجدر