نظمت اول امس جمعية المهرجان الوطني للمرقوم بوذرف ندوة علمية موضوعها " المرقوم بين الاصالة والتجديد "حضرها عدد من الحرفيين والمهتمين بالترويج والمختصين في مجال الإبتكار. وتهدف هذه الندوة الى مزيد تفعيل دور الحرفيين ومختلف الهياكل المتداخلة ومكونات المجتمع المدني في الارتقاء بصناعة المنسوجات الصوفية وخاصة المرقوم منها من حيث العمل على التجديد وتعصير المنتوج من خلال الوصول إلى تحقيق ابتكار فني نظرا لأن مجال الخلق والإبتكار في هذه الصناعة التقليدية العريقة يتماشى والتطوير في جميع الميادين من حيث الشكل ووظيفة المنتوج. وقد شهدت أشغال هذه الندوة تقديم ثلاث مداخلات علمية عكست مضامينها البعد الثقافي والموروث الحضاري الذي يميز النسيج الوذرفي حيث تناول عبد الرحمان سعيد موضوع" المرقوم وآفاق التصميم" بعرض مجموعة من النماذج والتصاميم ذات بصمات فنية مستوحاة من المراقيم الوذرفية ضمن العمارة السكنية والطرقات والحدائق العمومية والمؤسسات الإدارية والحلي والتزويق والأثاث الخشبي والمحامل الجلدية والملفات الورقية مؤكدا على أهمية دور الجمعيات وخريجي المعاهد العليا للحرف والفنون بالخصوص في السعي إلى إبراز خصوصية مدينة وذرف من خلال العمل على تثمين المرقوم الوذرفي ضمن مختلف المجالات الحيايتة. أما المداخلة الثانية فتمحورت حول"أفاق وإستراتيجيات النهوض بصناعة المرقوم وتسويقها"لأنيس جمعة الذي أشار إلى التراجع الملحوظ في المنتوج وعدد المهنيين حيث سجلت المنطقة إنتاج 7 ألاف متر مربع من المرقوم سنويا خلال الثورة وهو ما يعادل نسبة 10 بالمائة فقط مقارنة ما قبل الثورة إلى جانب تقلص عدد المهنيين الذي لم يتجاوز 370 حرفيا اليوم فيما بلغ عدد هؤلاء الحرفيين 1500 حرفيا سنة 1970 وأضاف قائلا: "أن هذه المؤشرات السلبية لقطاع الصناعة التقليدية في هذه الربوع راجع لعدم إقبال الفتيات على تعلم هذه الصناعة اليدوية نظرا لحرصهن على التعلم وقلة مردودية هذه الصناعة لكساد سوق الترويج وهو ما أفضى أيضا إلى غلق نقطة بيع المرقوم بتونس العاصمة". فيما كان موضوع المداخلة الثالثة بعنوان" ألوان المرقوم بين القديم والحديث " لكريمة عزوز التي أشارت إلى ما تزخر به مناطق الجنوب التونسي وخاصة الجبلية منها من فضاءات وخصوصيات طبيعية تساعد على إكتشاف ألوان غير محددة منها الألوان الواحية وألوان الحلي والزيتونة وغيرها و دعت الحرفيين والفنيين إلى ضرورة العناية بمجال التطوير والإبداع في المنتوج وملاءمته لروح العصر اعتماد مرحلة التحليل والتجديد في الألوان بطريقة مهنية من شأنها أن تكسب المنتوج أكثر تعصيرا وجمالا. وأكد الحاضرون خلال تدخلاتهم أن قطاع صناعة المرقوم بوذرف يعاني من عديد المشاكل منها التهميش المسجل في تصنيف المرقوم وتحريف مصدر صناعته وغياب الإقبال على التكوين والتراجع الملحوظ في الترويج بالإضافة إلى تخلي رجال الأعمال عن الإستثمار في هذا القطاع. وفي خاتمة أشغال هذه الندوة أوصى الحاضرون بضرورة اعتماد مشروع تثمين المرقوم في مختلف المجالات منها الأحياء السكنية والمرافق العمومية على غرار المؤسسات الإدارية والتربوية إلى جانب الملاعب الرياضية والطرقات والحدائق الخضراء بمدينة وذرف بالإضافة إلى القيام ببحث علمي ميداني عن أسباب عزوف الفتيات عن الإقبال على صناعة المرقوم وبعث صندوق محلي لدعم هذه الصناعة وإعداد مدونة حول المرقوم الوذرفي تكون مرجعا فنيا وثقافيا للأجيال المتعاقبة والطلبة والباحثين الجامعيين ودعوة الحرفيين والمستثمرين والتجار إلى جعل المرقوم صناعة إبداعية.