قال علماء وحجاج مسلمون شهدوا مناسك الحج الأخيرة إن الخطوة التونسية بإطلاق "إذاعة الزيتونة" للقرآن الكريم تعتبر خطوة محمودة وتؤكد مدى الاهتمام الرسمى التونسى بالدين الإسلامي. وقال مدير الإذاعة الدكتور كمال عمران "المدير السابق للإذاعات التونسية" إن علماء من أقطار إسلامية مختلفة بينهم سعوديون وعرب أثنوا على الخطوة التونسية وباركوا المرامى التى ستحققها. وقال عمران فى مراسلة صوتية لإذاعة الزيتونة من الأراضى المقدسة يوم الوقوف بعرفة إن هؤلاء العلماء دعوا الله أن يبارك جهود من بعثها ومن ساعده على ذلك. وكان إعلان الرئيس التونسى زين العابدين بن على عن بدء انطلاق بث الإذاعة فى الأول من شهر رمضان المبارك الماضى "1428" قد قوبل بإشادات كبيرة فى المستويين المحلى والخارجي. وتعتمد الإذاعة فى برمجتها على تعليم القرآن الكريم وترتيله بأصوات تونسية شابة ومميزة، الى جانب تلقين قواعد النطق والتجويد فى الترتيل وذلك فى إطار الربط التفاعلى مع الجمهور. وتخصص بقية البرامج للأحاديث النبوية الشريفة وقصص الأنبياء والأدعية والابتهالات إضافة إلى شرح مقاصد الشريعة الإسلامية السمحة. ويتواصل بثها على مدار الساعة ويغطى جزءا كبيرا من مساحة البلاد. ويقول تونسيون إن الإذاعة، التى تلقى إقبالا كبيرا بينهم، هى جزء من الرؤية التونسية للدين، وهى رؤية تنبذ التطرف والمغالاة، فى أى اتجاه كانا، وتؤسس للتسامح والاعتدال. وفى هذا السياق، أكد مدير "الزيتونة" الدكتور كمال عمران أن برامج الإذاعة يعدها جيل من الشباب التونسى المتشبع بمعانى الدين الإسلامى الذى يتميز منذ وصول الفاتحين الأول بالتسامح والاعتدال والوسطية النابذة لكل غلو وتشدد. وكانت وكالة الأنباء التونسية الرسمية قدمت ل"الزيتونة" فى انطلاقتها بأنها تهدف "للتشجيع على إشاعة الفكر النير والمستنير ونشر قيم الإسلام الصحيحة وفى مقدمتها التسامح والتكافل والاعتدال"، فيما أكد مسؤولون تونسيون فى وسائل الإعلام المحلية أن وجود هذه الإذاعة لا يعنى التخلى عن الثوابت التى يدافع عنها المشروع التحديثى للرئيس بن علي، بل هى جزء منه وضمانة له، إذ لا تحديث يقطع الصلة مع مكون من مكونات الشخصية الوطنية، والإسلام مكون أساسى للهوية فى تونس. ويقول المدافعون عن الإذاعة إنها جزء متمم لخطوات إستراتيجية اتخذتها تونس للتصدى للتطرف، وهى رافد وداعم للمشاريع الكثيرة التى أنجزتها البلاد خلال عشرين عاما لمواجهة الفقر والبطالة والأمية، وهى العناصر الثلاثة التى يتغذى منها الإرهاب. إلى ذلك، يؤكد هؤلاء أن خيار التحديث أصبح جزءا من ثقافة المواطن التونسي، فلا يمكن بأى حال حتى مجرد الافتراض أن تونس يمكن أن تتخلى عن المكاسب التى تحققت فيها للمرأة مثلا، فهى مكاسب نابعة من رؤية تأسست على تأصيل إصلاحى توارثه التونسيون ويستمد مشروعيته من قراءة تنويرية للإسلام تأخذ بالمقاصد، وهى مدرسة عريقة فى التاريخ العربى الإسلامي، تعطى الأولوية للعدل والمساواة والوسطية والاعتدال كقيم ثابتة فى النص القرآني، وتجعل الاجتهاد عنصرا مفصليا فى قراءة النصوص والربط بينها وبين المتغيرات، أى أن يكون للعقل دور كبير فى صياغة معالم الحياة. ويضيف هؤلاء أن الرئيس التونسي، الذى أمر ببث الأذان فى التلفزيون منذ وصوله إلى الحكم، أكد فى كل خطاباته أن خيار التحديث ثابت أساسى فى رؤيته لتونس الغد، تماما مثل التعدد الفكرى والسياسى وحرية التدين. ويقول تونسيون إن المشهد الإعلامى يعكس عادة رغبة المجتمع وتطلعاته وتنوعه، فهناك إعلام سياسي، وثقافي، ورياضي، ومن المهم أن يكون هناك إعلام دينى يتماشى مع الرؤية الوطنية ويحافظ على دوره فى نبذ التشدد والتطرف ويبحث فى جوهر الدين الإسلامي. *سكرتير تحرير جريدة العرب