- خسائر المؤسسات العمومية لا ترتبط بالضرورة بالموظفين في ظل محدودية الموارد ومستلزمات العمل أجرت الحوار: أروى الكعلي - تونس-الصباح الأسبوعي - طرحت كنفدرالية المؤسسات المواطنة "كونكنت" في ندوة تحت عنوان "المؤسسات العمومية في تونس: الواقع والتحديات والآفاق"واقع المؤسسات العمومية وضرورة إيجاد حلول تجاه الخسائر التي تتكبدها. رئيس الكنفدرالية طارق الشريف تحدث ل"الصباح الأسبوعي" في لقاء بمقر "كونكت" بخصوص وضع المؤسسات العمومية في البلاد ونظرة "كونكت" للاقتصاد الوطني. الشريف أكد ضرورة إيجاد حلول عاجلة للمؤسسات العمومية التي تكبد الدولة خسائر، مبرزا أن ذلك لا يعني تسريح الأجراء أو تخلي الدولة بشكل تام عن هذه المؤسسات. وفيما يلي نص الحوار: قدمتم مجموعة من الأرقام حول وضع المؤسسات العمومية في البلاد، بالنسبة إليكم ما هي أسباب الخسائر التي تتكبدها هذه المؤسسات؟ مختلف الأرقام التي قدمناها لم نأت بها، بل هي أرقام رسمية إذ تبلغ خسائر المؤسسات العمومية 7000 مليون دينار والدعم الذي قدمته الدولة للمؤسسات العمومية في 2014 و2015 و2016 يصل إلى 10500 مليون . في حين أن هذه المؤسسات حققت أرباحا بقيمة 1176 مليون دينار في 2010، وفي 2016 خسرت هذه المؤسسات 1116 مليون دينار. 22 مؤسسة أصبح رأسمالها سلبيا، كما ارتفعت كتلة الأجور في المؤسسات العمومية من 2580 مليون دينار سنة 2010 إلى 4000 مليون دينار سنة 2016، أي بزيادة تصل إلى 55%. وبالنسبة إلى بعض الشركات الزيادة في كتلة الأجور تصل إلى 80% ما بين 2010 و2016. (وهي المجمع الكيمائي، فسفاط قفصة، الكنام، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الشركة الوطنية لتوزيع البترول، الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد.) وكل هذا كما أشرت حسب معطيات رسمية. الأسباب هي سوء التصرف وسوء الحوكمة ..نحن جميعا نعرف وضع القطاع العمومي ولكن نعيش حالة نفاق عندما يكون المواطن لوحده ينتقد أداء الخدمات العمومية والمؤسسات العمومية وأمام وسائل الإعلام نقول كل شيء جيد ويجب أن نحافظ على هذه المؤسسات. يجب أن يكون هنالك وضوح إن كنا نريد أن نواصل على هذه الحالة أو نواجه الحقيقة ونتعامل معها.هنالك مشاكل وخسائر كبرى وعندما أقول أن هنالك مشاكل لا يعني ذلك بالضرورة أن الناس لا يعملون ولا يريدون العمل بشكل جيد. قد لا يكون المشكل مرتبطا بأن الموظف العمومي لا يريد أن يعمل وإنما عدم توفر الإمكانات اللازمة حتى يقوم بعمله ..قد يرتبط المشكل بعدم توفر مستلزمات العمل التي تؤثر بشكل مباشر وبالضرورة في المردودية فهو ليس صانع معجزات. وعندما نتساءل حول سبب عدم توفر هذه المستلزمات والحاجيات الضرورية لسيرورة العمل السبب الرئيسي هو عدم توفر الموارد المالية. وعندما نقول انه لا بد أن نعيد النظر في كل ذلك حالة بحالة تتعالى الأصوات الرافضة. هل حكم علينا أن نعيش هكذا؟ هل تقصد هنا الاتحاد العام التونسي للشغل وحديثه عن أن المساس بالمؤسسات العمومية خط أحمر؟ أنا أتحدث عن الجميع .. نحن جميعا نعيش في تونس ونستغرب مما يحدث.. اتحاد الشغل يدافع عن مصالح منظوريه ويتخوف من تبعات التفويت في المؤسسات العمومية عليهم.. هذا الكلام ليس له أي معنى..العالم كله تغير ولا يمكن لنا أن نبقي الوضع في تونس على ما هو عليه ونقول "لا، لا يجب أن نغير شيئا".. بتعلة المخاوف إزاء وضع العمال .هل يعني ذلك أننا نريد أن نطرد العمال؟ من قال ذلك؟ بالعكس عدد الشغالين بالمؤسسات التي وقعت خوصصتها ارتفع في حالات عديدة. نأخذ على سبيل المثال شركة النقل بتونس التي تمت خوصصتها سنة 2006 عدد الأجراء حينها يبلغ 295 أجيرا، في 2016 أصبح يبلغ 359 أجيرا. بنك الجنوب ارتفع عدد الأجراء فيه من 1381 أجيرا في 2005 إلى 1757 بعد الخوصصة. المغازة العامة تمت خوصصتها في 2007 عدد الأجراء حينها 1988 أجيرا وأصبح عدد الأجراء في 2016 يصل إلى 3961 أجيرا. كيف يمكن لنا أن نحكم على نوايا من سيدير المؤسسة؟ يمكن أن نضع شروطا بهذا الخصوص تحمي العملة. المؤسسات التي تخسر الأموال بصفة هيكلية يجب أن نجد حلولا لها وكل حالة على حدة حسب خصوصياتها. يمكن إعادة الهيكلة أو يمكن أيضا بيعها وتمكين 10% من رأسمال المؤسسة ويصبح بذلك من مالكي المؤسسة ويعمل بشكل أكبر من أجل إنجاحها. يمكن للدولة أن تعتمد أيضا السهم الذهبي الذي يبقى ملكا للدولة وإذا كان هنالك اتجاه نحو الإخلال بالمؤسسة ومستقبلها يمكن للدولة أن توقفه عند حده ولا تكون في حاجة إلى أن تمتلك 100% من المؤسسة. الإدارة السياسية تتجه نحو إيجاد حلول لمشاكل المؤسسات العمومية حسب تصريحات رئيس الحكومة.. عن أية إرادة سياسية نتحدث إن كان كل شيء تقع مواجهته بالإضرابات؟ و ماذا يمكننا أن نفعل في حال يتم إيقاف المكاتب لستة أشهر مثلا ؟ماذا يمكن للسلطة السياسية أن تفعل؟ ..هل تستخدم العنف لمواجهة ذلك؟ هل هناك بلد في العالم تسير فيه الأمور مثلما تسير في تونس؟ إعادة الهيكلة والخوصصة والشراكة بين القطاعين الخاص والعام هي الحلول المطروحة، هل أن هنالك مؤسسات من الممكن إصلاحها دون اللجوء إلى بيعها؟ طبعا الأمر يختلف من مؤسسة إلى أخرى .هنالك مؤسسات استوفت رأسمالها أي أنه يجب أن تحل قانونيا .. وهنالك قطاعات لم يعد من المنطقي أن يكون للدولة دور فيها، إذا تعلق الأمر بقطاعي الكهرباء والغاز أو المياه يمكن أن نتفهم دور الدولة فيهما، ولكن قطاعات أخرى لا منطق لدور الدولة فيها..وهنالك في المقابل ما يجب على الدولة أن تقوم به ولكنها غير قادرة على ذلك لأنها مشتتة على أكثر من واجهة وأموالها توجه إلى مؤسسات خاسرة. وأنا قلت عن هذا الأمر وأعيده الآن ..أنا غير معني بهذه الأمور بتاتا ولا أطمح لاقتناء مؤسسة عمومية .ما يهمني هو مستقبل تونس ومستقبل أطفالنا . بالنسبة إليكم ما هو الأمر الواجب توفره حتى تصبح تونس فعلا دولة جاذبة للاستثمار؟ تسهيل حياة الناس والإجراءات الإدارية.. لماذا لا يتم تسهيل اقتناء العقارات من قبل الأجانب إذا كانت قيمة العقار مرتفعة أو تجاوز مبلغا معينا تحدده الدولة ويمكنه اقتناؤه دون رخصة من الوالي؟.في العالم أجمع هذا أمر مسموح ويمكن أن نتساءل ما الفوائد من مثل هذه التسهيلات؟ هذا يساهم في دفع عجلة الاقتصاد بشكل عام.. قطاع العقارات .. أصحاب المحلات .. التجار.. ويمكن للأجنبي أن يعجب بتونس ويقرر إطلاق مشروع هنا على سبيل المثال.. بالنسبة إلى الانتخابات البلدية هل يمكن أن تساهم إيجابا على المستوى الاقتصادي؟ هذا استحقاق هام والنجاح فيه هام أيضا..وإن شاء الله تونس تصبح أفضل مما نعيشه اليوم على مستوى النظافة والبنية التحتية المرتبط بالاستثمار..