الأستاذ حسن الغضباني " نحن محرجون ومجبرون على إيصال الحقائق إلى الرأي العام وإيصال ما يعجز عنه كل مظلوم "... · " غريب جدّا أن يقع تغييب مدير إدارة أمن الدولة وألاّ نسمع له صوتا ولا نعرف له مكانا ؟!" · " منذ 20 مارس 1956 لم تعرض على النيابة العمومية قضية ساقطة بمرور الزمن إلا هذه القضية الغريبة ...!" · "هناك خرق واضح للقانون وهذه القضية أنستني 35 سنة من المحاماة" · "نرجو أن تتدارك المحكمة العسكرية يوم 23 نوفمبر حتى لا نقول إن القضاء كان قبل 14 جانفي أفضل " عقد الأستاذان حسن الغضبان وبشر الشابي صباح أمس بنزل " الدارالبيضاء " بالعاصمة ندوة صحفية حضرها العديد من الزملاء من مختلف وسائل الإعلام الوطنية . وأكد الأستاذ الغضباني أن لجنة الدفاع عن الموقوفين في ما يعرف بقضية براكة الساحل محرجة ومجبرة على مخاطبة الرأي العام من خلال وسائل الإعلام بعد أن دخلت القضية نفقا مظلما لا يعرف أحد كيف يمكن الخروج منه . وكان واضحا أن الأستاذ الغضباني يحمل بداخله بركانا ويريد من الإعلام أن يوصل شظاياه إلى الرأي العام للاطلاع وإرضاء ضميره الحائر بين ما تقول الوقائع وما يصرّ عليه القضاء العسكري إلى حدّ الآن . عندما يعجز المظلوم قال الأستاذ الغضباني في افتتاح الندوة :" لم نكن ننوي عقد هذه الندوة لأننا كنا نظن أن هذه القضية ستأخذ مسلكا قانونيا طبيعيا لا يمكن أن يحدث لنا هذا الحرج الذي أجبرنا على مخاطبة الرأي العام من خلال وسائل الاعلام لإبلاغه بما يعجز عنه من يصيبه ظلم ويحال بينه وبين أن يكشف الظلم الذي أصابه ". وبعد ان أفصح عن أنه ينوب السيد محمد علي القنزوعي وعدّد المهام التي تقلدها في تونس وخارجها أضاف الأستاذ الغضباني :" كل الناس على علم بأن القنزوعي تعاطى الأمن العسكري سنة 1996 أي زمن البحث في ما عرف بقضية براكة الساحل التي وجّهت للمتهمين فيها تهمة محاولة قلب نظام الحكم . كما يعلم الجميع بأن الأمن العسكري قرر ألاّ يواصل القنزوعي البحث في القضية التي عهد بالبحث فيها آنذاك إلى إدارة أمن الدولة التي كان يرأسها السيد عز الدين جنيح الذي لم نسمع له صوتا إلى يوم الناس هذا .."! الحلقة السوداء وأضاف الأستاذ الغضباني قائلا :" إن أغرب ما في هذه القضية هو أن السيد عز الدين جنيح مغيّب تماما ولا نعلم له مكانا ولا موقعا ولم نتحصل على إفادته في القضية . وحتى إحالته فقد كانت بوصفه في حالة فرار . أنا لا أتهم السيد جنيح بشيء لكني أعتقد أنه حلقة هامة جدا في القضية وأن عدم الادلاء بإفادته يعتبر الحلقة السوداء في هذه القضية ". لا الشاكون ولا الموقوفون وفي جانب آخر من تدخله قال الأستاذ الغضباني :" في تلك الفترة كان السيد محمد علي القنزوعي مديرا عاما للمصالح المشتركة وهو الذي كان ينسق ، إداريا ، بين كافة المصالح ولم يباشر يوما الضابطة العدلية أي أنه لم يكن يبحث المتهمين أو يمضي على أي بحث بل كان يتلقى تقارير ينقلها إلى وزير الداخلية الذي ينقلها بدوره إلى رئيس الدولة . كما أن ضابطي أمن الدولة الموقوفين في هذه القضية وهما السيدان عبد الرحمان القاسمي ومحمد العليبي لم تثبت الابحاث أنهما باشرا التعذيب ضدّ الشاكين. وكان الثابت في تلك الفترة أن القنزوعي لم تكن له علاقة فنية أو غيرها بما ينسب إليه وأن الملف خال بنسبة 100 % من إمكانية تورطه في الاعتداء على الحرمة الجسدية ولم يذكر أي شخص في كافة المصالح انه تلقى منه أوامر لممارسة التعذيب لا في صفوف الشاكين ولا في صفوف الموقوفين المتهمين بالتعذيب . كما لم يذكر أحد من الشاكين أن القنزوعي قد حضر عمليات الاستنطاق أو التعذيب ولو بصفة " متفرّج" إن صحّ التعبير" . لا توجد لا في السند ولا في الهند ولم يخف الأستاذ الغضباني أسفه العميق ممّا آلت إليه القضية إذ قال :" لقد تلقى وكيل الجمهورية شكوى يوم 11 أفريل 2011 . وبخبرة رجل القانون المتمرّس كنت أظن أنه سيحفظ القضية حتى لا أقول يمزّق الملف أصلا . فلا أعتقد أن السيد وكيل الجمهورية كان غافلا عن آجال التتبع ( علما بأنه قد تمت نقلته في ما بعد إلى محكمة التعقيب في خطة رئيس دائرة ) أي لا يمكن إغفال الفصل الخامس من مجلة الاجراءات الجزائية ...أنا شخصيا أؤكد لكم أنه منذ 20 مارس 1956 أي تاريخ الاستقلال لم تعرض على النيابة العمومية قضية ساقطة بمرور الزمن وتم تداولها إلا هذه القضية ..!! إن المؤسف حقا أن الانسان بات يدفع ضريبة الشهرة لا ضريبة الوقائع والافعال ... وللتذكير فإن الفصل 5 المذكور ينص على أن الدعوى العمومية تسقط بعد عشرة أعوام إذا كان الامر يتعلق بجناية وبعد 3 أعوام إذا كانت جنحة وإن القضية وقعت سنة 1991 أي أن المنوب في حلّ منها حتى من منطلق الاحالة بموجب الفصل 101 الذي اعتبرها جنحة ". خرق فاضح للقانون .! وتفسيرا لهذا القول السابق قال الاستاذ :" لقد أحالت النيابة العمومية منوبي طبقا للفصل 101 مكرّر من المجلة الجزائية رغم أن هذا الفصل تمّ سنّه عام 1999 في حين تعود وقائع القضية إلى النصف الأول من سنة 1991 . وبناء على أنه لا يمكن مقاضاة شخص بناء على قانون لاحق عملا بالفصل الاول الوارد بالمجلة المذكورة وأن الانسان لا يؤاخذ إلا بنص سابق فإن ما حصل للمنوب خرق واضح وفاضح للقانون . فبعد 6 أشهر من الايقاف وعندما وجد قلم التحقيق نفسه أمام وضعية لا يحكمها القانون برّر الاحالة التي انتهى إليها بالاستعاذة عن الفصل 101 مكرّر والالتجاء إلى الفصل 101 الذي يتحدث عن جنحة ولا عن جناية ... وهذا وحده كاف للحديث عن سقوط الدعوى بمرور الزمن وهو موجب لإخلاء السبيل دون أية محاكمة " ! هذا أيضا خرق آخر ويضيف الاستاذ الغضباني : " إضافة إلى خرق أساس التشريع الجزائي وهو الفصل الاول من المجلة الجزائية فنحن نعرف أن مرجع النظر في ما يخص المنوب هو القضاء العسكري نظرا إلى مسؤولياته السابقة وخاصة أثناء وقوع الحادثة . إلا أن المنوب بقي شهرين في الاستنطاق ثم وقع التخلي عن القضية لفائدة القضاء العسكري . لقد كان قاضي التحقيق يظن ( وقد قالها لي ) أن القضية لا تسقط بمرور الزمن بموجب اتفاقية الأممالمتحدة الخاصة بمناهضة التعذيب والحال أنه لا يوجد نصّ جزائي متفق عليه دوليا بل لكل دولة نصوصها وقوانينها الجنائية التي تطبقها . وعندما أصدر قاضي التحقيق بطاقة إيداع ضد القنزوعي كان في لاوعيه يتصور أنه يطبق اتفاقية الأممالمتحدة وغاب عنه ما في فصلها الرابع الذي ينص على خصوصية كل بلد . وبكل اختصار وصدق أيضا فإن إيقاف القنزوعي كان خرقا للقانون وظلما وعدوانا لا مثيل لهما ...وأعتقد أن من يتصور أن تونس ستتقدّم إنما يحلم .. فلا سبيل إلى ذلك إذا لم يكن القضاء عادلا حتى لو كنا نملك كنوز الأرض والسماء ". ما زالوا في الحبس؟! وتحدث الاستاذ الغضباني كذلك عن المرسوم عدد 106 لسنة 2011 المؤرخ في 22 أكتوبر وقال إن هذا المرسوم قام بترفيع مدة سقوط الدعوى في جريمة التعذيب من 10 سنوات إلى 15 سنة وأنه اعتبر الفعل جناية . وقال إنه رغم هذا المرسوم ورغم المبادئ الأساسية للتشريع فإن " الناس ما زالوا في الحبس"...ولعلّ أشهر ما قال الأستاذ ما يلي : "إن هذه القضية أنستني 35 سنة من المحاماة "!! جمال المالكي الأستاذ بشر الشابي يفجّر قنابل ويتهم السبسي وعمّار وكمال لطيف ولجنة تقصي الحقائق ! فجّر الأستاذ بشر الشابي خلال الندوة الصحفية عدة قنابل سنذكر منها البعض في انتظار العودة في وقت لاحق للحديث عن تدخل الأستاذ . فقد ذكر الأستاذ ( ملحا أن ما يقوله على مسؤوليته الكاملة ) أن أحد القضاة المعروفين بالرشوة مثل أمام لجنة تقصي الحقائق والرشوة التي أحالت ملفه إلى القضاء . وعندما مثل القاضي المذكور أمام قاضي التحقيق صرّح بأن أحد أعضاء اللجنة طلب منه مبلغ 50 ألف دينار كي يحفظ الملف ...! وقال الأستاذ الشابي إنه كان على قاضي التحقيق أن يفتح بحثا في الموضوع لكنه لم يفعل ...!! وفي جانب آخر قال الأستاذ الشابي إنه ، وبعد شهرين من الثورة ، إاتهم السادة الباجي قائد السبسي ورشيد عمار وكمال لطيف بأنهم كانوا يعطون تعليمات للقضاء الذي لم يكن مستقلا. كما ذكر الأستاذ أن قادة عسكريين بارزين تولوا التحقيق في قضية براكة الساحل لكن الغريب أنه لم يقع الاستماع إلى أي واحد منهم ...!! قضية براكة الساحل جدّت وقائع هذه القضية سنة 1991 وقد تمّ توجيه تهمتي التآمر على أمن الدولة ومحاولة قلب نظام الحكم إلى المتهمين . ويذكر تقرير للجنة الدفاع الذي وزّعت نسخة منه قبل الندوة أن القنزوعي كان سببا في إيقاف مواصلة الأبحاث في تلك القضية عندما تيقن أنها ملفقة ومدبرة وأنه اقترح إيقاف متابعة الأبحاث وإطلاق سراح جميع الموقوفين فيها وأن موقفه قد تعزز بشهادة السيد حسن عبيد مدير الاستعلامات سنة 1991 والسيد عبد الله القلال وزير الداخلية آنذاك . وقال التقرير أيضا إنه عوض أن يعترف المتهمون بجميل الرجل فإنهم ردّوا عليه باتهامه بالتعذيب . وجاء في التقرير أيضا :" لم يكف عدم توفر أركان جريمة الفصل 101 في حق السيد محمد علي القنزوعي فإن المصيبة الكبرى في قضية الحال تتمثل في الخرق الواضح لأحكام التقادم وسقوط الدعوى بمرور الزمن التي جاء بها الفصل 5 من مجلة الاجراءات الجزائية وهو أهم دعائم المنظومة الجزائية في تونس وقد وقع هدم هذه الدعامة بإحالة موضوع قضية الحال لأنها سقطت بمرور الزمن منذ 1994 باعتبارها جنحة ولم يعد جائزا لا واقعا ولا قانونا إثارتها بعد ذلك الأجل وهذا خلل فادح وقع فيه القضاء العسكري في المرحلة السابقة نتمنى ان تتداركه محكمة الموضوع في جلسة يوم 23 نوفمبر حتى لا يقع التمادي في هدم دعائم المنظومة الجزائية في بلادنا وحتى لا نصل يوما إلى التأسف والقول إن حالة القضاء كانت قبل 14 جانفي 2011 أفضل مما هي بعد 14 جانفي ".