كتبت في العدد السابق عن "التكوير السياسي" الذي اصبح اهم الرياضات المفضلة لدى الباحثين عن موقع في ملعب "الثورة".. حيث اصبح بعضهم يتنافسون من اجل الحصول على شارة القيادة في اطار بطولة طول اللسان والحديث الرنان.. النشاط الكروي الثورجي الجديد يجُبُّ القديم لذلك فانه ليس مستبعدا ان تقع إعادة النظر في تركيبة النشاط الكروي واحداث تقسيم يتماشى والروح الثورية التي هبت على رياضتنا.. ليصبح تقسيم بطولة النضال الثوري على النحو التالي: المناضلة الأولى (المحترفة الأولى سابقا) المناضلة الثانية (المحترفة الثانية سابقا) هواة النضال (تشمل ما تبقى من الأقسام) لن اذهب بعيدا في ذكر التفاصيل الأخرى المتعلقة أساسا بإسناد البطولات والالقاب بالاعتماد على طول اللسان الثوري والقدرة على توجيه التهم وثلب الاخر والتشكيك في كل ما لا يروق للبعض. بعد ان انكشفت النوايا وعرفنا المقاصد "الثورية" لأصحابها فان الامر لم يعد مفاجئا للمجموعة.. غير ان ذلك لم يمنع بعض الباحثين عن شماعات يعلقون عليها فشلهم وعجزهم عن النسج على منوال أولئك الثورجيين. فعلى غرار هواة التكوير السياسي انتشرت في الساحة كما اشرنا الى ذلك في عديد المناسبات رياضة التكوير بالإعلام بدل التكوير بالأقدام خاصة وانه لا يتطلب من المؤهلات سوى الكلام وزبد اللسان.. ولئن تعودنا معشر الإعلاميين على التكوير العشوائي لبعض الباحثين عن متكإ يسندون اليه ظهورهم التي تنوء بالخيبات فان اشتداد الحملة الممنهجة هذه الأيام يعني ان الجماعة ومن معهم مروا الى السرعة القصوى لإسكات الافواه وصد الأقلام وضرب الفكر. وآخر الوافدين على الساحة مدرب معروف حاول ركوب الموجة ذاتها بطريقة فجة وبأسلوب سخيف.. سألوه عن رأيه الفني في مباراة كروية.. فترك الموضوع الأصل جانبا وانبرى يشن هجوما كاسحا وغير مبرر على.. الصحافة والاعلام عامة!.. اهلا بالأسد الأصفر.. "بوقلادة" (بثلاث نقاط على القاف) في ساحة لا يدرك حرفا منها ولا يعرف "كوعها من بوعها" (بتعبير سي الباجي). هو لم يشذ عما اظهره من مستوى فني لم يرق يوما الى مصاف النخبة المتميزة.. فلا غرابة اذن ان يدخل المعمعة وهو غير ملم بتفاصيلها وفواصلها.. انصح هذا المتشعبط بعدم السباحة في بحر لا يعرف أغواره وان يكتفي بخبيزة التدريب إن وجدت بعيدا عن نهش الجسد الإعلامي.. فبعض اللحم مر.. محاولة لتجريد الاعلام من سلطته لا اعتقد انني بحاجة الى التذكير بان الصحافة هي السلطة الرابعة او هكذا يفترض ان تكون وهي بذلك تقوم على مبدإ تحقيق التوازن باعتبارها خارج الحسابات الفئوية او الانتمائية.. وهي تستمد فعلها من حضورها كسلطة نقدية تلعب دور المنبه وكشاف السبل. الا ان ما يحدث داخل القطاع وخارجه من انفصام في الرؤى وتناقض صارخ في قراءة النصوص والافعال يدعو فعلا إلى التأمل في مآل هذه السلطة في ظل التجاذبات والتناقضات التي تعيشها. فبعض ما يحدث يدل على ان علة القطاع في اهله أيضا وان ما يشكوه من وهن ناتج عن تشوهات خلقية وخُلقية لم تفلح المعالجات الخارجية في تقويمها لان العلاج الأوحد والاهم يتمثل في الممارسة الصحيحة لمهمة تعتمد أساسا الموضوعية والتجرد والحياد في التعامل مع القضايا والمحيط. وأول ما يطرح في هذا الباب يتمثل في الكيفية التي يتقبل بها صاحب "الفعل".. رد الفعل (اشتقاقيا وفلسفيا)؟ فكل فعل يثير شاء صاحبه او ابى رد فعل لدى الطرف الاخر ويختلف ذلك من فرد الى اخر بحسب المنطلقات الفكرية والمبدئية والذوقية الخ.. وهذه من المسلمات.. ولكن البعض ممن يأتون أفعالا (وأرفض وصفهم بالفاعلين) يستكثرون على الاخر حقه في رد الفعل الذي يراه وينكرون عليه واجب التصرف النقدي بل يذهب شق منهم الى حد "تكفير النقد" واعتباره ممارسة غير مسموح بها! هذا التفكير القاصر يبيح للآخر المديح الصريح وضرب البندير ورمي الازاهير.. اما ما تبقى فهو من باب التزوير والتعزير والافتراء والاعتداء والتآمر والدعوة الى التناحر.. وهات من هذه العبارات والصفات التي خلناها تبخرت مع أحلام الفارغين السفسطائيين. ومن آخر ما حدث في هذا الصدد ان احداهن كلفت بتقديم احدى المنوعات وكانت تنتظر ان يقع انتخاب عملها كأفضل روائع الموسم الا انها فوجئت بردود فعل معاكسة لتوقعاتها. وعوض ان تسلك طريق الرشد على غرار ما فعله غيرها اعتبرت ما جاء في الصحافة تهجما غير مبرر ويندرج ضمن منظومة متكاملة للتآمر عليها وضربها بكل الأساليب والوسائل! هكذا اذن تألبت الصحافة ضد هذه المذيعة للإطاحة بها طمعا في اخذ مكانها او في تنصيب احد منظوريها!! ما ابسط هذا الاستنتاج وما اتفه غاياته واهدافه !.. فكيف يسمح الواحد منا لنفسه بتجاوز حدود المنطق ويوجه التهم بطريقة اعتباطية بسبب ما لاقاه من نقد غايته التنبيه الى مواطن الخلل والبحث عن علاج لما بدا من العلل؟ داء الكلب.. "من يريد قتل كلبه يتهمه بالكلب" هكذا يقول المثل الفرنسي.. وهكذا يريد بعضهم ان يعامل الصحافة.. فإما ان تكون تابعة.. متذيلة.. متشيعة والا فإنها متحاملة.. متآمرة.. سيئة النوايا.. مكسورة المرايا!.. هذا الصنف ممن يظن نفسه فوق النقد والنصح لا يريد ان ينظر حوله او يفتح عينيه على تجارب الاخرين بل يعتبر ما يأتيه معجزة القرن وامرا منزلا لا يحق لاحد مجرد الاقتراب منه. وهم اذ يفعلون ذلك انما يهربون الى الامام كمن لا يريد النظر الى سوءاته حتى لا يسترها فاسحا المجال للمزيد من الأخطاء ويضيف اليها العناد والمس بكرامة المهنة والعباد. فأهل المهنة الحقيقيون مدعوون قبل سواهم للدفاع عن الممارسة الموضوعية للنقد وابداء الرأي وحرية التفكير والتعبير.. ام ان ذلك مجرد شعارات ترفع في اللقاءات وحملات الانتخابات؟ اليس حريا بالجميع ان يتشبثوا بثوابت المهنة وان يتخلوا عن ممارسات لطالما انتقدوها ووقفوا ضدها وتغنوا بفضائل الحرية الصحفية؟! إلجام الأقلام ان مجرد محاولة تجريد الصحافة من سلطتها النقدية هي محاولة للتبكيت والتدجين والجام الأقلام.. فهل يعقل ان يظل اهل المهنة متأخرين عن الداعين الى تحرير العقول والممارسات الصحفية من مكبلاتها والارتقاء بالمضامين الى ما يتماشى وما تحقق في مختلف المجالات والمساهمة الفعلية في بلورة الخيارات الحاضرة والمستقبلية للبلاد؟ فهل يتحقق ذلك بعقلية الشد والجذب وإشاعة "ثقافة المؤامرة" بدل مقاومتها مادام النقد موضوعيا ولا يمس بالأخلاق وكرامة العباد وسمعة البلاد؟ لا اعتقد ان هناك صحافيا واحدا يقبل هذا الدور المتخاذل والحال ان المجالين الفني والثقافي بصفة عامة يحتاجان اكثر من سواهما إلى المزيد من النقد والتشريح لنخل الشوائب والإبقاء على النقي الصافي... اما ممارسة النقد ليست تصفية لحسابات شخصية او فئوية بقدر ما هي محاولة لتخليص الاعمال التلفزية من رواسب كبلتها وجعلتها في تناقض صارخ مع واقعنا ومحيطنا القريب والبعيد. كما ان الإصلاح لا يتأتي بمثل هذه الممارسات التي تعتمد التشكي والتظلم والمغالطة وحبك سيناريوهات "الاضطهاد النقدي" أو الاستهداف التآمري.. لسنا ضد احد ولسنا مع احد في المطلق.. فمواقفنا تحددها الأفعال من دون قرار مسبق ضد هذا او ذاك.. والكثيرون يعلمون ويتذكرون ومنهم المتظلمة نفسها ما فعلناه لفائدتهم عندما قدموا اعمالا تستحق التنويه الإيجابي وكيف شددنا ازرهم وهم يحبون على الدرب.. ولكننا لم نتردد لحظة في لفت النظر الى اخطائهم يوم حادوا عن السكة واستسلموا لأهوائهم واستسهلوا الفعل التلفزي! فكيف يريد هؤلاء ان نغير اليوم سلوكنا إرضاء لهم ولطموحاتهم وأنانيتهم؟! ان على الراغب في النجاح ان يتحلى بروح التفاعل الإيجابي مع ما يكتب ويقال عنه.. فمن قواعد التعامل الحضاري ان يتعلم المرء كيف يتقبل الرأي الاخر دون تعصب أعمى أو شعور بالإحباط. ان كرامة الانسان في احترامه لكرامة الاخرين.. والنقد الموضوعي لا يمس بكرامة أي طرف او يثير حفيظته الا متى كان (هذا الطرف) على درجة عالية من الحساسية المفرطة الناجمة عن شعور بالنقص.. اما من يثق بمؤهلاته وقدراته وافكاره فلا يمكن للنقد الا ان يزيده قوة على قوة. لذلك أقول مرة أخرى.. لا ترموا بأمراض القطاع على اكتاف الغير.. فقط انظروا في مرآتنا واتركوا المعارك الهامشية التي لا تضيف للقطاع سوى التهميش وتغرقه في اوحال التقطيع والترييش !.. فهل يفهمني القوم؟.. انتهى درس اليوم!.. زقزقة: تدخين قال خبر صحفي: تونس الأولى عربيا في نسبة التدخين.. ** قالت العصفورة: هذا احد التتويجات في قائمة الاعجازات.. تونس الأولى عربيا في التدخين والأولى افريقيا وعربيا في شرب البيرة والأولى عالميا في.. التكركير.. ومازال الخير.. البلاد هازها التيار وهي تضرب في الشخير..