مثّل ملفّ فيروس أنفلونزا الطّيور في تونس مؤخّرا الشّغل الشّاغل للمواطن التّونسي و هاجسا أقلق مختلف الفئات الإجتماعية على إختلاف درجات إستهلاكها للدّواجن و الطيور كمًّا و كيفًا. و عليه أضحت مصارحة التونسيين بواقع هذا الفيروس من عدمه ضرورة قصوى و أكثر من أي وقت مضى للوقوف على مدى حقيقة المسألة مع الأخذ بعين الإعتبار جميع الإحتياطات اللاّزمة لإماطة اللّثام عن كل ما من شأنه أن يمثّل خطرا محدّقًا على سلامة مستهلكيي الدّواجن. وابل من الإستفهامات المشوبة بشيء من الحيرة يستدعي إجبارية وضع النّقاط على الحروف و الإهتداء إلى الأسباب الحقيقية التي تقف وراء وجود فيروس الأنفلونزا خصوصا بعد تسجيل عدّة حالات وفاة للطيور بمحميّة إشكل بولاية بنزرت و الحال أنّ التحاليل المُجراة على فصائل الطيور هناك أفرزت وجود حالة واحدة تحمل أعراض فيروس الأنفلونزا..و لسائل أن يتساءل هنا حول ما إذا كانت وفاتها بصفة عادية أو تضامنا مع سابقاتها في نفس المصير؟ كيف يمكن الحديث عن حالة وفاة واحدة في الوقت الذي توجد فيه أنواع مختلفة من الطيور؟ إذا كانت أسباب الوفاة مختلفة،فكيف ماتت هذه الطيور إذاََ؟ كلّ ما أُرجف و قيل يفتح الباب على مصراعيه لمشهد بات ضبابيًّا نوعا ما، غير أنّ نزيف الأسئلة تجاوز ذلك لنستفهم في حيرة،"لماذا لا تتم مصارحة التونسيين بحقيقة الوضع إمّا بالتأكيد أو بالنفيّ إستنادا إلى تقديم معلومة شافية و ضافية و من مصدر موثوق به و على رأسها وزارة الفلاحة و الهياكل التابعة لها؟" إنّ المتأمّل مليًّا لسوق الدّواجن التونسية اليوم بشيء من الرويّة و الرّصانة، ينتهي إلى الإقرار بهبوط لافت لأسعارها على إختلاف طريقة بيعها خصوصا في الفترة الأخيرة المُتزامنة مع الإحتفالات بحلول السنة الإداريّة الجديدة، و من ثمّة فالمسألة أيضا مرتبطة بما حدث مؤخّرا في ولاية الكاف بعد ما عمد صاحب مدجنة إلى بيع كل كميّة الدّجاج و بأبخس الأثمان بعد ذبحها بُغية ترويجها.. الأمر لم يقتصر لا على بنزرت و لا الكاف بل تجاوز ذلك لتنطبق المسألة نفسها على كميّة أخرى من الدّواجن المُخزّنة بولاية صفاقس ينتظر صاحبها الوقت المُناسب لإستغلالها كأحسن ما يكون إمّا ببيعها لمبيت جامعي أو لفائدة ثكنة عسكريّة أو غيرها. نزول مُؤشر الأسعار لم يقتصر على أصحاب المداجن و غيرها من المسالخ العشوائيّة بإعتبار أن الفيروس يتلاشى بعد الذبح و يضمحلّ بمجرّد الإستهلاك و لا يمثّل خطرا على صحّة صاحبه في عمليّة الصيد مثلا والتي تكون فيها العلاقة مباشرة مع الطير..الأسعار نزلت أيضا في المغازات الكبرى و الفضاءات التجارية التي تبيع بالجملة والتفصيل، إذ وصل ثمن الدجاجة المصلية الجاهزة للبيع إلى ثمن لم نعهده من قبل فقد سجلنا أنّ أحد الفضاءات التجارية الكبرى بالعاصمة تبيع الدجاج المصلي للعموم ب 4700 مليم للدجاجة الواحدة !! وهو ما يعني بالضرورة أن ثمن الكيلوغرام الواحد من الدجاج المعد للطبخ سيكون أقل بالتأكيد. بات على وزارة الفلاحة و على رأسها "سمير بالطيّب"،تقديم المعلومة و كشف الحقيقة في كنف من الشّفافية و المصداقيّة، و لا بدّ من تسمية الأشياء بمُسمّياتها، لأنّ غياب المعلومة يدعو إلى الشكّ و الريبة و يطرح عدّة إشكاليّات حول تفاصيل غامضة تحفّ بالمسألة.