في إطار دعم جهود الإصلاح التربوي والجامعي ببلادنا وتحت شعار «أي مشروع تربوي لتونس؟» نظم يوم 12 مارس الجاري المنتدى التونسي من أجل التربية وجمعية واحة العلوم وجمعية الهادي بوشماوي الخيرية وبالتعاون مع جامعة قابس وكلية العلوم والمدرسة الوطنية للمهندسين بقابس والإتحاد الجهوي للصناعة والتجارة بقابس أشغال المنتدى المواطني التمهيدي الثاني حول التربية بقابس بحضور عدد من الأساتذة الجامعيين والمربين والطلبة والأولياء وممثلين عن مكونات المجتمع المدني والمؤسسات الجامعية بالجهة. حوكمة وتمويل قطاع التربية وفي إفتتاح هذا المنتدى الذي إحتضن أشغاله مقر جامعة قابس ذكر الأستاذ حسن دحمان منسق هذا الحوار المجتمعي أن هذا المنتدى الذي يهدف إلى تبادل وجهات النظر والنقاش حول حوكمة وتمويل قطاع التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والتكوين المهني جاء تنظيمه في إطار مزيد إحكام فاعلية المتدخلين في القطاع التربوي والجامعي في المساهمة في الإصلاح التربوي وضمان تشغيلية خريجي التعليم العالي ومراكز التكوين المهني وحسن إعدادهم للانتصاب للحساب الخاص وهو مبادرة من أساتذة جامعيين تونسيين في تونس وخارج حدودها من شأنها أن تتيح للمشاركين في أشغاله بين أساتذة جامعيين وطلبة وأولياء وممثلين عن الجمعيات والمنظمات النظر في كيفية دفع المجهود الإصلاحي للمنظومة التربوية والجامعية العمومية من خلال البحث عن السبل الرامية إلى الإرتقاء بمنظومة التعليم العمومي. وأضاف قائلا أن مبادئ الحوكمة الرشيدة تتركز على وضوح الهدف والمساءلة والشفافية والمشاركة ووضوح الأدوار داخل المؤسسة وتداول المناصب القيادية المسؤولة عن طريق الانتخاب واتباع قواعد واجراءات واضحة متفق عليها ومعلنة للجميع وأكد أن الحوكمة تهتم بكيفية ممارسة عملية صنع واتخاذ القرار داخل المؤسسة بطريقة من شأنها إتاحة الفرصة أمام أصحاب المصلحة الأساسية بين تلاميذ وطلبة ومربين وأساتذة للمشاركة الكاملة في صنع القرار وأشار أيضا إلى إرتباطها الوثيق بكيفية ممارسة القيادة والعلاقات داخل المؤسسة على أساس مبادئ الشفافية والمساءلة والالتزام بالقانون. ولضمان المشاركة الفعالة في المجهود الإصلاحي للمنظومة التربوية والجامعية ببلادنا وتحفيز الحاضرين بين مواطنين عموما والأسرة التربوية والجامعية خصوصا على التفكير المشترك بهدف إيجاد حلول مبتكرة حول إحدى القضايا الحارقة والشائكة التي تهم الجامعة والمدرسة العموميتين شهد هذا المنتدى تقديم محاضرة علمية موضوعها «الحوكمة المحلية إستراتيجية ناجعة من أجل المثابرة والنجاح المدرسي» إلى جانب إقامة دورة تكوينية بيداغوجية تفاعلية حول الرهانات والحوكمة الإستراتيجية للتربية شفعت بنقاش مواطني مع حسين الدريدي الأستاذ والباحث المباشر بقسم إدارة التربية والبيداغوجيا بجامعة الكيباك بمنتريال وعزقال عبيشو أستاذ تعليم عال في الرياضيات ومدير البوليتكنيك بتونس سابقا والأستاذ حسن دحمان بالمدرسة الوطنية للمهندسين بقابس ورئيس جمعية واحة العلوم. صعوبات الاصلاح ابرز الأستاذ مكرم حمودة منسق اللجنة العلمية لمنتدى التربية أننا نسعى من خلال النسخة الثانية من المنتدى بقابس إلى توجيه الأنظار إلى ملف التربية والجامعة في تونس والحرص على تذليل الصعوبات المركّبة التي تحفّ بعملية الإصلاح الجارية والعمل على الاستفادة من كل الخبرات الوطنية والتجارب السابقة والإنفتاح على المكاسب العالمية التي ثبتت نجاعتها إعتمادا على المشاركة ولعب دور قوة الإقتراحات وتوسيع دائرة الفاعلين المساهمين في بناء لبنات هذا الإصلاح المنشود. ويضيف قائلا أننا نحرص على اصلاح المنظومة التربوية والجامعية وفق مقاربة مواطنية وعلمية شاملة تنطلق من سن ما قبل التمدرس إلى الجامعة بغية المساهمة في دمقرطة الحوار حول التمشي الإصلاحي وتشخيص الوضع وتمكين كافة المتدخلين في المشهد التربوي والجامعي من التفكير المشترك والبحث عن مقترحات ومحاولة ايجاد حلول سيتم عرضها على سلطة الإشراف وأكد أن مسألة التغيير أصبحت مسألة مصيرية نظرا للأزمة القائمة التي تضرب المؤسّسات الترّبوية والجامعيةّ إلى جانب حجم الاخلالات البنيويةّ والتسييرية والتدبيرية التي أفرزت واقعا محبطا لأطر التدريس من الإبتدائي إلى الجامعي ولخريجي الجامعات المعطلين وأوليائهم ولمئات الآلاف من الأطفال والطلبة الذين لفظتهم منظومة عجزت عن فهم صعوباتهم والتأقلم معها وهو ما يهدد وجود المدرسة والجامعة العموميتين في ظل الضرب التدريجي لمبدإ المجانية والتشجيع المتصاعد للتعليم الخصوصي ومدارس النخبة على حساب جودة وجاذبية المدرسة والجامعة. هذا اللقاء المجتمعي يعد بادرة طيبة للنظر في ايجاد الحلول المناسبة لعديد الإشكاليات التي تحد من تحسين النظام التربوي وقد أبدى الجميع سرورهم لما إنفرد به هذا المنتدى من ثراء المضمون وتميزه بتعدد القطاعات المشاركة في حوار بناء ونقاش ثري وما لمسوه من جدية في طرح عديد الإشكاليات التي تواجه معضلة المنظومة التربوية يعكس حرص الجميع انطلاقا من استجلاء المشاغل القائمة على المساهمة الفاعلة في الوصول إلى تحقيق جودة التعليم ومدرسة للجميع. ويعول الجامعيون المنخرطون في مشروع المنتدى المواطني حول التربية كثيرا على أهمية هذا الحوار المجتمعي للتعرف على الوضع التربوي والجامعي داخل الجهة بغية إيجاد رؤية استراتيجية ناجعة لمنظومة التعليم العمومي من خلال المساهمة في تحديد تصورات للإصلاحات الجذرية لهذه المنظومة خاصة وأن محور هذا المنتدى يشكل معضلة كبرى ويفتح الباب على مشاكل معقدة وهو سبب فشل كل مشاريع الإصلاح. وستتولى لجنة المتابعة لهذا المنتدى إعداد تقرير ضاف عما أفرزته إستمارة التقييم من نتائج وحلول جذرية لمشاغل الإصلاح التربوي وبرمجة ملتقى إقليمي لولايات الجنوب الشرقي لمزيد البحث والدراسة خلال السنة القادمة.