أدى إيقاف انتاج الفلسفاط منذ 20 جانفي المنقضي من قبل المحتجين في الحوض المنجمي الى شلل تام في عديد القطاعات وخاصة منها توقف نشاط المجمع الكيميائي وشركة السكك الحديدية الناقلة للفسفاط.. الأسباب المعلنة للاحتجاجات نتائج مناظرة انتداب 1700 عون في شركة فسفاط قفصة.. لكن هذه ليست الاحتجاجات الأولى على نتائج المناظرات، خاصة اذا علمنا ان شركة فسفاط قفصة تتحمل لوحدها عبء التشغيل في الحوض المنجمي، لكن هذه الانتدابات ليس لها بعد اجتماعي مثل شركات البيئة بل هي مناظرة لانتداب تقنيين تحتاجهم الموارد البشرية للشركة التي سبق لها انتداب 260 اطارا، كما تسخر الشركة صناديق لتشجيع الاستثمار ودعم اهل الجهة وتنويع النشاط. أما الأسباب غير المعلنة لهذه الاحتجاجات فهي متعلقة أساسا بغياب التنمية والبدائل التنموية، وهذا حق اهل الجهة وكان على الأحزاب الحاكمة أولا والتي اغدقت بالوعود على الحوض المنجمي التحرك (بدل الانصراف الى التشابك بالأيدي في لجان البرلمان) لإذابة الجليد والتدخل لدى الأهالي وايجاد حلول تساعد على وقف هذه الاحتجاجات حتى يعود النشاط، لان توقف الإنتاج يضر بكامل البلاد وليس بالحوض المنجمي فقط والولايات التي لها علاقة بقطاع الفسفاط خاصة اذا علمنا ان الخسائر اليومية في المرابيح تفوق المليوني دينار حتى أصبحت ديمومة الشركة مهددة باعتبار ان نفقاتها الشهرية (باحتساب الأجور) تصل إلى 50 مليون دينار مقابل صفر مداخيل، إضافة الى ان توقف الإنتاج يزيد من تأزم الوضع حتى على مستوى السوق الخارجية فعدم الإيفاء بالالتزامات يؤدي حتما الى فقدان الحرفاء. وإذ صحيح ان هذا المشهد، يذكرنا بما حدث في «الكامور» فانه من غير المعقول تعطيل الإنتاج كليا، ومنع العمل بالمناجم واغراق كامل البلاد وتهرئة هذه الشركة الوطنية، لانه في إيقاف الإنتاج لن تكون هناك امكانية للمطالبة بالتنمية والتقليص من نسب البطالة، حيث لن تتوفر السيولة الكافية لبرمجة مشاريع بديلة لتنويع النشاط الاقتصادي في منطقة الحوض المنجمي خاصة اذا علمنا ان شركة فسفاط قفصة توفر سنويا ما يفوق 500 مليون دينار كرواتب ل30 الف عامل في مختلف فروع الشركة. وأمام اعتراف الجميع بغياب سياسة تنموية شاملة تنتشل أبناء الحوض المنجمي من البطالة تحركت عدة اطراف تدرك جيدا تداعيات قطع انتاج الفسفاط وتحويله ومنها الجامعة العامة للنفط والموارد الكيميائية التي يعود اليها المجمع الكيميائي بالنظر حيث أصدرت بيانا تهيب فيه بأهالي الحوض المنجمي وشبابه في كل مسارات تزويد نقل الفسفاط تحكيم العقل وتغليب لغة الحوار للحفاظ على مكتسبات المجموعة الوطنية حيث افادنا كاتبها العام البرني خميلة ان المجمع الكيميائي تعطل نهائيا عن النشاط منذ اكثر من 10 أيام وان الخسائر اليومية تفوق نظيرتها بشركة الفسفاط باعتبار ان المجمع يحول مادة الفسفاط ويزود الأسواق الخارجية والداخلية مؤكدا على ان ما الت اليه الوضعية الاقتصادية والمالية لمؤسسات تحويل الفسفاط من انهيار قد تكون تداعياته على المجموعة الوطنية كارثية وعلى المؤسسات ذات الصلة والاعوان، ودعت الجامعة في الان ذاته الحكومة الى التصدي لظواهر ضرب الاقتصاد الوطني وانهائه عن طريق الاحتجاجات التي تعطل الإنتاج، فكتلة الأجور في المجمع الكيميائي تضاهي مئات ملايين الدنانير ل7500 عامل وعون باحتساب شركات البيئة، لكن العمل متوقف وبالتالي اصبح مصير كل عمال انتاج الفسفاط وتحويله مهددا ان لم نقل سيسبب شلل الإنتاج في احالتهم على البطالة فأي دور لحكماء الحوض المنجمي.. واي دور للحكومة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، طالما الأحزاب وخاصة الحاكمة غير مكترثة للأمر ومنشغلة «بالاطراح السياسية»..؟ منها الخط السريع بين صفاقس وتوزر: إيقاف إنتاج الفسفاط.. يحرم 7 ولايات من خدمات القطارات..؟ اصدر عمال الشركة الوطنية للسكك الحديدية والنقابيون من جميع الجهات منتصف الأسبوع المنقضي في اطار حملة «تسيب السكة» بيانا حمل امضاء الاتحاد الجهوي للشغل بقفصة والفرع الجامعي للسكك الحديدية اكدوا فيه تمسكهم بمؤسستهم وبديمومتها قطاعا عموميا مساهما في النهوض الاقتصادي والاجتماعي بالبلاد، ومما جاء في البيان: امام ما تشهده المؤسسة من تهميش وتعطيل للعمل اثر سلبا على الوضعية المادية والاجتماعية للعمال فإننا: نطالب السلط الجهوية والوطنية بتحمل مسؤوليتها كاملة والتدخل الفوري لرفع الحصار عن الشركة وتامين الشغل بها نطالب بعودة الشركة الى لعب دورها الحصري في نقل الفسفاط، وإعادة قطار المسافرين فورا على الخط 13. من جهتها أصدرت اول امس الجامعة العامة للسكك الحديدية بيانا للرأي العام اكدت فيه على انه اثر التوقف الكلي لإنتاج ونقل الفسفاط فقد اطلقت صيحة فزع إزاء التداعيات الوخيمة لهذه التطورات على موازنات الشركة ومرفق النقل الحديدي برمته.. كما اشارت الجامعة الى ان موازنات الشركة سجلت خسائر متراكمة تناهز 250 مليون دينار منذ سنة 2011 نتيجة الهبوط الحاد لإنتاج الفسفاط وتواتر تعطيل امدادات الفسفاط على السكة الحديدية بسبب الاحتجاجات «التي أصبحت مشهدا يوميا في بعض محاور السكة».. كما جاء في البيان «.. وتأتي هذه الخسائر عقب تراجع رقم معاملات الشركة بعنوان نقل الفسفاط من 41 مليون دينار عام 2010 الى معدل لا يتجاوز 15 مليون دينار على مدى السنوات السبع الأخيرة علما وان نشاط نقل الفسفاط يمثل اكثر من 40% من اجمالي مداخيل الشركة..» واردفت هذه الأرقام بتنبيه الى ان تراجع رقم معاملات نقل الفسفاط يحد من جهود الشركة الى تعصير القطار وتقريب الخدمات من المواطن وتقصير الشبكة الحديدية، اذ بسبب هذه الأرقام والتراجع في رقم المعاملات الناتجة عن توقف انتاج ونقل الفسفاط تواجه الشركة صعوبات فعلية في تنفيذ مشاريع هامة تعود بالنفع على كامل البلاد منها تمديد نشاط المسافرين عبر السكك الحديدية في اتجاه كل من القيروان والقصرين وطبرقة (جندوبة) ومدنين وكهربة قطار سوسة الى جانب تشغيل شبكة القطار السريع لإقليم تونس واحداث خط سريع بين صفاقس وتوزر.. وتدعو الجامعة العامة للسكك الحديدية الى تفعيل القرارات التي تعتبر مواقع انتاج الفسفاط مناطق مغلقة وتؤكد على فرض سلطة القانون على كل محاور السكة الحديدية وتطالب بحكومة حاسمة لضرب القطاع الموازي وتفكيك البيروقراطية من اجل إرساء مناخ اقتصادي يجسم حرية المبادرة..