لم يتردد السيد باراك أوباما في الإجابة عن سؤال هو الأهم والأكثر إلحاحاً هذه الأيام حول عملية السلام والآمال المعلقة على إدارته الجديدة بالقول إنه لا يملك جدولاً زمنياً لمشروع سلام محدد المعالم رغم تأكيده على وجوب التزام كل الأطراف بخطة خارطة الطريق وحل الدولتين وخصوصاً حديث إدارته الجديد القديم حول ضرورة توقف إسرائيل عن بناء المستوطنات أو توسيعها. إن عدم تحديد جدولة للعملية في المنطقة سواء تعلق الأمر بأولويات المراحل التي يجب أن تنتقل بها العملية انسيابياً لتحقيق الهدف وصنع السلام على كل المسارات، ورفض تحديد أوقات ومدد زمنية لتلك المراحل يعيد الأمور إلى ما كانت عليه في زمن بوش الصغير، بل أسوأ، لأن السيد أوباما وإدارته حظيا بكل الدعم والإسناد اللازمين من الوطن العربي والسلطة الفلسطينية وبات هناك شبه إجماع على منح 99% من أوراق الحل لهذه الإدارة الأمر الذي يعني منح مزيد من الوقت لها وضياع كل فرصة جدية لصنع السلام تحت ذريعة التغيير سواء في أمريكا أو في الكيان الصهيوني وهو ما تكرر منذ اتفاق أوسلو، بل منذ مؤتمر مدريد وحتى هذه اللحظة. إن خطاب الرئيس أوباما الذي سيوجهه للعالم الإسلامي من مصر وزيارته للسعودية يجيئان في سياق مختلف عما يأمله البعض من مروجي الحل الأمريكي، فهو سيكون لخلق عملية التوازن التي أثير حولها صخب بعد خطابه السابق لذات العالم من تركيا كما أن زيارته للمملكة السعودية لخلق ذات التوازن فيما يتعلق بزيارته لمصر وخطابه المرتقب منها وهو في أحسن الأحوال لتجميل صورة أمريكا الكريهة عند الشعوب العربية والاسلامية، بينما يحاول هذا البعض إيهامنا أن أوباما جاء للمنطقة ليقدم البلسم الشافي لجروحها وخاصة قضية الشعب الفلسطيني. لو كانت الإدارة الأمريكية جادة في إنجاح الحل أو حتى البدء في تطبيقه لقامت بممارسة الضغط على رئيس وزراء إسرائيل أثناء زيارته لواشنطن وهي تملك كل الأوراق اللازمة لذلك ولما تجرأ نتنياهو وبعض أركان حكومته على تأكيد ذات المواقف الرافضة لحل الدولتين او وقف الاستيطان بعد تلك الزيارة. نحن نواجه إدارة أمريكية وإن اختلفت عن الإدارة السابقة في بعض التكتيكات والمناورات، وفي لغة التخاطب مع الآخرين بمرونة أعلى إلا أنها في المسألة المتعلقة بالصراع العربي الصهيوني لا تختلف بالمضمون أو في العناوين الرئيسية للصراع وطرق حله عن الإدارة السابقة. من هنا نرجح أن تكون خيبة الأمل كبيرة هذه المرة بحجم الآمال المعلقة على زيارة الرجل وخطابه المرتقب، هذا الخطاب الذي تم تصويره بأكبر مما يستحق من التركيز والاهتمام في لعبة وهمية تتكرر باستمرار، اللهم إن كان الرجل قد حضر لتعزيز الحلف الذي تحدث عنه نتنياهو وهيلاري كلينتون ضد إيران ويضم بعض العرب، الأمر الذي نرجحه.