القرار المصيري الذي اتخذه توني بلير بغزو العراق سوف يلقي بظلاله على فترة رئاسته للحكومة البريطانية والتي وضع لها حدا في السابع والعشرين من يونيو المقبل بعد عشر سنوات قضاها في 10 داوننج ستريت. وما زاد من اللغط الدائر بين البريطانيين حول شرعية الحرب، دفاع بلير الدائم عن غزو العراق حيث يؤكد دائما انه كان قرارا صائبا. كما ينظر بريطانيون معارضون للحرب الى بلير على انه فضل الوقوف الى جانب الولاياتالمتحدة لتحقيق رغباتها بدلا من مساندة الاممالمتحدة. وفي الوقت الذي ادى فيه وقوف بلير على طول الخط مع واشنطن الى فقدان شعبيته في الداخل، نجد انه ولنفس السبب يحظى بتعاطف ودعم من كبار المسؤولين في الادارة الامريكية. وكان كولن باول وزير الخارجية الامريكي السابق (من 2001 الى 2005) قد قال لبي بي سي "انه بلا شك ان بلير له تأثير على الساسة العالمية وانه ايضا له تأثير كبير على الصداقة التي تربط بين الولاياتالمتحدة وبريطانيا". واضاف ان بلير "صديق وقف صامدا في وجه الرأي العام السلبي، بمكننا دائما الاعتماد عليه". واوضح باول: "بلير اتخذ القرار بالوقوف الى جانبنا ولا يساورنا القلق بانه سيتخلى عنا يوما، وهذا ما نسميه صديق وقائد قوي". وما قاله باول ردده الرئيس الامريكي جورج بوش ايضا حيث امتدح بلير واصفا إياه بأنه "أحد أقوى القادة في أوروبا". وفي الوقت الذي كانت تتدهور فيه شعبية رئيس الوزراء وحزب العمال في بريطانيا كان دائما عن جدوى الحرب في العراق وعن وقوفه الى جانب الولاياتالمتحدة. وفي تصريح له قبل قمة جمعته بالرئيس الامريكي منذ حوالي عامين قال بلير إن العلاقة بين أوروبا وأمريكا "كانت حجر الزاوية لأمننا لسنوات طويلة، لأنها أقيمت على قيم مشتركة". واضاف: "سنبذل كل ما بوسعنا لضمان أن تظل هذه العلاقة قوية". وبرغم تزايد العنف في العراق الذي يحصد ارواح العشرات بصورة شبه يومية كان بلير يتحدث من وقت لاخر حول المستقبل الزاهر الذي ينتظر العراقيين. وعقب الانتخابات العراقية التي جرت عام 2005 قال بلير إن من الممكن ان يصبح العراق "دولة مستقرة ومزدهرة وديمقراطية". وارجع المحللون محاولات بلير للحديث عن الاستقرار في العراق الى حرصه على أن يظهر لأنصاره في بريطانيا أن تأييده لبوش كان له فائدة لتحسين صورته في الداخل بعد ان اهتزت ثقة الناخب البريطاني فيه. رفض الاعتذار وقبل اشهر قليلة من تركه منصبه اكد بلير رفضه الاعتذار بسبب تردي الأوضاع الأمنية في العراق وقال ان ذلك ليس ناجما عن تقصير بريطاني أو أمريكي. واشار بلير في مقابلة مع بي بي سي ان الوضع في العراق رهيب خاصة حول بغداد ولكن المسؤولية عن ذلك تقع على كاهل المجموعات المسلحة. وأنكر بلير ان يكون غزو العراق عام 2003 قد أدى بشكل مباشر الى الوضع الحالي ولكنه قال ان مسؤولية الغرب البقاء الى جانب الشعب العراقي "لحين ترسيخ الديموقراطية". وقبل ايام من تحديد بلير لموعد تنحيه عن منصبه اعترف وزير الدفاع البريطاني أثناء غزو العراق جيف هون بارتكاب أخطاء قاتلة عند التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب في العراق. واشار في مقابلة صحيفة انه إضافة لهذه الأخطاء فان عدم المقدرة على التأثير على كبار مسؤولي الإدارة الأمريكية قد أدى إلى هذه الفوضى التي يمر بها العراق حاليا حتى الآن. واشار هون أن البريطانيين كانوا لا يدركون تأثير نائب الرئيس ديك تشيني على قرارات الإدارة الأمريكية. وقال "كان توني بلير يتحدث إلى الرئيس الأمريكي ويقنعه ثم أقوم بالاتصال بوزير الدفاع الأمريكي حينها دونالد رامسفيلد وأقنعه ويقوم جاك سترو بنفس الشيء مع وزير الخارجية كولن باول ويتم التوصل إلى تفاهم لكن كنا نتفاجأ بعدها بصدور القرار من جهة أخرى لم نكن على اتصال بها وهو نائب الرئيس ديك تشيني". وبعد رحيل بلير عن عالم السياسة سيبقى العالم يتذكره على انه ادخل البلاد في حرب العراق واستمر مدافعا عن قراره على طول الطريق.