نصيب المنظومة العلاجية العمومية يبدو ثقيلا... ولا بدّ من تدابير جديدة لاستيعاب من اختاروها تونس الصباح: مع نهاية شهر أفريل الفارط، تكون منظومة التأمين على المرض قد طوت مرحلتها الثانية المتعلقة باختيار المضمونين الإجتماعيين لإحدى المنظومات العلاجية الثلاث، وذلك بعد تمديد فترة الاختيار بشهر كامل لإعطاء ما يكفي من الوقت في مجال هذا الإختيار. وتعتبر هذه المرحلة في إرساء المنظومة من أدق المراحل، حيث أنها ستفرز أو تعكس الاختيارات العامة للمضمونين الاجتماعيين، وتحدد أيضا دور كل منظومة حسب منتسبيها. وعلى قاعدة هذا الاختيار ستحدد جملة من الجوانب الاخرى ذات العلاقة بمراحل المنظومة، وببداية نشاط المنظومات العلاجية وفقا لعدد منظوريها الذين اختاروها. فماذا عن نسبة المشاركة العامة في اختيار المنظومات؟ هل كانت مدة الاختيار كافية؟ ماذا أفرز هذا الاختيار؟ وهل هناك تكافؤ وتوازن بين المنظومات حسب هذا الاختيار الحاصل؟ ومتى يتم الاعلان عن النتائج التي أفرزتها مرحلة اختيار المنظومات؟ وماذا في الأخير عن نصيب المنظومة العلاجية العمومية من هذا الاختيار وهل هي قادرة على استيعاب الذين وقع اختيارهم عليها والذين لم يشاركوا في عملية الاختيار مادام هناك قرار بدمج كل مضمون لم يشارك في الاختيار صلبها؟ حول مدة اختيار المنظومات الممنوحة للمضمونين تجمع أطراف عديدة ذات العلاقة بمنظومة التأمين على المرض أن فترة اختيار المنظومات العلاجية التي منحت للمضمونين كانت قصيرة جدا وذلك على الرغم من تمديدها بشهركامل. كما تشير هذه الأطراف إلى أن عملية اختيار المنظومات لم تتوفر لها جملة من الشروط القانونية والاجرائية وحتي العملية والادارية، لكي تجعلها مستوفية لاختيار تتوفر فيه جوانب الاقتناع بهذه المنظومة العلاجية أو تلك. ولعل أبرز ما ينقص هذا الاختيار هو السقف الذي لم يعلن عنه بعد والذي على قاعدته يتم جانب هام من هذا الاختيار لما يمكن أن يوفره للمضمون من سعة اطلاع على خصوصية كل منظومة. ولعل ما أشار اليه البعض ممن شاركوا في ندوة "الصباح" حول منظومة التأمين على المرض الأخيرة بخصوص مدة اختيار المنظومات العلاجية، وما يرتبط بها من شروط كانت لا بد أن تتوفر مجمعة ليكون الاختيار ناجحا وسليما، ودعوة هؤلاء الى أن تكون مدة اختيار المنظومات أطول أو مفتوحة يبدو لنا صائبا، لأنه ولحد نهاية أفريل الفارط كانت هناك ضبابية لدى المضمونين، وهناك نسبة هامة منهم لم تشارك في هذا الاختيار على أمل أن يقع التمديد فيها، أو يصدر ما من شأنه أن يبدد بعض المخاوف. إلى أين وصلت نسبة المشاركة في اختيار المنظومات العلاجية؟ لئن لم يتم بعد الإعلان رسميا على نتائج المرحلة الثانية من إرساء منظومة التأمين على المرض والمتصلة أساسا باختيار المنظومات العلاجية، ونصيب كل منها، فإن مصادر قريبة من ال"كنام" أشارت أن نسبة المشاركة العامة للمضمونين في هذا الاختيار كانت تقريبا في حدود 40 في المائة. ولو سلمنا بصحة هذه النسبة ومستواها لتبين لنا جانين أساسيين : الأول يتمثل في أن هذه النسبة تعتبر محترمة قياسا بالمدة الزمنية الممنوحة للاختيار وبما أحاط به من نقص في جوانب عديدة تنظيمية وحتى قانونية، والثاني أن هذه النسبة لم ترتق للمأمول في حجمها، وقد تنتج عنها جملة من الصعوبات والعراقيل في مسار المنظومة بشكل عام، وفي نشاط المنظومات العلاجية بشكل خاص. ما هي أبرز الصعوبات المنتظرة في ضوء هذه النتائج؟ إن أول ما يلفت الإنتباه أو يبرز للعيان، ويمثل السؤال الرئيسي على قاعدة نسبة المشاركة العامة التي تمت لحد موفي شهر أفريل في اختيار المنظومات هو أن عددا هاما من المضمونين الاجتماعيين لم ينخرطوا في عملية الاختيار لإحدى المنظومات العلاجية. وهذا الموقف يتطلب بحثا عميقا عن الأسباب، ومراجعة لبعض الجوانب في مسار المنظومة وحتى القوانين والفصول التي تحكمها. كما أننا لا نعلم أيضا بعد عن نصيب كل منظومة في عدد المضمونين الذين اختاروها، وما اذا كان هذا الاختيار قد أفرز توازنا بين المنظومات في عدد الذين سينتسبون اليها. وهذا الجانب يعتبر حسب تقديرنا أساسيا لأنه يؤسس لإستعداد كل منظومة على قاعدة منخرطيها، ولمجالات نشاطها، وقدرتها على العمل في المراحل القادمة من اكتمال المنظومة العلاجية. المنظومة العلاجية العمومية بين من اختارها ومن سيوجه إليها هناك جملة من المؤشرات تشير الى أن المنظومة العلاجية العمومية ستتحمل العبء الأكبر على قاعدة هذا الاختيار من ناحية، وعلى ما سينجر عنه من تبعات بخصوص ضم كل الذين لم يشاركوا في اختيارالمنظومات اليها وذلك طبقا للجوانب القانونية في هذا المجال. وبحساب بسيط ، وعلى ضوء التقديرات التي أشار اليها بعض المطلعين بخصوص النتائج التي أفرزتها نسبة الاختيار للمنظومات فإن نصيب المنظومة العلاجية العمومية سيكون في حدود 60 في المائة من جملة المضمونين. فهل أن هذه المنظومة قادرة على استعاب هذا العدد؟ وهل هي مؤهلة عمليا لذلك؟ ثم ماذا عن نصيب المنظومتين الأخريين وعن نشاطهما وعدد المنظوين تحتهما؟ وهل أنه سيحصل عدم توازن في آداء المنظومات وفي عدد المنخرطين فيها؟ ان جملة هذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة الأخرى التي ستتولد عن تقدم المنظومة ستمثل مشغل الجميع وسيتواصل طرحها على اعتبار أنها اسئلة أساسية تتطلب أجابات في حينها.