مرة أخرى تجري الرياح بما لا تشتهيه سفن جماهير النادي الافريقي ومرة أخرى يكتب على «شعب» الفريق أن لا يسعد بالنهاية السعيدة لموسم زملاء صابر خليفة، فنادي باب الجديد تعوّد بسبب مصالح أبنائه الضيقة وأنانية من أطلقوا على أنفسهم كبارات النادي، أن لا يحسن استغلال تتويجاته واستثمارها لبناء مرحلة جديدة تعيد الفريق لمداره الطبيعي وتنهي أزماته المتتالية والتي أعيت جماهيره ونغصت عليهم سعادتهم بلقب كأس تونس وبالتأهل للمشاركة في رابطة الأبطال الإفريقية. ففي الوقت التي ظنت فيه جماهير الأحمر والأبيض أن مشاكل الفريق قد حُلت بتدخلها القوي وإزاحتها لسليم الرياحي الذي أثقل كاهل الجمعية بجبل من الديون، وتعيين هيئة تسييرية وقتية نجحت في ظرف وجيز في ترتيب البيت وتحسين نتائج الفريق خاصة مع عودة الوئام النسبي بين رجالات النادي، عادت الأمور إلى نقطة الصفر بعد أن أسقطت لجنة الانتخابات القائمتين المترشحتين لرئاسة النادي وأدخلت بذلك الفريق في حالة من الفراغ الإداري التي قد تفقده أكثر من نصف المجموعة وتعطل انطلاقة موسم حافل بالاستحقاقات الرياضية الكبيرة وكل هذا نتيجة الحرب الباردة بين حمادي بوصبيع الداعم الأول والوحيد تقريبا للفريق وفريد عباس الداعم الوحيد لمروان حمودية والذي نزل بكل ثقله من أجل أن لا تمر رئاسة الإفريقي إلى عبد السلام اليونسي لأنه يؤمن بنظرية رجعية إقصائية مفادها بأن رئاسة الإفريقي مثلها مثل رئاسة بلدية تونس لا يمكن أن ينالها إلا «البلديّة». صلح شكلي كلنا يذكر أنه ومباشرة بعد رحيل سليم الرياحي دعا حمادي بوصبيع إلى اجتماع كبير يجمع كل كبارات النادي وكل رجالاته الفاعلين وتم الترويج وقتها إلى صلح نهائي بينه وبين فريد عباس رغم أن الأخير لم يكلف نفسه مجرد حضور الاجتماع المذكور واكتفى ببعض الزيارات لتمارين ومباريات الفريق والتقط عددا من الصور خدمة لتوجهاته السياسية المعلنة، ليقف بعدها الجميع على أن الصلح المزعوم كان مجرد صلح شكلي سرعان ما عاد إلى حرب باردة بعد أن انقطع حبل الود والوصال بين هيئة حمودية وبوصبيع عقب حادثة القطيعة مع الفرنسي برتران مارشان، ليقبع الإفريقي منذ ذلك التاريخ تحت تأثير حلفين الأول يقوده بوصبيع وغايته إزاحة حمودية من الرئاسة وتنصيب رئيس له من الثقل المالي ما يمكنه من تسيير شؤون النادي والثاني يقوده عباس وغايته المحافظة على صفة «البلدية» في رئيس القلعة الحمراء والبيضاء، وبين هذا وذاك غيبت مصلحة الجمعية وبات مستقبلها رهين حسابات شخصية وصراع كراس ونفوذ، ليحال الحل مرة أخرى إلى جماهير النادي التي ستكون لها الكلمة الفصل مجددا بعد أن خاب ظنها في الأشخاص الذين نصبتهم خلفاء لهيئة سليم الرياحي. ضغوط كبيرة على لجنة الانتخابات رغم أن المؤيدات التي استندت عليها اللجنة المستقلة المشرفة على الانتخابات لإسقاط قائمتي عبد السلام اليونسي ومروان حمودية تبدو مقنعة إلى أبعد الحدود وتستجيب إلى الشروط التي ينص عليها القانون الأساسي للجمعية، فان الساعات التي تلت غلق باب الترشحات وقبول قائمتي اليونسي وحمودية قد شهدت ألاعيب كبيرة في الكواليس وضغوطا كبيرة على لجنة الانتخابات كان فريد عباس محركها الأساسي، وفق تصريحات فوزي الصغير أحد أعضاء قائمة اليونسي، وذلك بعد أن صبت كل التوقعات في اتجاه فوز اليونسي برئاسة الفريق خاصة بعد أن نال دعم حمادي بوصبيع. ضغوط كان بإمكان لجنة غازي مرابط أن لا تستجيب لها وأن تتعامل مع المطلبين بروح القانون تماما كما فعلت اللجنة التي أشرت على قانونية ترشح حمودية واليونسي في انتخابات 2017 رغم الاخلالات الكبيرة فيهما، ولكن اللجنة الحالية سارت عكس التيار وفوتت على النادي فرصة ذهبية للاستقرار وتكوين هيئة تنطلق مبكرا في الإعداد للموسم الجديد وخاصة لخطايا الفيفا التي تتهدد الفريق في كل لحظة، لتضع نفسها في مرمى نيران انتقادات الجماهير واتهامات قائمة عبد السلام اليونسي لها بعدم الاستقلالية خاصة وأن أحد أعضائها ينوب الهيئة التسييرية في بعض القضايا لدى لجنة النزاعات. أفق مسدود ومشاكل كبرى في حاجة إلى الحلول الآن وبعد أن تأجلت الجلسة العامة الانتخابية، باتت جماهير الأحمر والأبيض تطرح أكثر من سؤال حول مستقبل الفريق وحول سبل إنقاذه من حالة الفراغ والطرق التي يمكن أن تعيد الاستقرار لسفينة الإفريقي التي تتقاذفها الأمواج دون أن تجد إلى غاية اللحظة الربان المناسب الذي بإمكانه أن يمسك لوحده بخيوط اللعبة وأن ينهي الوصاية المفروضة على النادي منذ زمن بعيد. فلاعبو كرة القدم واليد والسلّة والطائرة بحاجة إلى من يجلس إليهم ويسوي وضعياتهم ويجدّد عقودهم حتى لا يخسر جلهم خاصة في فرع كرة القدم الذي سيكون جل نجومه في حل من كل ارتباط بنهاية الشهر الحالي. كما أن ملف ديون الفريق في الفيفا وفي لجنة النزاعات لازالت تشكّل كابوسا قاتلا لعشاق الأحمر والأبيض. الأخبار التي تحصلنا عليها تفيد بأن أعضاء قائمة عبد السلام اليونسي ورغم الضربة القاسية الجديدة التي تلقوها سيواصلون العمل من أجل حلحلة بعض الإشكاليات وغلق بعض الملفات، حيث سيواصل فوزي الصغير التفاوض مع اللاعبين لتجديد عقودهم بعد أن كلفه حمادي بوصبيع بهذه المهمة في انتظار ما ستؤول إليه الحرب القانونية التي انطلقت مباشرة بعد إسقاط القائمتين رغم محاولات الصلح التي تسعى إليها قائمة حمودية والتي ترفضها بشكل قطعي قائمة عبد السلام اليونسي الذي شكل مرة أخرى نقطة انقسام بين كبارات النادي، فالرجل لم ولن يحظى بدعم الجميع طالما وأن عاملي التاريخ والجغرافيا قد نزعا عنه صفة «البلدي» التي يصر أبطال لعبة الكواليس أن تتوفر في رئيس الإفريقي.