عاد الهدوء إلى شوارع مدينة نوفي عاصمة إقليم السنجق في صربيا بعد المظاهرات العارمة التي شارك فيها آلاف المسلمين للمطالبة باستعادة أرض الأوقاف الإسلامية التي تمت مصادرتها في العهد الشيوعي، بزعم بناء دار حضانة عليها. وفي تصريحات ل"إسلام اليوم" قال معمر زوكارليتش زعيم المسلمين في صربيا، رئيس المشيخة الإسلامية والمفتي العام الذي قاد التظاهرة :" نريد الحفاظ على السلام والاستقرار، وذلك لا يتأتى بدون عودة الأوقاف المصادرة إلى المشيخة الإسلامية .. وإن الوضع متوتر .. ويمكن أن يخرج عن السيطرة إذا لم تتخذ الخطوات اللازمة"، مؤكدا أن إنهاء المشاكل يكمن في وقف بناء حضانة الأطفال فوق أراض الوقف التي صادرها الشيوعيون بعد الحرب العالمية الثانية. وحول تأجيل المسلمين في صربيا تظاهرة في بلغراد ضد الاضطهاد الديني الذي يتعرضون له في البلاد منذ عدة عقود، قال زوكارليتش:" نحن قررنا تأجيل المظاهرة لتفادي مجزرة كانت ستحيق بالمشاركين، حيث وصلتنا معلومات تفيد بأن مجموعات إجرامية تم تجهيزها لإثارة المشاكل والهجوم على المتظاهرين بلباس الأئمة ليبدو العدوان كما لو كان بين المسلمين أنفسهم". وأضاف:" لم نرد أن نقع في السيناريو الذي أعده مرتكبو الإبادة الجماعية في البوسنة، ونقع في الفخ الذي نصبوه، وبهذا تكشف السلطات الصربية عن وجهها الحقيقي، فنحن نعيش في الألفية الثالثة بدون أي حقوق، ونعيش في ظل التمييز الديني والعرقي، حيث لا يوجد التزام بالدستور والقانون الذي يساوي بين الأديان والعرقيات"، وضرب المفتي معمر عدة أمثلة على ذلك قائلا :" قانون الأديان يضمن شكليا الحقوق .. لكن هذه الحقوق تنتهك عمليا وفي الميدان .. رغم إننا ندعو للحوار وللتفاهم وللتفاوض حول كل القضايا ". واتهم الكنيسة الصربية بأنها تقف وراء كل المشاكل التي يتعرض لها المسلمون في صربيا قائلا :" الكنيسة تقف وراء هذه العمليات التي تستهدف تجفيف ينابيع الإسلام ، لتنشر النصرانية في صفوف المسلمين، وهي أقوى من وزارات التعليم ، والأديان ، وحقوق الإنسان ، ويزعجها التعليم الديني الإسلامي في المدارس لأنه يفسد عليها مخططها.. كما أنها عجزت في السباق الحضاري فلجأت إلى وسائل أخرى، وهو ضرب التعليم الديني الإسلامي ، والتقليل من شأنه ، حيث كان أفضل في الثمانية سنوات الماضية ". وضرب المفتي زوكارليتش بعض الأمثلة على الاضطهاد الديني الذي يتعرض له المسلمون في صربيا رغم أن صربيا تعلن عن نفسها أنها دولة علمانية، قائلا :" أنها تجبر أبناء المسلمين على الاحتفال بما يسمونه عيد القديس في 27 يناير من كل عام، وأيضا يجبر أبناء المسلمين على حضور الطقوس الدينية الارثذوكسية، وترديد المدائح الارثذوكسية والأناشيد الدينية الارذوكسية، وفي كتب التاريخ والأدب ، هناك هجوم على الإسلام والمسلمين" . وحول السبب المباشر الذي دفعهم للإعلان عن تنظيم مظاهرة احتجاجا على الاضطهاد الديني الذي يتعرضون له قال:" هذه أسباب كافية، ولكنهم زادوا الطين بلة وتمادوا في العدوان ، حتى أنهم قاموا بإبعاد ممثل المشيخة الإسلامية في اللجنة الحكومية للتعليم الديني الدكتور مولود دوديتش، وهذا يتم خلافا للقانون الذي ينص على أن المشيخة الإسلامية هي من يختار ممثلها في اللجنة، وهذا تمادي في خرق حقوق الإنسان وعدم التقييد بالقوانين إلى جانب التمييز الديني والعرقي ومحاولة التغول ضد المسلمين بعد استضعافهم". وخلص المفتي إلى القول " المسلمون في صربيا في حالة صعبة جدا، وهم الآن يدفعون فواتير المشاكل والقلاقل التي حدثت في المنطقة، فجميع الشعوب تخلصت من الهيمنة والسيطرة الصربية ما عدا البوشناق في السنجق وصربيا الذين لا يزالون تحت السيطرة الظالمة" وعما إذا كانوا قد رفعوا هذه المظالم إلى الاتحاد الأوروبي ومنظمة المؤتمر الإسلامي قال " نحن على اتصال دائم بالاتحاد الأوروبي، ونعد ملفا كاملا عن الاعتداءات ومظاهر التمييز العرقي والديني في صربيا إلى منظمة المؤتمر الإسلامي" . تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الصربية قامت بتشكيل مشيخة إسلامية موازية تابعة لها، تقوم معها بالترويج المتبادل لكل منهما، وتعمل السلطات الصربية على سحب مهام المشيخة الإسلامية تدريجيا لتوسيدها للمشيخة التي صنعتها هي والتي يصفها المسلمون في صربيا ب "مشيخة ضرار".