رغم امتلاكها لأكبر عدد من القائمات الانتخابية ب350 قائمة مقارنة بحركة نداء تونس الذي يدخل بقائمات اقل فان حركة النهضة وعلى عكس التوقعات لن تكون الحركة الاولى الفائزة باغلبية المقاعد الجهوية والبلدية وذلك بعد سبر الاراء الداخلي الخاص للنهضة والذي احتلت من خلاله مرتبة ثالثة مقارنة بحركة نداء تونس وقائمات المستقلين التي غطت عددا واسعا من الدوائر الانتخابية. ويبدو تخوف الحركة وقلقها من التأخر في النتائج النهائية للانتخابات واضحا رغم مساعي بعض قياداتها لإثبات العكس من خلال معجم «نجاحنا في وضع التناصف الأفقي والعمودي عكس احزاب تدعي دعمها للمرأة في حين فشلت في تكوين قائمات وفقا لمقتضيات شروط الترشح»كما لم يكن فتح النهضة الأبواب للمستقلين الذين تجاوزوا ال49 بالمائة من العدد الجملي من المترشحين الا محاولة جدية لإعادة صياغة امتدادها داخل الشارع التونسي بعد فقدانها لجزء واضح من الانصار والمتعاطفين سواء اثناء الانتخابات الرئاسية او مع اعلان التحالف الثنائي النهضو/ندائي الذي اثر بشكل كبير على قواعد الحزبين. ولئن تجاوزت النهضة «محنة» التوافق لتخرج منها سليمة معافاة فان حركة نداء تونس سرعان ما عرفت الانفجار الداخلي بعد الانسحابات المتكررة سواء من الكتلة الندائية او من تركيبة الحزب لتتشكل بعدها كيانات سياسية اخرى من رحم النداء كانت قد حملت بذرة المشروع الاول للحزب الام. وقد حاول كلا الحزبين استعادة زمام الأمور من خلال المشاركة الواسعة في الانتخابات البلدية بيد ان سيطرة التخوف من عدم تحقيق نتائج مرجوة جعل من النهضة تغير في تكتيك اتصالها من خلال تغيير مدير مكتب الاعلام وتعويضه بالناطق الرسمي للحزب عماد الخميري كما قبل راشد الغنوشي باستقالة محمد القلوي من الإشراف على مكتب الهياكل وشؤون العضوية وتعويضه ببدر الدين عبد الكافي. وقد روجت الحركة حينها ان استقالة الرجلين ماهي الا استقالة لأسباب خاصة ولكن واقع سبر الاراء الداخلي يكشف بما لا يدع مجالا للشك ان النهضة سعت لتغيير استراتيجيات العمل الاتصالي حتى تتجنب مراتب قد ترى انها لا تتماشى ونتائج انتخابات 2014 وما قد تحصده الحركة في 2019. ولمزيد ضمانات نجاح الحملات الانتخابية للحركة صوت امس المكتب التنفيذي للنهضة على تحويل وجهة الحملة الدعائية من مكتب الانتخابات الى المكتب الإعلامي الذي شهد بدوره تغييرات واسعة منذ شهر فيفري الماضي. وتبدو تصريحات قيادات النهضة على غرار رئيس الكتلة البرلمانية نور الدين البحيري مدخلا للتخفيف من وطأة النتائج المنتظرة وغير المتوقعة للنهضة حيث قال البحيري في مداخلة له على الإذاعة الوطنية «غايتنا ليست الفوز بأكثر مقاعد بل لإنجاح العملية الانتخابية باعتبارها استحقاقا وطنيا فحملتنا الانتخابية مبنية على ما هو إيجابي وعلى برنامج ينهي معاناة المواطنين وعلى أفق جديد للحكم المحلي وان الانتخابات البلدية مصلحة وطنية وليست حزبية يتم التنافس فيها في إطار الاحترام المتبادل ومن أجل حماية أمن تونس ووحدتها.» وفِي واقع الامر فان ما قاله البحيري قد سبقه اليه القيادي بالحركة سيد فرجاني الذي دون على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي حيث اعتبر»أن سبر الآراء يكشف عن تراجع ملحوظ في شعبية الحركة وان الخوف كل الخوف أن يؤثر ذلك على الانتخابات البلدية». كما كشف المدير التنفيذي لحركة نداء تونس حافظ قائد السبسي عن وجود ضغوطات عديدة تمارس على الهيئة العليا للانتخابات لاعتماد إمضاء الناخبين عوض الحبر في الانتخابات البلدية القادمة. وحذّر قائد السبسي الإبن في تدوينة نشرها يوم الجمعة 9 مارس 2018" من خطورة خضوع هيئة الانتخابات لهذه الضغوط "مشيرا إلى أن حذف الحبر يعتبر"ضربا لمصداقية العملية الانتخابية وشفافيتها وفتحا خطير لأبواب التزوير والتزييف بما سيهدد لا فقط مصير الانتخابات البلدية بل ومصير الاستقرار في بلادنا". ودعا "حافظ"إلى مواصلة اعتماد الحبر الذي قال إنه"اقترن كأسلوب ورمزية بالطريق المميز الذي اختارته تونس على درب الحرية والديمقراطية تجسد في تجارب ثلاثة انتخابات حرة وديمقراطية وشفافة شهد لها كل العالم وهي انتخابات المجلس التأسيسي في 2011 والانتخابات التشريعية في أكتوبر 2014 والانتخابات الرئاسية في ديسمبر 2014″. ومن المنتظر ان يقوم المعهد الجمهوري الدولي (IRI)خلال قادم الأيام بعملية سبر اراء واسعة للكشف عن اهم الاحزاب والائتلافات التي يمكن ان تقود البلاد جهويا في المرحلة القادمة. فهل تعوض القائمات المستقلة والائتلافات الصاعدة المعادلة السياسية جهويا؟