اهتزت مدينة الحمامات خلال الاسبوع الفارط على وقع جريمة قتل فظيعة راحت ضحيتها امرأة شابة على يد زوجها الذي يكبرها بنحو عامين بعد ان احتجزها داخل غرفة لنحو ساعتين ومارس عليها ألوانا من التعذيب ثم كتم أنفاسها ب"فولارة" واضعا حدا لسنوات من"العشرة".. من الحب وأيضا من الخلافات والعنف و"العبودية"... نزل الخبر نزول الصاعقة على عائلة الضحية.. لم تصدق ما يتداول.. فندت وفاة ابنتها التي كانت قبل ساعات قليلة الى جانبها.. ولكن ما انتشر بين الاهالي كان عين الحقيقة.. مقتل الابنة نهى المرداسي على يد زوجها بطريقة وحشية فيها الكثير من الانتقام... ولكن لماذا قتلها؟ ما هي دوافع الجريمة التي مازالت الحديث اليومي للأهالي؟ ما هي اعترافات المتهم بعد ايقافه؟ "الصباح" حملت مجموعة من التساؤلات وتحولت الى بئر بورقبة لكشف الحقيقة.. صدمة وألم.. هناك.. في هذه الربوع المحاذية لمدينة الحمامات تقرأ علامات الاستفهام على ملامح الجميع.. البعض مصدوم.. البعض الآخر محتار.. والقاسم المشترك بين هذا وذاك الألم والوجع لفقدان احدى بنات الجهة المعروفات بدماثة الأخلاق وطيبة القلب وحسن المعشر.. الطاهر المرداسي عم المأسوف عليها استقبلنا والدموع في عينيه.. كان المصاب جلل.. وثقل الفاجعة التي حلت بالعائلة كبير.. يقول محدثنا ان ابنة شقيقه يتيمة الأب.. اسمها نهى بنت فرج بن علي المرداسي مولودة يوم 15 جانفي 1995، تزوجت بضمان أبوي منذ نحو ست سنوات وأنجبت ثلاث بنات عمر الكبرى لم يتجاوز الاربع سنوات والصغرى مازالت رضيعة لم تبلغ بعد السنة، اضافة الى كونها (أي الضحية) كانت حاملا في الشهر الرابع. اتفاق ثم تراجع.. يعود بنا العم الطاهر سنوات الى الوراء، كاشفا ان نهى اتفقت قبيل الزواج مع زوجها على ان يتسوغا منزلا في الحمامات يقطنان فيه باعتباره يعمل بهذه المدينة، الا انه تراجع لاحقا ورفض بقاءها معه وأصر على أن تعيش هي في مسقط رأسه منطقة سيدي مسعود بمعتمدية السبيخة بالقرب من والدته على ان يزورها كلما سنحت له الفرصة.. خلافات وضرب.. مرت السنوات وانجبت نهى ثلاث بنات، ورغم ذلك فانها لم تعرف الاستقرار العائلي، كانت ممنوعة من استعمال الهاتف المحمول ومواقع التواصل الاجتماعي، والاتصال بوالدتها الا اذا سمح لها بذلك في وجوده، ومع كل هذه الممنوعات كان زوجها يعتدي عليها بالعنف كلما زارها لأبسط الأسباب كما انها تعرضت للاهانة والضرب من قبل حماتها-وفق ما افادتنا به عائلتها- ما دفعها في النهاية الى الهروب فجرا.. الهروب نحو حضن العائلة.. تحملت نهى الاهانات والعنف والابتعاد عن عائلتها لسنوات حتى اتخذت فجأة القرار بعد خلاف جديد مع حماتها... قرار الهروب نحو منزل عائلتها في بئر بورقبة، حيث والدتها وشقيقتها وأهلها وأجوارها... التمست من خالة القاتل استعمال هاتفها للحظات، فرأفت بحالها وسلمتها الهاتف.. يواصل العم الطاهر سرد تفاصيل الواقعة بالقول:"اتصلت بشقيقتها وطلبت منها القدوم الى القيروان لايصالها الى بئر بورقبة... ثم اقترضت ثلاثين دينارا من احدى قريباتها هناك". في حدود الساعة الخامسة والنصف من فجر يوم السبت 3 نوفمبر غادرت نهى منزلها رفقة بناتها الثلاث، واستقلت سيارة اجرة نحو القيروانالمدينة حيث حضرت شقيقتها لمرافقتها ليصل الجميع الى منزل العائلة في بئر بورقبة حوالي منتصف النهار حيث لمّ شمل الاسرة واستدعي الزوج فقضى ثلاث ليال مع بناته وزوجته قبل ان يتفق مع الاخيرة على الاستقرار بالسكنى في الحمامات بعد ان شرحت له اسباب مجيئها واستحالة العيش في مسقط رأسه، ولكنه في الحقيقة اوهمها بذلك فقط بعد ان خطط لقتلها انتقاما منها... استدراج وتعذيب حتى الموت يقول العم الملتاع: "تظاهر القاتل بموافقة زوجته على الاستقرار في الحمامات، حتى انه اوهمها بتسوغ شقة وطلب منها مرافقته اليها صباح يوم الاربعاء الفارط ومنها الى بعض المغازات لاقتناء بعض الملابس لها ولبناتهما الثلاث.. وهو الذي كان يخطط للقضاء عليها نهائيا وابادة كل افراد العائلة... انطلت الحيلة على نهى ورافقته في حدود الساعة الثامنة والنصف من صباح الاربعاء الماضي الى حيث اراد فكانت نهايتها". "نهاية صادمة.. فظيعة.. مفزعة" -يواصل محدثنا-:"لقد استدرجها بخبث الى الاستوديو الذي يقطن فيه رفقة شقيقه وزوج امه على وجه الكراء، وهناك عذبها طيلة ساعتين، حيث عنفها بوحشية ثم قيّد ساقيها بخيوط حذائها الى السرير، وشد وثاق يديها وطرحها ارضا قبل ان ينزع فولارتها ويخنقها بواسطتها بكل بشاعة ثم يربطها ايضا الى السرير حتى اذا حاولت المقاومة تختنق اكثر..". مخطط ابادة وتهديد بالذبح.. ماتت نهى ومعها جنينها.. وغادر المتهم الاستوديو، ليتصل في حدود الساعة الحادية عشر صباحا هاتفيا بشقيقة نهى حيث طلب منها وبكل هدوء ان تلتحق به وبشقيقتها الى السبيخة رفقة البنات الثلاث، موهما اياها بانه في سيارة اجرة على مستوى النفيضة رفقة نهى، ولكن الشقيقة اعتذرت له فما كان منه في مكالمة ثانية الا ان هددها بالقدوم الى محل سكناها وذبحها وذبح بناته، لذلك فرت بهن نحو منزل عمتها خشية أن ينفذ وعيده رغم انها لم تعلم بعد بجرمه في حق شقيقتها..". اتصال هاتفي قرر المتهم الفرار الى الجزائر.. تحول مباشرة الى محطة سيارات الاجرة حيث استقل واحدة، ثم اتصل بشقيقه القاطن معه في الحمامات واعلمه بارتكابه جريمة قتل.. فسارع الشقيق الى اشعار اعوان الامن الذين نصبوا كمينا للمتهم على مستوى منطقة الناظور من ولاية زغوان بالتنسيق مع نظرائهم بتلك الجهة.. ثم في حدود منتصف النهار والربع تم اشعار العائلة بمقتل نهى.. اضطرب الكل.. صدم الكل.. فالخبر صاعق ومضمونه صادم.. حتى ان والدة نهى الخالة عائشة لم تتحمل الصدمة واغمي عليها.. واليوم تقول:"نطلب حق بنيتي.. كيما عذبها وقتلها يموت هو.."، وتضيف:"بنيّاتي(وتقصد حفيداتها الثلاث) ما نسلمش فيهم"، ولكن كيف لها وهي الجدة المعوزة والتي لا دخلا قارا لها حتى ترعى ثلاث بنات صغار؟ الاكيد ان السلط المحلية بالحمامات والجهوية بنابل ومندوب حماية الطفولة مطالبون اليوم بالاطلاع عن قرب عن هذه المأساة الاجتماعية وتوفير الظروف الملائمة للشقيقات الثلاث (احداهن مصابة بمرض مزمن-القلب-) حتى يعشن في أمان وكرامة وفي مناخ يحميهن من الصدمات النفسية. اعترافات واهية كشفت تسريبات ان المشتبه به الموقوف على ذمة الابحاث رفقة شقيقه، برر جريمته الفظيعة بشكوكه حول سيرة زوجته وطعنه في شرفها، اما العائلة فأجابت على ادعاءاته التي وصفتها بالسخيفة والواهية:"يقول ما يشاء للهروب من حبل المشنقة.. ولكن الحقيقة يعرفها هو وأهله وأجوارنا واجوارهم.. فنهى عرفت بين الجميع والحمد لله بطيبة قلبها وحسن سيرتها واخلاقها الرفيعة.. ماتت بشرف.. اللي في يديها موش ليها"، خاتمة بالقول: "اليوم نريد معرفة الحقيقة خاصة مع وجود شكوك حول مشاركة طرف ثان في الجريمة.. ولنا ثقة في القضاء ليكشف ما حصل...".