عاجل: تعيين تونس 'مركز تميّز كايزان' على الصعيد الإفريقي: التفاصيل    بطولة افريقيا للتجديف الشاطئي: تونس تنهي مشاركتها برصيد 11 ميدالية    الدورة الرابعة للبطولة الوطنية للمطالعة: حين تصبح المطالعة بطولة... وتتحول المعرفة إلى فوز    سيدي بوعلي: وفاة الطفل عمر اثر حادث سقوطه من حافلة    صفاقس : الإعلان عن انطلاق العمل باتفاقية حماية وتثمين "مشطية جبنيانة" بموجب علامة الملكية الفكرية الجماعية    عاجل: تدخل طبّي أوّل من نوعه بالمستشفيات الجهوية: نجاح عملية استئصال ورم دماغي بجربة    العاصمة: وفاة شاب إثر سقوطه من عربة المترو بباب العسل    وزير الدفاع يؤدّي زيارة إلى عدد من الوحدات العسكرية بمدنين وتطاوين    توزر: ملتقى الواحة للفن التشكيلي بدقاش في دورته السادسة... حين تكون الواحة حضنا للفن    تونس تحتضن المؤتمر العالمي للغرفة الفتية الدولية    الديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه يشارك في الدورة الاولى من صالون "أفري لاب وأفري هيلث"    عاجل: إعصار ميليسا يضرب كوبا بقوة ما صارتش قبل!    تونس: المجال الإبداعي يضم ما يناهز 120 ألف شاب يعتمدون على العمل الحر كمصدر رزق أساسي    منوبة: افتتاح موسم جني الزيتون    الكاف: المهرجان الاقليمي لنوادي الأطفال المتنقلة    العثور على 48 كيسا تحتوي على بقايا بشرية في مقبرة جماعية قرب غوادالاخارا    مونديال كرة اليد تحت 17 عاما - المنتخب التونسي يلاقي نظيره البرازيلي ضمن الدور الترتيبي من اجل المراكز بين 5 و8    طبرقة: حجز 170 ''بالة فريب'' معدّة للتهريب    معز الشرقي يودع بطولة براتيسلافا للتنس    عاجل/ وفاة تونسي في حادث مرور بالحدود الليبية    جندوبة: استحثاث نسق ثلاثة مشاريع في البنية التحتية    عاجل : مفاجأة جديدة في عملية سرقة متحف اللوفر بفرنسا    ليبيا تطرُد منظمة "أطباء بلا حدود".. #خبر_عاجل    تقرير: الحكومة ترفع نفقات الأجور بنسبة 3.6 % سنة 2026    وفاء الصغروني بطلة العالم في التايكواندو    افتتاح مهرجان مسرح التجريب بمدنين    تصفيات مونديال 2026 - مباريات الملحق الافريقي مابين 13 و16 نوفمبر المقبل بالرباط    عاجل/ تحديد موعد دربي العاصمة..    بعثة نسائية تونسيّة إلى السعودية: لقاءات بالجملة دعما للمبادلات الاقتصادية    وكالة فيتش: البنوك التونسية تواجه ضغوطًا اقتصادية تحدّ من النمو والربحية    أمريكا تدعو رعاياها الى مغادرة هذه الدولة.. #خبر_عاجل    تحذير عاجل لمستخدمي Gmail: أكثر من 183 مليون كلمة مرور مسروقة...هاو كيفاش تحمي روحك    ولاية منوبة تعلن عن موعد نشر القائمة النهائية لتراخيص سيارات "التاكسي الفردي "    علاش تونس اختارت تنتج أمّهات الدواجن؟    الرابطة الأولى: تشكيلة الإتحاد المنستيري في مواجهة إتحاد بن قردان    إطاحة بمروج مخدرات في خزندار وحجز مبالغ مالية وأدوات الترويج    تنشط بين هذه الولايات: تفكيك شبكة لتهريب المخدرات تستغلّ سيارات إسعاف أجنبية    تونس: أصحاب الشهائد يطالبون بانتداب دفعة أولى من المعطلين في بداية 2026    تونس: وزارة التربية تنشر فيديو توضيحي لعملية التسجيل في كونكور السيزيام والنوفيام    ابتداءً من الخميس: تحويل جزئي لحركة المرور على جسر لاكانيا    عاجل/ 100 شهيد في غزة خلال 24 ساعة    "هذا أمر مؤسف".. ترامب يتحدث عن الترشح لولاية ثالثة    عاجل: إذا ما عملت حتى عملية على حسابك الجاري.. البنك يسكروا تلقائيا بعد 3 شهور    زعبوب لزبير بية : رئيس النجم لا يستأذن من مشغّله في أبو ظبي لحضور مباراة    إغلاق نهائي لسينما "جميل" بالمنزه 6... نهاية مرحلة وبقاء الأثر    الرابطة الأولى: برنامج مباريات اليوم والنقل التلفزي    طقس اليوم: ارتفاع طفيف في درجات الحرارة    عاجل: تراجع انتشار فيروس كورونا بعد ظهور المتحوّر ''أوميكرون''    كيفاش تعرف إذا كان عندك سكتة دماغية؟ أهم الأعراض اللي لازم تعرفها!    قابس: حملة "أوقفوا التلوث" تؤكد التمسك بتفكيك الوحدات وتدعو الي مسيرة شعبية يوم 31 أكتوبر    دراسة تحذر: النوم تحت الأنوار قد يسبب أمراض القلب    عاجل: وفاة مفاجئة لنجم التيك توك...شكون؟    غدا.. إنطلاق مهرجان الرمّان في تستور    أولا وأخيرا: خلاص الفاتورة في الدورة    ملتقى حول الشيخ الطاهر بن عاشور    بالفيديو : صوت ملائكي للطفل محمد عامر يؤذن ويقرأ الفاتحة ويأسر قلوب التونسيين...من هو؟    مصر.. تعطل الدراسة في 38 مدرسة حرصا على سلامة التلاميذ    زحل المهيب: أمسية فلكية لا تفوت بتونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغارة محمد علي بابا.. «مخزن» السينما التونسية

في أعرق حي شعبي بقلب تونس العاصمة "باب سويقة" مدينة الثقافة التونسية بامتياز، أين عرفت هذه "الحارة" في أواسط الأربعينات من القرن الماضي أكبر مجمع ثقافي تونسي "مقهى تحت السور" الذي أنتج أيامها عباقرة الفن والثقافة شعرا وغناء وأدبا ممن لا تزال أثارهم الفنية راسخة في ذاكرة الشارع الثقافي التونسي إلى يومنا هذا.
في أحد أزقة "الحارة" انتصب رواق خاص للفنون الأكثر خصوصية ببادرة فردية من سينمائي تونسي شاب يدعى محمد علي بن جمعة ليكون مخزنا للصور السينمائية التونسية.
سرّة العاصمة
منطقة "باب سويقة" كانت وما تزال نموذجا ثقافيا شعبيا بارزا من خلال "كافيشنطاتها" التي تعرف ذروتها خلال شهر الصيام. وهي سرّة العاصمة ونبض حياتها الشعبية بموروثها الثقافي والرياضي، فهي إلى جانب كل ما سبق معقل أحد أبرز وأعرق الأندية التونسية "الترجي الرياضي التونسي" وهو فريق عريق وصاحب ألقاب عديدة محليا وقاريا.
"باب سويقة" المحروسة من سلطان المدينة "سيدي محرز" هي اليوم موطن أطرف رواق للفنون بتونس، وطرافة الرواق تكمن في شيئين: المكان والإنجاز.
فأما المكان فهو كما ذكرنا حي شعبي وهو ما يعني نظريا استحالة إقامة رواق للفنون بمفهوم الصالونات المتعارف عليها كمجمع نخبوي وأرستقراطي.
أما عن الإنجاز فهو حلم تحقق لسينمائي تونسي شاب فكر فأنجز أول رواق من نوعه في تونس وربما في المغرب العربي يختص بتجميع "أفيشات" الأفلام التونسية منذ استقلال البلاد إلى اليوم.
"مخزن" علي بابا
وسط المقاهي الشعبية المتناثرة على اليمين وعلى الشمال وفي مكان قصي من زقاق قديم ينتصب في احتشام محل تخاله للوهلة الأولى دكانا أو ربما بيتا صغيرا ببابه التقليدي الموصد. ومن خلال مفتاح كبير غليظ وعظيم تنفتح لك مغارة "علي بابا" السينمائية لينجلي لك التاريخ المرئي لتونس الفن السابع.
استدارة بسيطة من صاحب الرواق للمفتاح السميك تكون إثرها في محراب الصورة لا كرسم سريالي أو وحوشي أو دادائي وغيره من فنون المدارس التشكيلية بل كصورة سينمائية ثابتة لملصق دعائي قديم، لذكرى إخراجية ورؤية سينماتوغرافية لفيلم طويل أو قصير ملخصة في شكل "أفيش" بسيط قد يعكس عمق الفيلم وقد يخفق في ذلك، كل هذا غير مهم بالقياس مع روعة التذكّر أو متعة الاكتشاف وأنت تعانق تاريخ أربعين سنة من الانجاز السينمائي التونسي الحر.
أصل الحكاية
يقول محمد علي بن جمعة: "المخزن" هو ملك لوالدي التاجر العريق بالمنطقة. كان نسيا منسيا ومهجورا بعد أن كان مخزنا لتجميع البضاعة.
وذات يوم أعطاني المفتاح كهدية لأصنع منه شيئا ما. فكانت الفكرة أن أجعل منه مرسما أو مكان التقاء لبعض الأصدقاء من السينمائيين الشبان، لكن ولعي القديم بتجميع "أفيشات" الأفلام العالمية استفز في فكرة تجميع ملصقات الأفلام التونسية منذ الاستقلال إلى الآن.
فكبر الحلم وكبر من خلاله الإنفاق، حيث كان في الحسبان أن أصرف على ترميمه زهاء الخمس مئة دينار تونسي "200 جنيه إسترليني" لكن الطموح تعاظم إلى حد 15 ألف دينار تونسي "ستة آلاف جنيه إسترليني" ليتحول المخزن من ركام وحطام إلى رواق أنيق للملصقات السينمائية التونسية.
بدأت أولا بترميم الجدران لأبني الدرج "السلم" فالطابق العلوي الذي جعلت منه مجلسا صغيرا لاستقبال الأصدقاء ثم انطلقت في "بروزة" بعض الأفيشات لينتهي بي الحال إلى ما هو عليه الآن، وما يزال بداخلي طموح كبير لتوسعة الرواق وهو ما أصبو إلى تحقيقه بدعم من وزارة الثقافة والمحافظة على التراث التونسي.
حيث لم أعرض إلى الآن سوى نسبة 70% من جملة ما أحتكم عليه من ملصقات، كما أن المكان الذي أنجب أسماء إبداعية مهمة يعطيك دفعا ومادة غزيرة لاستعادة انجازاتهم وأمجادهم ولو من خلال الصورة التي هي وسيلتي لتخليدهم".
وعن كيفية تجميع كل هذه الأفيشات، يقول بن جمعة: لي اليوم من العمر 37 سنة ولي من الذاكرة السينمائية على الأقل عشرون سنة، وهو ما يجعلني أذكر جل الأفلام التونسية ناهيك أن تاريخ السينما التونسية لا يتجاوز الخمسين سنة.
فأول فيلم تونسي مئة بالمئة عمره اليوم واحد وأربعون عاما وهو فيلم "الفجر" للسينمائي التونسي الكبير عمار الخليفي ومن حسن حظي أنه منحني وثيقة رخصة انجاز الفيلم الممضاة من عميد السينما التونسية الطاهر شريعة وهي من جملة كنوز الفضاء.
ثم إن العديد من الأصدقاء لم يبخلوا علي بالمساعدة لإيمانهم بعمق الفكرة. وأشكر في هذا الخصوص محمد المبروك مدير قاعة "المونديال" السينمائية الذي منحني العديد من الأفيشات وكذلك السينمائي التونسي إبراهيم اللطيف".
"مدرج" بن جمعة
يجد الزائر للرواق وتحديدا بالمدرج المفضي إلى الدور العلوي صورا وأفيشات لبعض انجازات محمد علي ذاته على اعتبار كثافة نشاطه في الحقل السينمائي التونسي فيطالعك ملصق فيلم "جنون" للفاضل الجعايبي لتصعد قليلا على السلم الأحمر الذي يذكرك بعظمة وهيبة المدرج الأحمر لمهرجان "كان" العالمي.
فترى أيضا صورا للشاب وهو في حضرة الكاميرا مرفوقا بأعلام من صناع السينما التونسية كصورته مع الراحل مصطفى العدواني المأخوذة من فيلم "باب العرش" للمختار العجيمي وصورا أخرى مع فتحي الهداوي والأمين النهدي وجليلة بكار لينتهي بك المدرج إلى باب صغير يفضي بك إلى استراحة فوقية حيث بإمكانك احتساء قهوة أو كأس شاي تونسي وأنت تطالع جزءا آخر من تاريخ تونس السينمائي دون أن تمل لذة الاكتشاف إن كنت سائحا أو عابر سبيل بسيط غير ملم بثقافة الصورة السينمائية التونسية فتستفز فيك الصور جمالية البحث في تاريخ السينما التونسية.
ذاك هو المخزن الذي افتتح رسميا سنة 2005 بمناسبة أيام قرطاج المسرحية ليكون شاهدا على تاريخ تونس السينمائي وثروة مرئية تستفز فينا الحياة.
مخزن جامع لنحو ثمانين ملصقا راوح بين القديم من الأعمال "كالسفراء" للناصر الكتاري و"الفلاقة" لعمار الخليفي وأخرى لمخرجين مخضرمين ك"بنت فاميليا" للنوري بوزيد و"صمت القصور" لمفيدة التلاتلي و"سلطان المدينة" للمنصف ذويب و"قوايل الرمان" لمحمود بن محمود وثالثة حديثة ك"الفيزا" و"سيني شيتا" لإبراهيم اللطيف و"بابا عزيز" للناصر خمير و"ثلاثون" للفاضل الجزيري، ليظل حلم بن جمعة كبيرا لتوسعة الرواق في ظل ما تعيشه تونس اليوم من حركة سينمائية متطورة وكثيفة.
فمن لهذه السينما من حافظ لها سوى "مخزن" طموح لشاب أكثر طموحا.
____________
*صحفي من اسرة العرب الاسبوعي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.