استفادت تونس من الأزمة الاقتصادية التي ضربت أوروبا، وخصوصاً فرنسا، باستقطاب مؤسسات هاجرت من بلدها بحثاً عن يد عاملة أرخص. وفُتح في البلد 250 مركز اتصال (call centers) أتت أساساً من فرنسا، لتشغيل كوادر محلية برواتب متواضعة قياساً بما كانت تنفقه على العاملين في مكاتبها الأوروبية. وأمنت المراكز 20 ألف فرصة عمل، بحسب وزير الاتصالات التونسي محمد ناصر عمار، ما جعل البلد محطة إقليمية مهمة لمراكز الاتصال، ومصدراً لتصدير الخدمات الهاتفية. وأعلن عمار أمس في منتدى خُصص للبحث في وسائل استقطاب مزيد من مراكز الاتصال، وتحسين العلاقات مع الزبائن، ان تونس أطلقت خطة لتطوير البنية الأساسية للاتصالات والوصول إلى سعة أرفع، تؤمن النفاذ عبر الألياف البصرية ل 300 منطقة صناعية، بكلفة تقدر ب 120 مليون دينار (85 مليون دولار). لكن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حض أخيراً الشركات الفرنسية، التي انتقلت إلى الضفة الجنوبية للمتوسط، على العودة إلى بلدها، للمساهمة في حل مشكلة البطالة، وخص بالذكر مراكز الاتصال. وأثارت الدعوة مخاوف في البلدان المعنية، خصوصاً المغرب وتونس. واتخذ البلدان في السنوات الأخيرة إجراءات تشريعية لحفز المستثمرين الأجانب على إنشاء مزيد من مراكز الاتصال بكلفة محدودة، أملاً في إيجاد فرص عمل للشباب العاطلين من العمل، خصوصاً خريجي الجامعات. وتخلل منتدى «واقع مراكز الاتصال وآفاقها»، عرض لنماذج من أنشطة المؤسسات العاملة في القطاع، بمشاركة خبراء ومكاتب دراسات ذات صلة، من أجل البحث في كيفية تطوير نشاطات مراكز الاتصال، بالاعتماد على التكنولوجيات الحديثة، وتحسين نوعية الخدمات التي تقدمها للزبائن. وتستقطب مدينة تكنولوجيات الاتصال «الغزالة» شمال العاصمة تونس، غالبية مراكز الاتصال التي اختارت الهجرة من أوروبا إلى تونس، وهيأت فضاءات إضافية لاحتضان مشاريع جديدة في المدينة، وفقاً للمواصفات الدولية في مجال التسويق عن بعد، وخدمات المساندة الفنية الأساسية، وعقد الصفقات وأنشطة البحث والتطوير التكنولوجي وهندسة الاتصالات. واحتلت تونس المرتبة 17 عالمياً عام 2009، بصفتها إحدى الوجهات المفضلة للمؤسسات، وفقاً للمؤشر العام للهجرة ومعاودة الانتشار في قطاع الخدمات، والتصنيف الذي وضعه مكتب الاستشارات العالمي «أي تي كيرناي».