تونس الأسبوعي نظرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس في الأيام الماضية في قضايا تورطت فيها مجموعة تتكون من ستة أشخاص بينهم فتاة من أجل ارتكاب البعض منهم لجرائم الخيانة الموصوفة وتدليس ومسك واستعمال مدلس وبالنسبة للآخرين المشاركة في تلك الجرائم التي تسلطت على ما يقل عن 70 صكا راجعة لصاحب شركة وساطة قمرقية.
وتتلخص وقائع الملف في أن صاحب الشركة قد تقدم بشكاية ضد أحد أجرائه ناسبا له تدليس عدة صكوك تابعة له قدّر قيمتها الأولية بمائتين وثمانين ألف دينار، وذلك بإدخال تغييرات على أسماء الشركات المستفيدة لتصبح بأسماء أشخاص آخرين لا تربطهم أية صلة عمل بالشاكي، كما تم استغلال بعض الصّكوك التابعة للوسيط وتقليد إمضائه وذلك بعد تدوين أسماء بعض الأشخاص كمستفيدين للقيام بعمليات الاستخلاص. ويبدو من الأبحاث المجراة أن محتسب الشركة كان أشعر زميله المكلف بإيصال الشيكات المعدة لخلاص الشركات المتعامل معها بأنه افتقد مؤخرا دفتر شيكات تابعا لمؤجرهم فلم يمر وقت طويل حتى اكتشف العون هوية الفاعل إذ اعترف له زميل لهم آخر أثناء جلسة خمرية بأنه هو من استولى على دفتر الشيكات. لكن العون المختلس نجح في إقناع زميله بأن بوسعه تذييل الشيكات المسروقة بإمضاء مقلد لمؤجرهما ثم استعمال تلك الشيكات لشراء مجموعة من الطوابع الجبائية يقع التفريط فيها لاحقا واقتسام ثمنها. لكن ما إن شرع العونان في تنفيذ مخططهما حتى تفطن إليهما المحتسب فطلب منهما تمكينه من جزء من حاصل عمليات التدليس المجراة مقابل كتمان الأمر. ثم بمرور الوقت أضحى المحتسب يمكن صاحبيه من شيكات ممضاة ضمنت بها الأحرف الأولى من أسماء الشركات المستفيدة من الصك بحيث يترك فراغا بين كل حرف من حروفها فيقوم أحدهما بالبحث ضمن أصدقائه أو أقربائه على شخص يحتوي إسمه على نفس أحرف الشركة المستفيدة عندئذ يملأ الفراغات المتروكة بحيث تظهر الشيكات وكأنها حررت منذ البداية بأسماء هؤلاء، ومن ثم يدعو صديقه أو قريبه ذاك إلى سحب مبلغ الشيك لفائدته بتعلة عدم امتلاكه حسابا بنكيا وإضاعته لبطاقة هويته. ومن جهة أخرى كان المحتسب يزود صاحبيه بعدد من الشيكات على بياض ظلّ أحدهما يتولى تذييلها بإمضاء مقلد في حين يتكفل الآخر بتسليم الشيكات لبعض معارفه قصد صرفها لفائدته ومن ثم يقتسم الثلاثة مبلغ الشيك. وقد اتضح من الملف أن العون قد تعود تسليم الشيكات التي يتلقاها من المحتسب لأحد أصدقائه الذي كان بدوره يسلم الشيك في غالب الوقت إلى صهره طالبا منه القيام بعملية الصرف بحجة عدم امتلاكه لبطاقة تعريف ولحساب بنكي فكان الصهر يستجيب لذلك في كل مرة دون تردد. ورغم إنكار صديق العون وصهره المذكور أخيرا لأن يكونا على علم بفساد مصدر الشيكات أو أنهما نالا نصيبا من المبالغ المضمنة بالشيكات التي كانت تسلم إليهما، فقد اعتبرتهما المحكمة شريكين في جريمة تدليس الشيكات على اعتبار أن الأول على صداقة حميمة بعون الشركة وكان رغم علمه بهزالة مرتبه يصطحبه في جلسات خمرية يغدق فيها عليه مبالغ تتجاوز طاقته بكثير، أما صهر الصديق فقد اعتبر بدوره شريكا نظرا لتعدد عمليات الصرف التي تولى القيام بها إلى جانب اعتراف العون عليه بوقوع تعاملات مباشرة بينهما في خصوص بعض الشيكات المدلسة. وعلى كل يبدو أن فتاة تعمل بدورها بشركة الوساطة المتضررة قد تورطت هي الأخرى في تدليس بعض الشيكات المحجوزة، لكنها لم تحضر بالجلسة فحكم عليها غيابيا بالسجن لمدة تزيد عن الستين عاما، في حين قضت المحكمة في شأن المتهمين الآخرين بضم عدد كبير من القضايا وإدانة جميعهم وعقابهم بالسجن لمدد تفوق الأربعين عاما.