عديدة هي نقاط الاستفهام التي تحوم حول سلسلة الحرائق التي ترزح المبيتات المدرسية تحت وطأتها منذ فترة حيث ما فتئت تتوسع رقعتها من مدرسة إلى أخرى وسط اتهامات لسلطة الإشراف بعدم تعاطيها جديا مع المسالة حيث اكتفت على حد قول البعض بالجزم بوجود أطراف خارجية تحرك هذه الحرائق دون أن تسعى إلى ضبط استراتيجية فعالة تطوّق الظاهرة وتحمي المبيتات. آخر هذه الحرائق كان ما اندلع فجر أمس بمبيت الإناث بالمعهد الثانوي بالسبّالة من ولاية سيدي بوزيد الذي خلّف أضرارا مادية جسيمة طالت حشايا وأغطية وأضرارا بالبنية التحتية علما انه لم يتم تسجيل أضرار بشرية في الحادثة الذي مازالت أسبابها مجهولة علما أن ولاية سيدي بوزيد شهدت حريقين في مبيتات مدرسية مع تسجيل محاولة حرق مبيت باءت بالفشل.. كما أن هذا الحادث الأخير سبقته حوادث أخرى مماثلة حيث شبّ فجر الثلاثاء 6 مارس 2018 حريق بمبيت الذكور بالمدرسة الإعدادية 1994 بمعتمدية السبيخة من ولاية القيروان وأتت النيران وفقا لما تناقلته أوساط إعلامية على 16 سريرا مزدوجا و32 حاشية و64 غطاء صوفيا إضافة إلى انهيار جزء من أحد جدران المبيت المذكور دون تسجيل أضرار بشرية. كما شبّ ليلة الأربعاء 28 فيفري 2018 حريقا في مكتب بطاقات الدخول بمعهد 9 أفريل بمدينة سيدي بوزيد حيث أورد مدير المعهد في تصريحات إعلامية أن الحريق اندلع بفعل فاعل. وتعرّض مبيت الذكور بالمدرسة الإعدادية أبو بكر القمودي بسيدي بوزيد يوم 22 فيفري الماضي في حدود الساعة الثانية بعد منتصف الليل الى حريق طال احدى الغرف علما انه يوم 13 فيفري 2018 أتى حريق اندلع حوالي الساعة الواحدة صباحا على كامل مبيت الفتيات بمعهد كسرى من ولاية سليانة دون تسجيل أيّة خسائر... واندلع أيضا ليلة 5 فيفري المنقضي حريق بإعدادية25 جويلية 1957 بتالة من ولاية القصرين عن وفاة التلميذتين سرور الهيشري ورحمة السعيدي، وفي نفس الليلة شب حريق في قاعة الاعلامية والمطعم المدرسي بمدرسة الشعانبة التابعة لمدينة الدهماني من ولاية الكاف انجرت عنه خسائر فادحة في التجهيزات. هذه الموجة من الحرائق يؤكد كثيرون بما في ذلك سلطة الإشراف أنها بفعل فاعل ودون الخوض في الأسباب التي تقف وراء هذه العمليات يرى كثيرون انه يتعين على سلطة الإشراف أن تأخذ جديّا بزمام الأمور من خلال ضبط استراتيجية فعالة من شانها أن تطوق الظاهرة. وتفاعلا مع الحريق الذي جدّ أمس أورد وزير التربية حاتم بن سالم في تصريح إعلامي أمس لإذاعة "شمس أف أم" وجود عمل إرهابي في عمليات حرق المبيتات مشيرا فيما يتعلق بحادثة الحرق الأخيرة أن هذه الحادثة تهدف إلى قتل أرواح بشرية معتبرا أن المسالة أضحت خطيرة بما انه تم استهداف مبيت يضم أكثر من 72 تلميذة مؤكّدا وجود أطراف خارجية وراء عمليات الحرق هذه. وبدوره أكد المكلّف بالإعلام بالمندوبية الجهوية للتربية بسيدي بوزيد زهير الغنيمي في تصريح ل"الصباح"ان كل القرائن وكل الحجج تؤكد أن الحريق الذي اندلع فجر أمس بمنطقة السبالة من ولاية سيدي بوزيد وبما لا يدعو مجالا للشك بانه اندلع من داخل المبيت مفسرا في هذا الاطار ان المبيت صغير الحجم ويحرسه أربعة حراس كما أن الإنارة تعتبر كافية للغاية. وهو ما يؤكد ان الحريق قد اندلع من الداخل مشددا في السياق ذاته على ان المندوبية تعمل على قدم وساق من اجل تامين سلامة كافة المبيتات المدرسية موضّحا أن المندوبية أضحت تعمل لساعات متأخرة من الليل من اجل تامين سلامة التلاميذ عملا بالإستراتجية المتوخّاة لتطويق هذه المعضلة. المهتمّون بالمجال التربوي لهم رأي مخالف حيث يوجهون أصابع الاتهام الى سلطة الإشراف التي يرون ان جهودها تعتبر منقوصة في تامين حماية للتلاميذ اذ عبّرت الجمعية التونسية للأولياء والتلاميذ عن شديد انشغالها بسبب تكرر حوادث الحرائق بمبيتات التلاميذ بعدد من جهات البلاد وبمحيطات المدارس معربة عن تخوفها المتزايد بسبب ما يتم تداوله بخصوص تصنيف هذه الحرائق ضمن الأعمال الإجرامية التي تستهدف المؤسسات التربوية. وطالبت الجمعية في بيان أصدرته أمس الأطراف المعنية باتخاذ كل ما يتطلبه الوضع من إجراءات قانونية والقيام بتدابير أمنية وتنظيمية وأشغال صيانة لتوفير الظروف الملائمة لحماية المدارس والمعاهد العمومية وتأمينها على الوجه المطلوب. كما طالبت بالقيام بما يستوجبه الأمر من أبحاث لتقصي حقيقة ما يجري وإعلام الرأي العام بنتائج الأبحاث والتحقيقات القضائية ومعاقبة كل من ثبتت إدانته داعية الأولياء إلى الالتفاف حول التلاميذ والإطار التربوي بمختلف أسلاكه والوقوف في وجه كل من تخامره فكرة الإضرار بالسير العادي للدروس. وتجدر الإشارة إلى أن وزارة التربية أدانت في بيان لها مؤخرا تواتر عمليات حرق المبيتات في الفترة الأخيرة مؤكدة أنه تم تسجيل ما لا يقل عن 6 حوادث في جهات القصرينوسيدي بوزيدوالقيروان وقفصة خلال الأسابيع الثلاث الاخيرة من شهر فيفري مؤكدة أنها بصدد التنسيق التام مع مصالح وزارتي العدل والداخلية ومع السلطات الجهوية لتحديد المسؤوليات والتحقيق في ملابسات إندلاع هذه الحرائق فضلا عن اتخاذ التدابير الكفيلة بمزيد تأمين المبيتات وتعزيز شروط السلامة بها مشيرة الى أنه تم تشكيل خلايا أزمة مركزية وجهوية للمتابعة والتوقي من تكرر حدوث الحرائق. ومن هذا المنطلق يطالب كثيرون خلايا الأزمة هذه بمزيد اليقظة والحيطة حتى لا نقف على حالات مماثلة. يذكر انه الى حد كتابة هذه الأسطر قد نشب بعد ظهر أمس حريق في مطبخ مبيت جامعي خاص جنوب مدينة قابس ما تسبب في حالة من الذعر في صفوف الطالبات وقد تمكّنت الحماية المدنية من السيطرة بسرعة على الحريق الذي خلف أضرارا مادية بسيطة حسب ما نقلته إذاعة "موزاييك أف أم"..