مع الشروق : فصل آخر من الحصار الأخلاقي    كأس إفريقيا للأمم – المغرب 2025: المنتخب الإيفواري يفوز على نظيره الموزمبيقي بهدف دون رد    "طوفان الأقصى" يفجر أزمة جديدة في إسرائيل    الغاء كافة الرحلات المبرمجة لبقية اليوم بين صفاقس وقرقنة..    نجاح عمليات الأولى من نوعها في تونس لجراحة الكُلى والبروستاتا بالروبوت    وزارة الداخلية تطلق خدمة جديدة لاستخراج بطاقة التعريف عن بعد لفائدة تلاميذ السنة الثالثة ثانوي    الليلة: الحرارة تترواح بين 4 و12 درجة    الإطاحة بشبكة لترويج الأقراص المخدّرة في القصرين..#خبر_عاجل    مناظرة 2019: الستاغ تنشر نتائج أولية وتدعو دفعة جديدة لتكوين الملفات    كأس افريقيا للأمم 2025 : المنتخب الجزائري يفوز على نظيره السوداني    أستاذ قانون: العاملون في القطاع الخاصّ يمكن لهم التسجيل في منصّة انتداب من طالت بطالتهم    هيئة السلامة الصحية تحجز حوالي 21 طنا من المواد غير الآمنة وتغلق 8 محلات خلال حملات بمناسبة رأس السنة الميلادية    بابا نويل يشدّ في'' المهاجرين غير الشرعيين'' في أمريكا: شنوا الحكاية ؟    تمديد أجل تقديم وثائق جراية الأيتام المسندة للبنت العزباء فاقدة المورد    تونس 2026: خطوات عملية لتعزيز السيادة الطاقية مع الحفاظ على الأمان الاجتماعي    الديوانة تكشف عن حصيلة المحجوز من المخدرات خلال شهري نوفمبر وديسمبر    توننداكس ينهي معاملات الإربعاء على منحى سلبي    القصور: انطلاق المهرجان الجهوي للحكواتي في دورته الثانية    في الدورة الأولى لأيام قرقنة للصناعات التقليدية : الجزيرة تستحضر البحر وتحول الحرف الأصيلة إلى مشاريع تنموية    الرابطة الأولى: علاء الدين بوشاعة رئيسا جديدا للمستقبل الرياضي بقابس    الديوان الوطني للأسرة يجهّز ثلاث مصحات متنقّلة بهذه المناطق    زلزال بقوة 1ر6 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    عاجل: شوف شنيا قال عصام الشوالي على الماتش الجاي لتونس    عاجل: بعد فوز البارح تونس تصعد مركزين في تصنيف فيفا    تزامنا مع العطلة المدرسية: سلسلة من الفعاليات الثقافية والعروض المسرحية بعدد من القاعات    عدّيت ''كوموند'' و وصلتك فيها غشّة؟: البائع ينجّم يوصل للسجن    عاجل/ بعد وصول سلالة جديدة من "القريب" إلى تونس: خبير فيروسات يحذر التونسيين وينبه..    قائمة سوداء لأدوية "خطيرة" تثير القلق..ما القصة..؟!    حليب تونس يرجع: ألبان سيدي بوعلي تعود للنشاط قريبًا!    هام/ المركز الفني للبطاطا و القنارية ينتدب..    عاجل: هذا موعد الليالي البيض في تونس...كل الي يلزمك تعرفه    ندوة علمية بعنوان "التغيرات المناخية وتأثيرها على الغطاء النباتي والحيواني" يوم 27 ديسمبر الجاري على هامش المهرجان الدولي للصحراء    رد بالك: حيلة جديدة تسرّق واتساب متاعك بلا ما تحسّ!    عركة كبيرة بين فريال يوسف و نادية الجندي ...شنوا الحكاية ؟    قابس: أيام قرطاج السينمائية في الجهات ايام 25 و26 و27 ديسمبر الجاري بدارالثقافة غنوش    درجة الحرارة تهبط...والجسم ينهار: كيفاش تُسعف شخص في الشتاء    هذا هو أحسن وقت للفطور لخفض الكوليسترول    تونس: حين تحدّد الدولة سعر زيت الزيتون وتضحّي بالفلاحين    بول بوت: أوغندا افتقدت الروح القتالية أمام تونس في كأس إفريقيا    عاجل: تغييرات مرورية على الطريق الجهوية 22 في اتجاه المروج والحمامات..التفاصيل    صفاقس: تركيز محطة لشحن السيارات الكهربائية بالمعهد العالي للتصرف الصناعي    عاجل: اصابة هذا اللّاعب من المنتخب    اتصالات تونس تطلق حملتها المؤسسية الوطنية تحت عنوان توانسة في الدم    راس السنة : جورج وسوف بش يكون موجود في هذه السهرية    مع بداية العام الجديد.. 6عادات يومية بسيطة تجعلك أكثر نجاحا    وزارة التجهيز تنفي خبر انهيار ''قنطرة'' في لاكانيا    عاجل/ قضية وفاة الجيلاني الدبوسي: تطورات جديدة..    البرلمان الجزائري يصوّت على قانون يجرّم الاستعمار الفرنسي    تونسكوب تطلق نشيدها الرسمي: حين تتحوّل الرؤية الإعلامية إلى أغنية بصوت الذكاء الاصطناعي    عاجل/ العثور على الصندوق الأسود للطائرة اللّيبيّة المنكوبة..    كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025: برنامج مباريات اليوم والقنوات الناقلة..#خبر_عاجل    اتحاد المعارضة النقابية: استقالة الطبوبي ليست نهائية ولم تكن مفاجئة    عبد الستار بن موسى: المنتخب الوطني قادر على التطور.. والمجبري كان رجل مباراة اليوم    دعاء السنة الجديدة لنفسي...أفضل دعاء لاستقبال العام الجديد    الطقس اليوم شتوي مع أمطار غزيرة بهذه المناطق..#خبر_عاجل    مع الشروق : تونس والجزائر، تاريخ يسمو على الفتن    في رجب: أفضل الأدعية اليومية لي لازم تقراها    برّ الوالدين ..طريق إلى الجنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيد فاضل الحرباوي الكاتب العام لنقابة المهندسين المعماريين التونسيين
نشر في الخبير يوم 10 - 10 - 2015

تدريس الهندسة المعمارية في القطاع الخاص جريمة في حق الوطن و
الطلبة آول المتضررين
عاد موضوع تعليم الهندسة المعمارية بالقطاع الخاص ليطفو من جديد على صفحات الشبكات الإجتماعية حيث كان لطلبة المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والتعمير وبعض المهندسين المعماريين من أساتذة ونقابيين تفاعلا إتسم بالقلق والإمتعاض إزاء تفاقم عددها وخاصة بعد الترخيص الأخير الذي أسند لإحداها. «الخبير» رصدت بعض المواقف وحاورت البعض منهم حيث كانت البداية مع الكاتب العام لنقابة المهندسين المعماريين التونسيين، السيد فاضل الحرباوي
فما حل خراب أو فساد بمهنة ما إلا وكان بعض أهلها شركاء فيه
بماذا تفسر إمتعاضك من تعليم الهندسة المعمارية دون غيرها في القطاع الخاص ؟
الهندسة المعمارية إختصاص يستوجب حضورا ذهنيا معتبرا ومستوى علميا مرتفعا لضرورة تلقي تكوينا متعدد الإختصاصات، فبالإضافة إلى إعتمادها على الحس الفني والجمالي، تتطلب الهندسة المعمارية مجموعة من المعارف والعلوم الأخرى كالرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلم الإجتماع والفلسفة وخصائص مختلف المواد المستعملة والعلوم المتصلة بالهيكلة والعمران والعزل الحراري والوقاية من الحريق والقانون المتعلق بالبناء والتعمير والإعلامية بمختلف برمجياتها وغيرها… لذلك فإن الإختصاص يتطلب إنتقاء المتفوقين في إمتحانات البكالوريا لضمان الجودة والفاعلية المطلوبة ، وهذا ما لا يمكن توفيره في المدارس الخاصة بإعتبارها لا تشترط غير شهادة البكلوريا ودفع المعاليم المستوجبة. كما أن تكاثر عدد المدارس المذكورة وتنامي عدد روادها سيغرق البلاد بمزيد من البطالة في القطاع بالإضافة إلى تردي المشهد الحضاري والعمراني لمدننا، وهذا ما سيزيد من الرداءة عوضا عن الإلتفاف لمواجهتها والسعي للقضاء عليها.
ألا توجد إختصاصات أخرى تتطلب مؤهلات ومستوى علميا عاليا غير الهندسة المعمارية ؟
الطب والصيدلة والهندسة بجميع إختصاصاتها وتخصصاتها تتطلب هي الأخرى مستوايات عالية ويتم إنتقاء طلبتهم من بين المتفوقين في إمتحانات البكالوريا. وللإشارة فإن نقابات الأطباء والصيادلة وعماداتهم كانت لها مواقف صلبة وحازمة تجاه إدراجها ضمن المؤسسات الخاصة وتمت مساندتها من وزارة الصحة، كما أن نقابة الأسلاك الشبه طبية بقيادة عثمان الجلولي خاضت في السابق تحركات في الغرض ذاته لإعتبارها حساسة وهامة هي الأخرى… أما فيما يتعلق بالإختصاصات الهندسية التي أدرجت ضمن الجامعات الخاصة، فإن التحركات العديدة التي خاضتها نقابة المهندسين التونسيين بقيادة فخر الدين خليفة منذ سنة 2013 وطلبة المدارس العمومية للهندسة بكامل أنحاء الجمهورية بدعم من هيئة عمادة المهندسين التونسيين المنتخبة حديثا أتت أكلها وأفضت إلى الشروع في مراجعة كراسات الشروط المعتمدة من قبل وزارة التعليم العالي.أما بالنسبة للهندسة المعمارية فإنه رغم تردي الأوضاع المادية خاصة بالنسبة للمهندسين المعماريين الشبان وإنتشار البطالة في صفوفها إضافة إلى تهميش المهنة، لم يتم طرح الموضوع على النحو المطلوب
هل تحمل المدارس الخاصة مسؤولية كل ما ذكرت ؟
كلنا مسئولون عن تردي الأوضاع التي ذكرتها،… فما حل خراب أو فساد بمهنة ما إلا وكان بعض أهلها شركاء فيه، كما يتحمل البقية مسؤولية صمتهم وعدم مبالاتهم. فقد كانت البداية مع بعض الزملاء المدرسين بالقطاع العمومي الذين بادروا بمغادرة المدرسة العمومية لمشاركة بعض أصحاب رؤوس الأموال في فتح مدارس خاصة أو للتدريس ضمنها مقابل مبالغ أرفع مما كانوا يتقاضونه، إضافة إلى بعض هيئات عمادة المهندسين المعماريين التي سارعت في إمضاء المصادقات والاتفاقيات مع المدارس المذكورة. ومن هنا شرعت هذه الأخيرة في إستقطاب الأفواج ممن فشلوا في الحصول على المعدلات المطلوبة للدخول للمدرسة العمومية والحالمين بالحصول على الشهادة الوطنية لمهندس معماري. وللإفادة فإن الإختصاص أصبح متواجدا في أكثر من سبع مؤسسات تعليم خاص ليصبح عدد الطلبة المرسمين به أكثر من ثلاثة أضعاف طلبة المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية، ولا شك أن الكثرة تفقد الجودة المطلوبة في كل المجالات
في عدم المساواة بين خريجي المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والتعمير وبقية المدارس الخاصة ضرب في الصميم لمبدإ الشفافية وتكافؤ الفرص
هل ترغب في غلقها ؟
كلا، لم نطلب ذلك أبدا باعتبار أن هذه المدارس تستقطب ما يزيد عن ال5000 طالب إفريقي وأجنبي وهي بذلك تشكل إحدى موارد العملة الصعبة، كما أنها تعطي فرصا لمن غادروا مقاعد الدراسة لتحسين مستوياتهم العلمية وتمكن الآلاف ممن يرغبون في تلقي تكوينات من تلقي المعارف والمهارات الضرورية لبعث مشاريعهم الخاصة أو تسيير مشاريع آبائهم وعائلاتهم ( التصرف، إدارة المؤسسات، التسويق، قانون المؤسسات،…). وتقدر طاقة استيعابها الجملية بثلاثين ألف طالب. وللإفادة فإن عددها قد بلغ 63 مؤسسة خاصة وتستقطب ما يزيد عن ال 30.000 طالب يدمج حوالي 70 بالمائة منهم بسوق الشغل بما في ذلك القطاع العام.
ماذا تريد إذا ؟
إن في عدم المساواة بين خريجي المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والتعمير وبقية المدارس الخاصة ضرب في الصميم لمبدإ الشفافية وتكافؤ الفرص. إذ يمكن لكل من لم تتوفر فيه شروط الألتحاق بالأولى الترسيم بإحداها إذا ما كان ميسورالحال وقادرا على دفع المبالغ المستوجبة، وبالتالي تصبح القدرة المادية هي الحاسم. كما أن الإرتقاء من سنة لأخرى حتى التخرج يتم داخل المؤسسة الخاصة وبدون أية ضوابط أو مراقبة خارجية ( إقتراح مواضيع الإمتحانات، إجرائها، إصلاحها…) ليكون نجاح طلبتها مضمونا مقارنة بالمدرسة العمومية، ولا يمكن أن أنسى واقعة الأستاذين الذين تم طردهما سابقا لرفضهما تغيير أعداد إمتحان لطالب وتعويضهما بزميل آخر أسند الأعداد التي تمكن الطالب من الإرتقاء.إن ما يثير الإستغراب في تونس هو توحيد إجراءات إمتحان البكالوريا بين القطاعين العام والخاص بحيث يتم إجراء الإمتحانات ومراقبتها وإصلاحها عن طريق وزارة التربية فتضمن بذلك الشفافية وتكافؤ الفرص والمساواة التامة بين تلامذة القطاعين، في حين يفتح الباب على مصراعيه أمام أعلى الشهائد العلمية في البلاد على غرار الهندسة المعمارية ليتم تدريسها وتسليمها من قبل هذه المؤسسات بمفردها ودون أي حسيب أو رقيب، فلم لا يتم إعتماد مقاييس إنتقائية سليمة وتوحيد الإمتحانات والإجراءات المتعلقة بها لنضمن الجودة والمهنية المطلوبة ونكرس الشفافية وتكافؤ الفرص بين أبناء الشعب الواحد.
قطاع الهندسة المعمارية والمهندسين المعماريين الشبان أصبحوا يعيشون المزيد من الصعوبات المادية خاصة بعد الثورة حيث عمت الفوضى والبناء العشوائي
إذن كيف تفسر انتشار التعليم العالي الخاص بكافة الدول المتقدمة ؟ ألا يمكن لتونس أن تسلك نفس المنهج حسب رأيك ؟
التعليم الخاص بالدول الرأسمالية وخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية وأنقلترا مزدهر منذ أمد بعيد. لكنهم يعتمدون انتقاء مركز وشروط هامة مقارنة بالتعليم العمومي مما جعله تعليم نخبوي بإمتياز ومكمل للتعليم العمومي، وللأخلاق المهنية مكانة رفيعة لديهم ولا دخل للأموال ومختلف المؤثرات الأخرى فيها. أما لدينا فإن ذلك لم يكن سوى تجارة مربحة تدر على أصحابها أموالا وفيرة. وكانت النتيجة الحتمية المتمثلة في تقهقر مستوى التعليم وتدني سمعة شهائدنا الوطنية إلى أدنى المستويات، حيث أصبحنا غير مرتبين ضمن ال 500 جامعة الأولى في العالم في ترتيب المركز العالمي بشنقاي، كما تقهقر ترتيبنا إفريقيا إلى المرتبة 74. وللإشارة فإن بداية ضرب المنظومة العمومية كانت بإبرام اتفاقية سنة 1991 مع البنك الدولي للرفع التدريجي للمساهمة في التعليم، وذلك حال «اليد السفلى». ولما شرعت تونس في القيام بذلك، كانت النصوص وكراسات الشروط والحوافز تطوع لتصب كلها في نفس الخانة، إضافة إلى استغلال بعض وزراء ومديرين عامين مكلفين بتسيير مؤسسات تعليمية عمومية للمسألة والخروج للتقاعد بمؤسسات خاصة بهم بعد أن هيؤوا الأرضية المريحة لأنفسهم ولأبنائهم ولشركائهم.
من تقصد بكلامك ؟
بعض مؤسسات التعليم الخاص مملوكة كليا أو جزئيا لمديرين عاميين لمؤسسات تعليمية عمومية ولوزراء سابقين كلفوا بالتعليم العالي من قبل بن علي فأدوا القسم على المصحف أمامه لخدمة القطاع والوطن ولعدم خيانة الأمانة بكل شرف. كما تواصل السيناريو حتى بعد الثورة ورخص وزير آخر لنفسه ولشركائه في فتح مؤسسة تعليم عالي خاصة منذ سنة تقريبا.ومن هذا المنطلق أتسائل إن كان لهؤلاء دور في ضرب المنظومة التعليمية العمومية لتزداد أرباحهم ومنافعهم أم لا ؟ فقد تم تهميش المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والتعمير من طرفهم ولم يمكنوها من أدنى مقومات العمل ( حافلة لنقل الطلبة لمعاينة حضائر البناء، تجهيزات تصوير، وسائل تدريس أخرى، ميزانية،…)، وكان الأساتذة يشرعون في عملهم في بداية شهر سبتمبر لينالوا مستحقاتهم الزهيدة بعد أكثر من سنة،… ولا أعتقد أن كل ذلك بريء وعفوي.
ألا تساهم هذه المؤسسات التعليمية الخاصة في التقليص من البطالة في قطاع الهندسة المعمارية بانتداب الكثير منهم ؟
من يعتقد أن هذه المؤسسات تساهم في حل مشكلة البطالة لدى خريجي الهندسة المعمارية فهو واهم، لأنها تعتبر مصانع تنتج البطالة وتغرق السوق بمزيد من الشهائد والأفواج الجديدة من المتخرجين لتتم إضافتهم إلى جملة المرسمين. إذ لم يعد يخف على أحد أن قطاع الهندسة المعمارية والمهندسين المعماريين الشبان أصبحوا يعيشون المزيد من الصعوبات المادية خاصة بعد الثورة حيث عمت الفوضى والبناء العشوائي. كما أن الأساتذة العاملين بهذه المؤسسات لديهم أعمال قارة أخرى كالتدريس بالمدرسة العمومية أو شغل وظائف حكومية أخرى أو متقاعدين، فعن أي تشغيل يتحدثون ؟
يقول البعض أن تعليم الهندسة المعمارية في القطاع الخاص أكتسب جودة عالية مقارنة بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والتعمير، وأن الهدف الرئيسي من بعثها هو تطوير التعليم في هذا المجال، ألا يمكن أن يكون ذلك صحيحا ؟
أعتبر أن ذلك لا يخرج من دائرة التسويق للمدارس الخاصة لجلب المزيد من الحرفاء وتحقيق أرباح أوفر، ومن حق كل المؤسسات التجارية في الدول التي تعتمد الاقتصاد الحر أن تلجأ للإشهار ولكل وسائل التسويق الحديثة. ولو كان لمؤسسيها أو لمسؤوليها هدف تطوير الهندسة المعمارية لأقدموا على تدعيم وتطوير المدرسة العمومية التي أصبحت هي الأخرى تعاني من الاكتظاظ وضعف الموارد المادية والبشرية الضرورية لإنجاز مهامها على الوجه المطلوب. لقد سمعنا تبريرات وتعلات كثيرة تشوه في معظمها المنظومة العمومية وتلمع صورة المؤسسات الخاصة تصدر غالبا عمن يحققون من خلالها منافعا وأرباحا. ولو كان هدفها كما ذكرت لما إكتسوا الصبغة النفعية.
ألديكم لوم عن وزير التعليم العالي لعدم القيام بما يتعين عليه في هذا المجال ؟
شهاب بودن من أعلى الكفاءات العلمية المتوفرة لدينا، فهو مهندس تقني وباحث ممتاز في مجال الطاقة الشمسية ودكتور في فيزياء الطاقة، ولا تحفظ لنا على آدائه ونزاهته حسب مصادرنا المتمثلة في زملائنا ومعارفنا وأصدقائنا من النقابيين ومختلف النشطاء. كما أن الوزير قد شرع في الإعداد لإعادة تأهيل وهيكلة منظومة التعليم العالي وإصلاحها خاصة في مجال الهندسة والتقنيات بما يخدم إستحقاقات المرحلة لتطوير البلاد وتنميتها، الرجل يعمل في صمت وبعيدا عن أضواء الأفلام والمهاترات الإعلامية و»كل إناء بما
فيه يرجح».
«الخبير» رصدت أيضا بعض المواقف لممثلي الطلبة وبعض المهندسين
المعماريين الشبان والأساتذة.
علي العجمي: التعليم العالي الخاص في تونس عبارة عن تجارة غير مشروعة
علي العجمي ممثل الطلبة بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والتعمير يرى أن «التعليم العالي الخاص في تونس عبارة عن تجارة غير مشروعة حضر فيها المال و الصفقات ليغيب عنها الضمير و الكفاءة، و لنا أن نسأل عن مساوئ و أخطار هذه التجاوزات على مستقبل المهنة والتشغيل»…، مردفا كلامه بأن «طرحه ليس إقصائيا لكنه يغار أشد الغيرة على مهنة تعب من أجلها و سهر الليالي الطوال ليمتهنها غيره ممن لم يخول لهم المعدل المطلوب الالتحاق بالمؤسسة العمومية الوحيدة وذلك بواسطة الآلاف من الدنانير» …وختم قوله بأن سوق الشغل ستكون الفيصل بين الطرفين على أساس الكفاءة و النزاهة محملا كل الأطراف المعنية مسؤولية ذلك وداعيا لهمسة في أذن كل من العمادة والنقابة للتحرك و الذود عن حرمة المهنة والحيلولة دون المزيد من تردي أوضاع المهنة وتعليمها
خلود بن مسعود: مدرسة وطنية وحيدة مقابل أكثر من ثمانية جامعات خاصة تدرس الهندسة المعمارية
خلود بن مسعود: طالبة بالمرحلة الثالثة وعضوة بالاتحاد العام لطلبة تونس بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والتعمير ترى أن قطاع التعليم العالي و البحث العلمي يعيش خلال السنوات الأخيرة عدة أزمات أهمها تفاقم عدد خريجي الجامعات الخاصة مما أثر سلبا على المستوى التعليمي و توفير فرص الشغل لخريجي الجامعات العامة ، مؤكدة أن « قطاع الهندسة المعمارية لم يسلم بدوره من هذه الآفة، إذ نجد اليوم أنفسنا امام مدرسة وطنية وحيدة مقابل أكثر من ثمانية جامعات خاصة تدرس الهندسة المعمارية دون شروط ولا مراقبة من العمادة» . كما أفادت هذه الأخيرة أن محاولات الصد و التقليص من هول هذه الكارثة من قبل ممثلي إتحاد الطلبة (مخاطبتكم وهويدة الرابحي وندى الغرايري ووسيم بن هندة وشمس الدين) وممثلي المجالس العلمية و عدة اطراف أخرى كالمعماريين حديثي التخرج لم تأتي أكلها نظرا لغياب الإرادة و الفعل السياسي و تواطؤ عدة أطراف و انخراطها في تحطيم و انحدار مستوى الهندسة المعمارية التي باتت سلعة تباع مقابل عدة ملايين . وختمت قولها ب»… لقد سبق بعد أن علمنا أن غلق هذه المؤسسات أصبح مستحيلا رغم أننا طالبنا خلال عدة مناسبات ( اللقاء مع الوزير ، رئيس العمادة ، تحرك القبة … ) بفرض شروط لقبول التسجيل باختصاص الهندسة المعمارية كإجراء إمتحان او مناظرة تحدد المستوى الأدنى للدخول وإنشاء تصنيف خاص بجدول المهندسين المعماريين لخريجي الجامعات الخاصة و ذلك لضمان حقوق طلبة المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية و التعمير والتوقف عن إسناد تراخيص جديدة لفتح مؤسسات اخرى قبل مراجعة كراسات الشروط المتعلقة بها وإعادة النظر في الاتفاقيات السابقة
سمية بو قطاية: الهندسة المعمارية كانت في الماضي القريب تستقطب انجب المتحصلين على شهادة البكالوريا، خلافا لما هو سائد اليوم
سمية بو قطاية مهندس معماري وطالبة بالمرحلة الثالثة بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والتعمير تؤكد أن شعبة الهندسة المعمارية كانت في الماضي القريب تستقطب انجب المتحصلين على شهادة البكالوريا، خلافا لما هو سائد اليوم لتمكين ممن يقلون عنهم إجتهادا من الحصول عليها نظرا لعدم حصولهم على المعدل الكافي المطلوب عن طريق بوابات المدارس الخاصة… وتتحسراليوم على تلك المهنة النبيلة التي اصبحت شهائدها مجرد بضاعة للتسويق بمقابل مادي و دون أي معيار انتقاء لطلابها يليق بمكانة الإختصاص، فكلما تفتح التلفاز او الراديو تسمع اشهارات للتسويق لمدارس خاصة جديدة لتعليم الهندسة المعمارية اضافة الى الملصقات و المنشورات التي تملأ الشوارع لجلب المزيد من «الحرفاء» و إغرائهم بشتى أنواع العروض المقترحة (شهادة مهندس معماري مع تربص في الخارج، شهادة مهندس معماري مع أسماء لامعة من الأساتذة اللذين امتهنوا في اغلب الأحيان التعليم في القطاع العام للمحافظة على «هيبتهم» أوركضوا وراء ساعات عمل إضافية في مدارس خاصة لضمان المزيد من الربح المادي دون ان يقتنعوا يوما بمستوى الطلاب بهذه المدارس… كل ذلك مبني على شهادات العديد من الأساتذة )… وأردفت كلامها بأن هذا المشهد يحط من قيمة المهندس المعماري و دوره في المجتمع و يضرب بمبدأ تكافؤ الفرص عرض الحائط و يزيد من مشاكل ممارسة المهندس المعماري لمهنته الذي أصبح غير قادر حتى على تغطية نفقاته الشخصية نظرا لتهميش القطاع من قبل مختلف السلط و سيطرة عديد الدخلاء عليه. و للخلاصة فان التجارة بشهادة المهندس المعماري و تحويلها إلى مجرد استثمار لدى بعض رؤوس الأموال يحط من قيمة هذه الشهادة و يتنافي ومبادئ العدالة الاجتماعية بالحط من قيمة التعليم العمومي و إحباط عزائم التلاميذ في تحسين مستواهم الدراسي باعتبار أن الشهادة الأمثل لم تعد للأكفأ بل للأغنى. وبذلك أصبحت توزع حسب المقدرة الشرائية للولي.
قابيل الفقيه : أم أنّ الحلّ في مراجعة جذريّة وجادّةٍ للنظام التعليميّ العامّ دون إتّهام بارد وجائر للتعليم الخاص
المهندس المعماري الباحث والدكتور قابيل الفقيه عضو النقابة الوطنية للمهندسين المعماريين التونسيين المكلف بقطاع التعليم يتساءل : « هل التعليم الخاص شرّ لا بد منه أم هو خير لصالح العباد والبلاد؟»… فقد كثر الكلام هذه الأيّام والأسابيع حول وضعية التعليم الخاص ومكانته وضرورته وجودته…. معتبرا أن هذه التساؤلات تذهب بالسائل مذاهب عدّة ٫ فثمّة من يدعمه وينادي بتحسينه وتقنينه وتطويره وثمّة من يراه شرّا ووبالا على المتعلّمين الذين أصبحوا يجدون فيه ملاذا سائغا ومرفأ لنجاح قد يكون سهلا ولا يقدّر إلا من خلال الدنانير المدفوعة… وأكد أنه يبدو لنا أنّ الأمر أكثر تعقيدا من أن نقول بأنّه خير أم شرّ، ففي جلّ إن لم نقل في كلّ الدول المتقدّمة في مجال العلم والتّعلّم نجد مؤسسّات خاصّة وجادّة يقصدها الرّاغبون في تعليم جيّد وشهادات ذات قيمة0 وهذا الأمر يدلّ على أهمّيتها وجودتها ودورها الفعّال في تكوين الكفاءات القادرة على التّأقلم السريع في سوق الشغل وفي أحيان كثيرة يكون خرّيجو هذه المؤسّسات الخاصّة أكثر كفاءة وجاهزيّة للتعاقد مع المؤسّسات البارزة والشركات الهامّة من المتخرّجين من القطاع العامّ باعتبار أنّ التنافس الحاد بين الخاصّ والعامّ في هذه الدول يدور في إطارٍ منظّم يحكمه القانون الذي يضع مصلحة المتعلّم والبلاد فوق كلّ إعتبار0 أمّا في ما يخصّ الوضعية في بلادنا فإنّ الأمر شائك ومعقّد باعتبار أن الأوضاع والفوضى التي عقبت الثورة إضافة إلى هشاشة برامج التعليم وانحدار كفاءة المدرّسين أمور جعلت انبثاق المؤسّسة التعليميّة الخاصّة أمرا طبيعيّا يجد فيه الوليّ الباحث عن أمل في الجودة إجابة… كما أن تهاون نسبة كبيرة من الأولياء وقلّة كفاءة بعض المربّين وانشغال المتعلّمين بأمور جانبيّةٍ لا تفيد بل تستهلك الوقت والطّاقة في فائدة معدومة ومنفعة مذمومة، جعلت التعليم ونجاعته وآفاقه مضطربةً وهشّةً. كما أشار إلى أن ما زاد الطين بلّةً هو العدد المهول من الإضرابات في القطاع العمّ الذي أقلق الأولياء وأدخل في صفوفهم الهلع والحيرة على مستقبل أبنائهم ففرّوا متسارعين إلى القطاع الخاص كلّفهم ذلك ما كلّفهم 0 هذا القطاع الذي وجد فرصة للتغوّل والإنتشار. وأردف قائلا : « نحن لا نرى في هرع الكثيرين إلى القطاع الخاصّ دليلا مباشرا على نجاعته وجودته بقدر ما هو هرب من الخور المتفاقم في القطاع العام بحيث يرفض الكثيرون أن يكون أبناؤهن حطب النّار المستعرة وضحايا الحرب الضّروس القائمة بين سلطة الإشراف ونقابات التعليم ليجدوا متنفّسا في صفّ القطاع الخاصّ المتغوّل دون هوادةٍ. كما أن بعض المستثمرين في القطاع الخاص يجدون في الإقبال المسعور واللا مشروط على مؤسّساتهم فرصة في الربح الفاحش ولكنّ البعض الآخر يجد فيه فرصة للبحث عن الجودة والتميّز وتقديم الخدمات الرّاقية والمفيدة لتكوين المتعلّم وتربيته السليمة0 عدد هؤلاء في تكاثر كما هو الحال في أشباه المربّين المتغوّلين الذين يصطادون في الماء العكر الذي عكّره الصراع المحموم بين النّقابات وسلط الإشراف0 مطرقة الوضع المتردّي للتعليم العالي من جهة وسندان التعليم الخاص المتغوّل والمسرطن من جهة أخرى يوجّهان ضربات مؤلمة لعقول وأعصاب وميزانيّات الأولياء المساكين اليائسين المحتارين0 فكيف يكون المخرج من هذا الوضع المتأزّم؟ هل هو بغلق المؤسّسات الخاصة مصدر الشرّ حسب البعض حتى ينتعش التعليم العام ويعود بريقه ويستعيد مكانته وجودته بين صفوف المربّين والمتعلّمين؟ أم أنّ الحلّ في مراجعة جذريّة وجادّةٍ للنظام التعليميّ العامّ دون إتّهام بارد وجائر للتعليم الخاص الذي ينتعش حاليّا فوق أنقاض التعليم العامّ المتهاوي؟… وختم كلامه بأنه يميل في تقديره للحلّ الثاني الذي يؤسّس لمراجعة عميقة للنظام التعليميّ العام والذي تآكل تحت وطأة المسؤولين الفاسدين والفاشلين والغافلين والجاهلين وغيرهم… وهي مراجعة تستوجب في توازن دقيق ومباشر التأسيس لتعليم خاصّ مقنّنٍ ومنظّم ومهيكل لا يتمعّش من إنتكاسات القطاع العام بل يدعمه ويدفعه إلى التنافس البنّاء والتألّق حتى يرى الوليّ والمربّي والمتعلّم خيارات عدّة متكافئة تؤدّي كلّها إلى تكوين وتربية وتعليم بجودة عالية وليس لتنافس رديء تمليه الصراعات والصعوبات والصدامات0فكم هو جميل أن نرى أبناءنا متألّقين ومبدعين وناجحين لنسألهم عمن علّمهم وكيف كان ذلك وعمن ساهم في نبوغهم وتربيتهم وليس أين كان ذلك في مدرسة خاصة أو عمومية . ففي الوقت الذي تعلن بعض المؤسّسات العامّة فشلها قد تبدي أخرى خاصّةٍ تألّقها ونجاعتها بإعتبار أن موطن الألم لا يكمن بالضرورة في الخاصّ وأن الدواء لا يحتكره القطاع العامِ، وأن التأسيس والتقنين الجديد والمتبصّر للقطاعين على حدّ السواء هو الحلّ في خلق توازن جديد ورغبة متجدّدةٍ للمتعلّمين في حبّ التعلّم وإيلاء الشهادة العلميّة قدرها وبناء مجتمع متعلّم ومثقّفٍ قادر على البناء والعطاء حسب تقديره
مروى الغربي : إيقاف نزيف التراخيص للمؤسسات الجديدة
مروى الغربي مهندس معماري وطالبة بالمرحلة الثالثة تقول أنه «لطالما تميزت البلاد التونسية بجودة التعليم العام في جميع المستويات فإنني كمهندس معماري حديثة التخرج أندد بشدة بهذا التوجه الجديد والمتمثل في تسرب « موضة» التعليم العالي الخاص بتعلة تدني مستوى التعليم العمومي في هذا الإطار. كما يؤسفني قلة وعي جزء من الشعب التونسي بقيمة مجانية التعليم التي ينعم بها أمام منظومة تعليم خاصة لا تهدف سوى لجمع وتكديس الأموال، وأستغرب تكاثرعددها مقابل مدرسة عمومية وحيدة وهو ما أعتبره تعديا صارخا على حقوق الطالب التونسي بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية المتميز من خلال معدلاته بالبكالوريا وما قبلها وضربا صريحا لتكافؤ الفرص والتساوي بين التونسيين لإمكانية الحصول على نفس الشهادة من المدارس الخاصة ودون توفر المعايير المذكورة. كما أستغرب عدم تحريك هيئة المهندسين المعماريين ساكنا رغم مطالبنا السابقة ومواصلة تسجيل خريجي هذه المؤسسات وإبرام إتفاقيات جديدة أخرى لتمكينهم من الإنتصاب لحسابهم الخاص أو إجراء المناظرات رغم ما يعانيه المهندسين المعماريين الشبان من مشاكل وصعوبات»… وختمت كلامها بأنها على يقين من أن المؤسسات المعترف بها من قبل الهيئة لن تغلق أبوابها لكنها تقترح الحد من عدد المسجلين منهم وإيقاف نزيف التراخيص للمؤسسات الجديدة وإشتراط إعتماد نفس مقاييس الدخول والتخرج لضمان الحد الأدنى من الكفاءة والشفافية، ملفتة النظر لضرورة تحسين وضعية المهندس المعماري التونسي الذي يعاني من التهميش من قبل مختلف السلط بالدولة وتعدي الدخلاء على مهنته إضافة إلى تفشي ظاهرة التعليم الخاص للاختصاص


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.