أبطل القضاء في تونس في الآونة الأخيرة، العمل بمنشور يمنع ارتداء الحجاب للموظفات والطالبات والأعوان الإداريين، معللا ذلك ب "عدم دستورية" المنشور. وكان وزير التربية، الصادق القربي، أصدر في وقت سابق قرارا بإيقاف المدرّسة سعيدة عدّالي عن عملها بحمام الأنف، بسبب ارتدائها الحجاب، مع حرمانها من راتبها لمدة ثلاثة أشهر.. واعتبر الوزير في التقرير الذي قدّمه للمحكمة، أن قرار إيقاف المُدرّسة عن العمل، اتخذ بسبب تعمد المدرسة ارتداء لباس "يوحي بالتطرّف" (في إشارة إلى الحجاب)، الذي تعتبره الحكومة لباسا متطرفا وطائفيا يخفي مظهرا سياسيا واضحا. غير أن المُدرّسة، لم ترض بالقرار الوزاري، ورفعت دعوى قضائيّة لدى المحكمة الإداريّة ضدّ وزارة التربية. وأعلم القضاء الإداري الحكومة بحُكمه القاضي بإبطال قرار إيقاف مُدرّسة ثانوي عن العمل لارتدائها الحجاب وتغطيتها رأسها، وذلك بناء على "المنشور 108، الذي يستخدم في تونس لحظر ارتداء الحجاب. وعلّل القضاء الإداري حُكمه (الذي حصلت "الشرق" على نسخة منه)، بكون هذا المنشور "مُخالف للدستور"، ومن ثم "عدم شرعيّة" القرار الوزاري، بل إن المحكمة نصت بوضوح، على أن تطبيق المنشور "قد ينتج عنه تهديد للحريات الأساسيّة واستعماله مطيّة للتضييق على الحقوق الفرديّة".. وقررت القاضية سامية البكري التي جلست للنظر في هذه الدعوى القضائية تحت عدد 10976/ 1، ببطلان قرار الوزير وحمل المصاريف القانونيّة للقضية على الدولة. وتعد هذه المرّة الأولى، منذ بدء العمل بالمنشور 108 بداية الثمانينيات من القرن المنقضي، على عهد الرئيس الراحل، الحبيب بورقيبة، التي يتم فيها إبطال مفعول المنشور 108 بموجب قرار قضائي. وكانت السلطات التونسية، استندت إلى هذا المنشور منذ ما يزيد على العشرين عاما، لمنع الموظفات والتلاميذ والطالبات، من دخول المدارس والجامعات والمواقع الوظيفية بالحجاب. وشنت السلطات الأمنية خلال الشتاء المنقضي، حملة واسعة على المحجبات، في الشوارع والأسواق العمومية، في مسعى "للتقليل من مظاهر الانغلاق والتطرف والطائفية"، كما تصفها.