بقلم :فوزي الجلاصي متصرف عام بأملاك الدولة وباحث في القانون - ننشر الجزء الرابع من دراسة قانونية لفوزي الجلاصي المتصرف العام بأملاك الدولة والباحث في القانون حول عقود كان قد ابرمها ديوان الأراضي الدولية. 6 - عدم ثبوت استحقاق الطالبين -الحكم عدد42778 والذي يمثل إعادة للمطلب 7173 انتهت من خلاله المحكمة إلى عدم ثبوت استحقاق العارضين للعقار استنادا إلى عدم حوزهم.. وتصرف الدولة في العقار...» مع أنه كان بإمكان الدائرة المتعهدة حسم مسالة الاستحقاق من خلال فحص سنده وفصل القول بخصوص صحة العقد من حيث أركانه وشروطه بما في ذلك صفة وأهلية الطرف البائع. 7 - مسألة تكييف العقد بالإضافة إلى الأسانيد المألوفة المستمدة من سبب التعاقد وغايته فقد تطرقت المحكمة بمناسبة الحكم عدد 50983 – وهذا جديد - إلى مسالة تكييف العقد معتبرة أن «كتب البيع تضمن عدة شروط من ضمنها اشتراط الانخراط في تعاضدية الخدمات الترابية إضافة لضرورة الامتثال لما جاء به كراس الشروط... وحيث تؤكد هذه الشروط أن الغاية من إبرام عقد البيع هي الانخراط بالتعاضدية وتسهيل تكوينها» وانتهت الى أن الصك لا يمكن اعتباره بيعا تام الشروط وناقلا للملكية مما يجعله غير قابل للترسيم . والملاحظ في هذا الحكم انه كان بإمكان المحكمة التصدي لمسالة صحة العقد، وفصل القول فيها بالاستناد الى النصوص العامة والخاصة النافذة زمن عملية التعاقد . 8 - مادة الطعون في قرارات إدارة الملكية العقارية: بالاطلاع على الحكمين عدد 1330 وعدد 1332 يتبين أن المحكمة اعتمدت الأسانيد نفسها تقريبا، فبعد استعراض إطار التعاقد التاريخي، اعتبرت أن «العقد تشوبه عديد الإخلالات وان الإدارة لم تجانب الصواب عند رفضها ترسيم العقد لعدم وضوح موضوعه» والملاحظ انه كان بوسع المحكمة - تأييدا لموقفها - أن تبين مواطن الخلل في العقد استناد الى مختلف النصوص (العامة والخاصة) النافذة زمن عملية التعاقد. ب) أسانيد الحكم بالترسيم : 1) مادة التحيين : أذنت المحكمة العقارية في عدة مناسبات بترسيم عقود من فئة 67/68 باعتماد عدة أسانيد يمكن استعراض البعض منها : فبمناسبة الحكم عدد 7956 (9) قضت المحكمة بترسيم عقد، معللة ذلك بقولها «بالرجوع للرسوم العقارية.. يتضح أن الإحالة الصادرة لفائدة ملك الدولة الخاص كانت لاحقة لتاريخ صدور البيع من ديوان الأراضي الدولية لفائدة العارضين وكان تبعا لذلك حقوق ملكية الديوان البائع ثابتة..» واضح أن الهيئة تقر بصحة العقد وتأذن بترسيمه دون توقف على ضرورة إثبات حقوق ملكية ديوان الأراضي الدولية، على الرغم من الموانع القانونية التي تحول دون ملكية الديوان في تاريخ البيع، طالما أنه يحجر عليه قانونا في تاريخ البيع التملك بأرض فلاحية ما يجعل حقوقه على المبيع غير ثابتة، ونقل الملكية غير ممكن قانونا ومن ثم عدم صحة عملية البيع وبطلانها وبالتالي انعدام أثرها بين الأطراف وتجاه الكافة . -وفي قضية أخرى (10) أذنت المحكمة «بترسيم الكتب على كامل الرسم العقاري بناء على أن كامل الرسم العقاري في تصرف العارض بالفلاحة»، والحال أن البيع تعلق بجزء فقط من العقار، وعلى الرغم أن العقار في تصرف ش ا ت ف بموجب عقد تسويغ نافذ مبرم بينها وبين الدولة. وواضح أن المحكمة انتهت الى تلك النتيجة دون التأكد من صحة عقد البيع من عدمها ومدى استيفائه الأركان والشروط القانونية المستوجبة ، ومدى توفر الصفة والأهلية في الطرف البائع( الديوان) للتملك ولنقل ملكية عقار فلاحي. -وفي وضعية مشابهة (11) صرحت المحكمة بان «العقد انعقد على الوجه الصحيح وان الدولة فوتت في العقار.. وقبضت ثمنه.. وأن ملكية المشترى قد انتقلت للمشتري «حال أن ذلك لم يثبت، فباعتماد منظومة النصوص القانونية المنطبقة زمن عملية التعاقد يتضح أن الديوان البائع يستحيل عليه قانونا إتمام العملية، عملا بأحكام الفصل 64 مدني ومن ثم بطلانها برمتها. والملفت في هذا الحكم أن المحكمة تحيل إلى أحكام القانون عدد 25 لسنة 1970 للبحث في شروط العقد ومدى احترام العارضين لها، والحال أن عملية التعاقد وقعت قبل 1970. كما تبين للمحكمة حوز العارضين للعقار، حال انه (أي العقار) في حوز وتصرف ش ا ت ف «ش ت للفلاحة» المتسوغة ، بموجب عقد كراء نافذ مبرم بينها وبين الدولة . كما ثبت من حيثيات الحكم أن المحكمة اعتمدت في قضائها حجج تطابق لتوضيح السلسلة النسبية وألقاب وهوية المشترين، وفي ذلك مخالفة واضحة للأحكام القانونية المنطبقة في الغرض . علاوة على أن الحكم صدر لفائدة أطراف ثبتت وفاتهم قبل تاريخ القيام بالمطلب. وفي مناسبة أخرى (12) قضت الدائرة بترسيم العقد استنادا إلى «أن المكلف العام لم يقدم للمحكمة ما يفيد استرجاع العقار لفائدة ملك الدولة الخاص أو ما يفيد إبطال عقد البيع أو فسخه بأي وجه من الوجوه.. ما يدعو الى اعتبار عقد البيع الحالي عقدا صحيحا منتجا لكافة آثاره القانونية أهمها نقل الملكية.. فضلا على وجود سابقة قضائية بالترسيم صادرة عن محكمة الاستئناف كمحكمة طعن في مادة التحيين ( الحكم عدد 30 )... وثبت من خلال البينة المتلقاة على العين سلامة التصرف في العقارات من طرف العارضين واحترامهم الشروط المنصوص عليها بعقد البيع..» والحال أن العقار في تصرف الدولة، بدليل أنها تولت تسويغه لشركتي إحياء و تنمية فلاحية بمقتضى عقد تسويغ نافذ. أما بخصوص صحة العقد المستند إليه من العارضين، فمن الثابت أنها مسألة لا يمكن الجزم بشأنها باعتماد أحكام النصوص النافذة زمن عملية التعاقد طالما أن البائع (د أ د ) يحجر عليه قانونا التملك بأرض فلاحية ما يجعله أمام استحالة قانونية لإتمام البيع ونقل ملكية موضوع البيع عملا بأحكام الفصلين 542 و64 مدني ما يجعل عملية التعاقد برمتها اقرب للبطلان منها للصحة. تضاف إليها مسألة عدم تفعيل العقد واستمرار تصرف الدولة في العقار.. )يتبع(