الملتقى الدوري الثالث والعشرين لنادي القصة بالوردية الذي التأم هذه السنة أيام 24/25/26 نوفمبر 2017 في الحمامات كانت له خصوصيتان الأولى هي احتفاله بدعم من وزارة الشؤون الثقافية بمائوية ميلاد البشير خريف، والثانية هي تكريم الكاتب التونسي الكبير محمد الهادي بن صالح الذي اقعده المرض منذ مدة عن زملائه الكتاب وعن التظاهرات الثقافية واللقاءات الأدبية وقد كان من ابرز وجوهها واكبر المشاكسين فيها. خلال جلسات الملتقى الخمس وبحضور نجلي البشير خريف سلمى ومحمد تناول مصطفى الكيلاني وفوزي الزمرلي وفوزية الزاوق ورضا بن صالح وعبد الواحد ابراهم ومحمد الهادي بن صالح و توفيق العلوي وعائشة حقي وامين عثمان ومحمود بالعيد وبوشوشة بن جمعة وفتحي النصري جوانب من المسيرة الذاتية والأدبية للبشير خريف انتهت بفكرة عامة عن كتاباته ورسمت الطريق التي ستنظر منها الأجيال القادمة الى قصصه ورواياته. وفي جلسة تكريم الاديب محمد الهادي بن صالح تحدث رئيس نادي القصة احمد ممو عن خطوات مشتركة على طريق الكتابة جمعته بالمكرم فقال: «من خلال المسيرة القصصية لمحمد الهادي بن صالح بين 1975 و 1992 يبرز انتاجه الروائي كتوجه طاغ على جوانب الابداع الأخرى لديه. وهذا ما يكسب هذا الاديب حضورا متميزا على الساحة الأدبية في مجال كتابة الرواية. وقد سبق ان تبيّنا من خلال تحليل ست من الروايات الأولى لهذا الكاتب وضوح البعد الاجتماعي النقدي والتصاق كتاباته بواقع الانسان التونسي والاحداث الاجتماعية التي كيّفت تحولات المجتمع التونسي خلال فترة ما بعد الاستقلال .» ويواصل الكاتب احمد ممو: «..فاذا استثنينا الرواية الأولى لمحمد الهادي بن صالح (في بيت العنكبوت) والتي جاءت احداثها مخضرمة بين فترة ما قبل الاستقلال والسنوات الموالية ، مع ما زامن ذلك من تحولات اجتماعية رصدها الكاتب على المستوى الفردي بالشخوص المعروضة جوانب من حياتهم في الرواية، وعلى المستوى الجماعي كنماذج للتحولات الاجتماعية التي مر بها المجتمع التونسي خلال تلك المدة.. إذا استثنينا هذه الرواية فان بقية روايات محمد الهادي بن صالح هي ألصق ما يكون بواقع المجتمع التونسي، كما تبلورت معالمه منذ منتصف السبعينات. فهذه الروايات تعرض احداثا أساسية في تحول هذا المجتمع مثل «المطلبية النقابية» التي تميز نهاية السبعينات والتي تعرضها كل من روايتي «الناس والحجارة» و»سفر النقلة والتصور» وكذلك «أحداث الخبز» خلال جانفي 1981 التي تعرضها رواية «كلب السبخة» هذا اضافة الى الملاحظات الأخرى المبثوثة في شكل مواقف للشخوص تبين تغير العقليات وتبدل القيم». وتكريما لمحمد الهادي بن صالح في نفس الجلسة قدم بوراوي عجينة محاضرة بعنوان «محمد الهادي بن صالح الكاتب والروائي المؤصل المجدد في القصة والرواية «من بين ما ورد فيها انه من مواليد 22/06/1945 بنفطة (ولاية توزر). اشتغل في عدّة وظائف من بينها العمل في شركة فنون الرسم والنشر والصحافة ثمّ وكالة تونس إفريقيا للأنباء. ثمّ عيّن مدير حسابات ماليّة بالمركز الوطني للجلود والأحذية في خطّة مدير مالي (منذ 1975). وعمل به مديرا للماليّة ومراجعة الحسابات. بدا محمد الهادي بن صالح الكتابة سنة 1966 وانتسب إلى نادي القصّة بالورديّة (منذ 1968) وحضر مناقشاته وقرأ محاولاته ونصوصه الأدبيّة ونشرت في مجلّة «قصص». كتب القصّة القصيرة في بداية 1967 ونشرها في جريدة «الصّباح». وكتب الرّواية وحرّر الدّراسات والمقالات الأدبيّة وحلّل فيها مؤلّفات قصصيّة تونسيّة. وأعدّ المحاورة الأدبيّة. وحقّق نصوصا أدبيّة سرديّة. وأعدّ مسارد مجلاّت ثقافيّة تونسيّة. وعرّب عددا من الأقاصيص. نشرت أعماله في مجلاّت وصحف تونسيّة منها: «قصص» و»الفكر» و»الحياة الثّقافيّة» (ونشر فيها فصولا من رواياته) (1985-1986) و»العمل» و»الصّدى» و»الصّباح»... وقد أسّس دار بوزيد للنّشر ونشر فيها أغلب رواياته بداية من 1990. ومن بين مؤلفاته الكثيرة ذكر بوراوي عجينة المجموعتين القصصيتين لمحمد الهادي بن صالح وهي «الحلقات الملوّنة» و»وعْد الأخرس والعلاقات المتوتّرة» وسبعة عشر رواية من التي نشرها وقد فاق عددها 22 رواية على الأقل وهي «في بيت العنكبوت» و «الجسد والعصا» و»الحركة وانتكاس الشّمس» و»النّاس والحجارة» و»سفر النّقلة والتّصوّر» و»كلب السبخة» و»من حقّه أن يحلم» و»ألَقُ التّوبة» و»عودة عزّة المغتربة» و»الغربان تأتي من الغرب» و»بيتٌ لا يعرف الدّفء» و»الأبنية الهشّة» «تراب على أعتاب اللّيل»و»راحة المجنون»و»باب الرّحمة» و»ورقات من كتاب العزلة» و»للصمت معنى... وللحياة بقيّة». وفي كلمته وهو محاط بأحبابه وأصدقائه وكل افراد عائلته وفي حضور كريمته صفية عبر محمد الهادي بن صالح عن سعادته بهذا التكريم وقال: «أنا من قلت للعروسي المطوي انت اكبر مصيبة على الادب التونسي وان كنت اجل هذا الرجل ولكنني استغربت من حسن بن عثمان اذ اتهم البشير خريف والعروسي المطوي بتدخين التكروري والحقيقة ان خريف كان يتعاطى نبتة العرعار اما المطوي فلم اعفره مدخنا لأي شيء.. لقد تقبل مني العروسي المطوي ملاحظاتي بصدر رحب.. كنت وعدت جماعة نادي القصة بكتابة 25 رواية وانجزت ما وعدت به.. اوصاني البشير خريف ان اكتب رواية تدور احداثها في خمارة سيدي بوحديد ولكنني لم أتممها علما بانني كتبت عن مصطفى بن إسماعيل ومصطفى خزندار». اما ممثل وزير الشؤون الثقافية محمود الماجري فقد عبر عن سعادته بحضور تكريم كاتب كبير مثل محمد الهادي بن صالح وبلقاء عدد من أصدقائه وبلغ الحضور نيابة عن الوزير محمد زين العابدين تحياته وتشجيعه لكل أعضاء النادي العتيد على ما يبذلونه من مجهودات جبارة من اجل المحافظة على ناديهم واعتبر ان تحديات محمد الهادي بن صالح هي دليل على انتصار روح الكاتب وقال :» استمراركم ونضالكم في هذا النادي العريق هو نجاح للقصة التونسية» ثم تولى تقديم الريشة الذهبية للأديب محمد الهادي بن صالح.