عندما يكون المجرم مولعا بالأفلام الأمريكية فمن الطبيعي أن يقرر الهروب بإخراج هوليودي عالي الطراز.. وهذا ما فعله رضوان الفايد الذي شغلت قصة هروبه من سجن فرنسي الرأي العام. فقد حطت طائرة هليكوبتر على مساحة مفتوحة من السجن خرج منها ثلاثة مسلحين وتوجهوا دون إطلاق رصاصة واحدة إلى فايد وقادوه نحو الهيلكوبتر ومن ثمة نحو سيارة تم حرقها فيما بعد. طريقة الهروب تلك جعلت الكثيرين يتساءلون عن مدى تأمين السجون في فرنسا ومدى سهولة الهروب منها. ولكن قصة الفايد ليست الأولى من نوعها فقد طبقت الحبكات الهوليودية التي يبتدع كاتبو سيناريو الأفلام الأمريكية في تصورها وقد طبقت إحداها في عمليات سطو سابقة قام بها. حلم الهروب يراود أغلبية المساجين، ولكن قلة قليلة منهم هم من يتخذون خطوات فعلية لتحقيقه بعضها تنتهي بالفشل والبعض الآخر يتمكن منفذوها فعليا من الفرار إلى سجن المطاردة المتواصلة. ربما هذا ما يجعل الكاتب البريطاني جورج برنارد شو يقول إن أكثر شخص خوفا في السجن هو مديره. الهروب من الأسوار الشاهقة عام 1983 عرفت بريطانيا إحدى أكبر عمليات الهروب في تاريخها وتحديدا في مقاطعة انتريم الواقعة في شمالي ايرلندا وليس ذلك مستغربا إذا علمنا أن منفذي هذا الهروب 38 شخصا من الجيش الإيرلندي الجمهوري الذين تم اعتقالهم بتهم القتل والتفجير. ولكن العملية لم تكن هادئة أو سلمية على طريقة فايد بل احتل هذا العدد من الجنود جزء من السجن واتخذوا المساجين رهائن. وما يجعل هذه العملية ذات أهمية كبرى هو أن هؤلاء الجنود نجحوا في الهروب من سجن يسمى المتاهة وهو من أكثر السجون تشديدا للحراسة ويضم أسوارا حديدية شاهقة تغطيها أسلاك شائكة. ولكن العملية لم تكلل بالنجاح تماما فقد تم القبض عليهم ومن ثمة على البقية الذين تمكنوا من الفرار إلى الولاياتالمتحدة. المساجين.. ضباط شرطة عام 2000 كان سجن جون كولاني في الولاياتالمتحدة على موعد مع مشهد هوليودي لم يتمكن أبطاله من الهروب بعيدا. ولكن المشهد يستحق الوصف بالتفصيل إذ اتخذت مجموعة من المساجين عمال صيانة وضباط ومساجين آخرين رهائن. ومن ثم انتحل الهاربون شخصية ضباط شرطة حتى يتمكنوا من الهروب من السجن فسرقوا هويات الضباط وبطاقات ائتمانهم واقتحموا شاحنات ولكن النهاية لم تكن على الطريقة الهوليودية حيث يختم الفيلم بمشهد امتطاء سيارة رياضية مفتوحة والانطلاق بعيدا نحو مستقبل جديد لكن تم القبض عليهم مجددا وحكم عليهم بالإعدام. الهروب من فتحة التهوئة وإن كانت هوليود قد توحي للمساجين بالهروب فإن المساجين يلهمون أيضا هوليود بقصص لأفلام تتناول مخططات الهروب الفريدة. في سجن ألكاتراز في الولاياتالمتحدة فكرة غريبة في الهروب من السجن عام 1962 تحولت إلى فيلم هوليودي من بطولة كلينت إيستوود. فقد نجح سجناء في الفرار عبر السطح من خلال فتحة التهوئة ونزلوا بعد ذلك من أنبوب الصرف الصحي الذي يصب في خليج فرانسيسكو. عدم العثور عليهم فيما بعد جعل السلطات تعتبرهم في عداد الأموات ولكن سر ما حدث لهم بعد الهروب بقي معهم ولم يعرفه أحد. عمليات تجميل لتغيير الشكل الهروب باستخدام الطائرة المروحية ليست فكرة فايد لوحده فهنالك من سبقه في ذلك ويبدو أنها عملية ناجعة وناجحة لأن باسكال باييت هو صاحب أولى عملية فرار باستخدام المروحية. إذ أنه هرب باستخدام المروحية واعتمدها لتهريب مساجين آخرين. وبالرغم من أن بايين قد خضع لعمليات تجميل في اسبانيا لتغيير شكله إلا أنه تم القبض عليه بعد محاولته الهروب مرتين. الفرار عبر عربة غسيل الملابس عام 2001 اختبأ آل كابيني الملقب بأنه سيد المخدرات في العالم من السجن في عربة غسيل ملابس وبالرغم من أنه قد تم العثور عليه واعتقاله بعد 13 عاما إلا أنه تمكن من الهروب مجددا. تبادل الأفكار بين هوليود والسجناء يجعل عمليات الهروب من السجن وحتى وإن باءت بالفشل مصدر وحي للكتاب والمخرجين وتفنن السينمائيين بدورهم في صناعة الحبكة المثلى للهروب من السجن توحي للمساجين بأن ذلك ممكن فيخترع بعضهم أساليب تقنعك بأن الحقيقة دائما أغرب من الخيال.