نفّذ عدد من الصحفيين أمس، وقفة احتجاجية أمام مقرّ النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بالعاصمة، للتنديد بالحملات التي استهدفتهم مؤخّرا من قبل بعض الأمنيين، في تهديد واضح لحرية الإعلام التي تعد أهم مكسب بعد الثورة، وفق ما أكده نقيب الصحفيين ناجي البغوري، في إطار "يوم غضب" الصحافة التونسية. وقال البغوري، إنّ الغاية من تنفيذ هذا الاحتجاج، هي توجيه رسالة مفادها أنّ الصحفيين التونسيين يرفضون عودة دولة البوليس، مثلما رفضوا سابقا سنة 2012 مع النقيبة الراحلة نجيبة الحمروني، عودة دولة الاستبداد تحت غطاء الدين ودافعوا عن الدولة المدنية الديمقراطية. ونوّه بالتفاف الصحفيين ودفاعهم عن مكسب حرية التعبير، الذي يهمّ الشعب التونسي بصفة عامة أكثر من الصحفيين، رغم حقوقهم المنتهكة وأوضاعهم المادية الهشة، قائلا "إنّ الشعب التونسي هو الوحيد في المنطقة الذي يتظاهر اليوم ويعبّر عن رأيه بحريّة ودون خوف، لكن هذه الحرية باتت مهدّدة اليوم في ظل توعّد وزير الداخلية بتتبع منتقدي الوزارة، ومن خلال رصد المكالمات ودعوة بعض الأمنيين إلى تعذيب الصحفيين". وانتقد صمت وزير العدل رئيس النيابة العمومية عن متابعة هؤلاء المعتدين، معتبرا في الآن نفسه، أنّ صمت رئيس الحكومة عن تجاوزات وزرائه وتوجيه رئيس الجمهورية اتهاماته للصحفيين خاصة منهم مراسلي الصحافة الأجنبية يعدّ خطرا على حريّة الإعلام والصحافة. وأكد أنّ الصحافة ستظلّ في مقدمة المدافعين عن حقوق التونسيين، وستواصل نهجها في دقّ ناقوس الخطر كلّما رصدت تجاوزات، باعتبار أنّه لا يمكن تحقيق أي نجاح في ايّ مجال إلا بالصحافة الحرّة، على حد تعبيره. من جانبها، أفادت منسقة وحدة الرصد بمركز السلامة المهنية التابعة لنقابة الصحفيين خولة شبّح، بأن وحدة الرصد سجلت خلال عملها منذ شهر مارس الماضي أكثر من 140 اعتداء طال أكثر من 200 صحفي، مبينة أن نوعية الاعتداءات اختلفت باختلاف مرتكبيها، وأنّ أكثر من 10 اعتداءات استهدفت الصحفيين مارستها مؤخّرا قوات الأمن عبر الإيقافات والمضايقات والمنع من العمل والحملات الممنهجة. على صعيد متصل نفذ الصحفيون أمس في مختلف ولايات الجمهورية، وقفات احتجاجية عبّروا خلالها عن رفضهم محاولة التضييق مجددا على القطاع والمس من حرية التعبير ونددوا بما يتعرض له الصحفيون من ممارسات وتجاوزت تصادر حقهم في التعبير والحصول على المعلومة والنفاذ إلى مصادر الخبر، وذلك على خلفية الحملات الممنهجة التي استهدفتهم مؤخّرا خاصة من قبل بعض قيادات النقابات الأمنية التي تورطت في التحريض ضد الصحفيين وفي ثلبهم. من جهتها عبرت مجموعة من منظمات المجتمع المدني في بيان مشترك أمس عن تضامنها التام مع الصحفيين وحرصها على ضمان سلامتهم الشخصية واحترام دورهم في تغطية الأحداث والوصول إلى المعلومة. وحملت وزارة الداخلية وكل الحكومة التونسية مسؤولية متابعة كل من تثبت إدانته في التحريض وتهديد الصحفيين. وأوردت هذه المنظمات في ذات البيان "نحذر من مغبة تغول المؤسسة الأمنية مجددا بعد أن خلنا أن زمن القمع الأمني قد ولى دون رجعة وأننا أرسينا دعائم امن جمهوري ملتزم بمبادئ احترام الحريات ومنخرط بجد في مسار الانتقال الديمقراطي". وقد وقعت على هذا البيان المشترك منظمات المجتمع المدني التالية: -المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية -اللجنة من اجل احترام الحريات وحقوق الإنسان -جمعية يقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية -جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية -الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان -التنسيقية الوطنية المستقلة للعدالة الانتقالية-