احتفلت تونس كامل يوم 31 ديسمبر 2018 بحلول السنة الإدارية الجديدة 2019 وتوّج هذا الاحتفال بالنسبة لأغلب التونسيين نظرا لغلاء الأسعار بالقبوع أمام التلفزيون لمتابعة ما اقترحته القنوات التلفزية التونسية وما كانت قد سجلته قبل أيام. والحقيقة أن كل التلفزات اجتهدت من اجل توفير الفرجة والمتعة والتعويض على من لم يتمكنوا من الخروج الى الشارع للاحتفال نظرا إلى عدم الشعور بالأمان والى قلة المواصلات التي تعزل سكان الأحياء المحيطة بالعاصمة عن أماكن الاحتفالات. علما بأنه يوجد من بين العائلات التونسية من اختارت عن اقتناع الاحتفال في المنازل بعيدا عن الضوضاء والصخب وهدر المال. على كل تحلق أفراد العائلة أمام تلفزاتهم منتظرين ما سيقترحه عليهم منشطون وكرونيكارات - تعودوا عليهم - من مفاجآت وفقرات غنائية وفرجة فجاءت اغلبها من قبيل «زيتنا في دقيقنا» أي حفلتنا منا فينا بلا ضيوف ولا نجوم ولا مشاهير إلا ما رحم ربي (أي استضافة بعض الفنانين الذين سبق لهم ان مروا من كل برامج تلك القنوات) بل عملت كل قناة على تكريم «كرونيكاراتها» ومنشطيها وعمالها وتقنييها والتعريف بهم بوضع البعض منهم تحت الأضواء نظرا لما يقدمونه من جليل الخدمات. العلاج النفسي أصبح ضرورة ما بقي من السهرة التي اقترحتها قناة «الحوار التونسي» مثلا أمران، الأمر الأول هو ان سامي الفهرى (مع الاعتذار على الملاحظة) مجبر أكثر من أي وقت مضى على العلاج النفسي وعلى الاعتذار على العنف الذي يفرضه على مشاهدي قناته التي لا تخلو من كفاءات ومن أعمال جيدة.. نعم سامي عنيف ويتعامل مع «كرونيكاراته» ومع ضيوفه بعنف مبالغ فيه.. هو يبحث عن الضحك ويضحك ولكن ضحكاته لا تعبّر عن الرضا أو الفرح بقدر ما تعبر عن التشفي والحقد والاحتقار والتصغير من شان من يقف أمامه. ويكمن خطره على من معه في ان تتسبب طلباته المجحفة والمحرجة وتلك الألعاب العنيفة بين قوسين (لأنها ليست ألعابا ولا تضحك الجمهور ولا تضحكه إلا هو) في سقوط احد القابلين لتلك الرهانات مغمى عليه أو ميتا على البلاتوه. سامي «يبهذل» ضيوفه ويطيل مشاهد تعذيبهم إلى أن يمل الجمهور ويخاف أن يصيبهم السوء أمامه. فأي ترفيه وأية فرجة في الضغط على ضيف ليشرب ما لا يمكن أن تتحمله معدة وما لا يمكن أن يحترم بعده إنسان نفسه.. ضيوف سامي و»كرونيكاراته» لهم معجبون ومحبون ومتيّمون و «فانز» لا يتحملون ما يكال لفنانيهم من اهانات حتى وان رضوا لأنفسهم او تظاهروا بتقبل الإحراج والتورط أمام الكاميرا.. اية متعة ل«لعبة» الصعقة الكهربائية التي يفرضها على من يعمل معه والتي تم لفت نظر سامي ومن اقتفى أثره الى خطورتها (خاصة وانه يطيل في مدتها ويتلذذ بعذابات ضيفه او زميله) وتأثيرها السيئ على المشاهد باعتبارها من بين وسائل التعذيب التي يتعرض لها المعارضون في النظم الدكتاتورية والشمولية والموقوفون في مراكز الأمن... والتي لا يمكن بأي حال ان نعرضها كوسيلة ترفيه بل هي وسيلة تنكيل وشماتة وتحقير للغير المجبر على العمل معه لضيق مجالات العمل او الذين يرغبون في الظهور في التفلزة لأنها الوسيلة الوحيدة للشهرة ولتقديم الجديد من الأغاني والأعمال الإبداعية التي لا يمكن لأصحابها الإعلام عنها أو إيصالها إلا عن طريق التلفزة. معلم يتلاعب بمشاعر مشاهديه هؤلاء يتحملون سوء المعاملة من سامي الفهري امام الكاميرا رغم علمنا بأنه طيب القلب وكريم وخلوق ومحب لفعل الخير وانه يساند ويساعد ويعمل على إرضاء كل من يعمل معه على طريقته بشهادة البعض ممن عملوا أو يعملون معه. ومن يعرف سامي الفهري على هذا الخلق يحتار بين ما هو عليه حقيقة وما يحاول ان يبديه امام الكاميرا على كل نحن منزعجون من سامي الذي نراه يحطم الآخر ويتلاعب به وبمشاعر المشاهدين ونقترح عليه ان يخصص لنفسه حصص علاج نفسي ونتمنى له الشفاء. ولكن ما تقدم لا يمنع من ان نذكره بأنه معلم وبأنه صاحب مسيرة وتاريخ في اللقاءات الصحفية الإذاعية والتنشيط وبان تلك الحصة التي خصصها لجميلة الشيحي عندما حاججها حول تعارض تصريحاتها عن العراء في المسرح والفن بصفة عامة وبيّن لها بالمتابعة والدليل والبرهان تباين مواقفها من نفس الأمر كانت من أجمل ما قدمه منذ مدة طويلة.. محاورته لجميلة كانت مهنية وانجح بكثير من تعذيب جووال أو زياد المكي بالصعقات الكهربائية. اما الامر الثاني الذي لاحظناه في السهرة وقد كان ايجابيا ويحسب لسامي الفهري في حفل رأس السنة 2019 فهو ذلك الحضور المميز للفنان فوزي بن قمرة الذي استعاده جمهوره بفضل سامي فتفاعل مع زملائه رقص وغنى وقال «نجيبك نجيبك يالمسرارة مهما تكوني بعيدة مادام انا نريدك نجيبك نجيبك.. « وهي من اجمل الأغاني التي اعرض عليها لسنوات طويلة وحرم منها جمهوره هي وبقية ما تسبب في شهرته وحب الناس له.. «يا فوزي» الاسم الذي لم يكف جمهوره رغم الجفاء عن مناداته به والإلحاح عليه بان يعبرّه وان يستجيب.. كانت لتدخلاته الغنائية في السهرة الوقع الكبير على الجمهور الحاضر وعلى المشاهدين لقناة الحوار التونسي وكان مروره هدية جميلة من سامي الفهري لجمهور فوزي الذي اشتاق له.. نعم أحببنا كل ما قدمه لنا فوزي من أغاني صوفية وابتهالات ولكننا أحببناه في المزود وأحببنا رجوعه لفنه ولجمهوره ونتمنى عليه أن يراوح بين رغبته ورغبة جمهوره . كرهنا البطاطا يا لطفي المجهود الذي بذله لطفي العبدلي ورانيا على قناة التاسعة في سهرة رأس سنة 2019 من اجل إقناعنا بأهمية البطاطا بكل نكهاتها وأشكالها وطرق تعليبها كان له الأثر العكسي على المشاهد حيث أنهما بالغا كثيرا في توظيفها صلب السهرة. وبالغا في فرضها على الضيوف والكرونيكارات القارين والعرضيين ولم يكن من المعقول الضحك على الذقون بكل ذاك التعسف ولولا مرور شمس الدين باشا من البلاتوه وإصراره على تحريك سواكن الضيوف وإخراج البرنامج من الرتابة التي سقط فيها لقلنا يا خيبة المسعى. رانيا جميلة بوجه بشوش وصبوح وتحب التنشيط والظهور وقد قبلها الجمهور منذ قدمت النشرة الجوية على قناة نسمة وسعد بها عندما فاجأته في قناة التاسعة لإدارة بلاتوه صعب جدا يحضره مقداد السهيلي والطاهر الفازع، ولكن تبين لنا في سهرة ليلة راس السنة انه عليها ان تحافظ على محبة الناس وإعجابهم بها عملا بقاعدة ان الوصول الى القمة اسهل بكثير من التربع عليها حيث انه لا بد ان تعمل رانيا على تثقيف نفسها ولا بد لها من ان تكون سريعة البديهة ولها ما تقول في المواضيع التي تطرحها وفي التحاور والتعامل مع ضيوفها. عليها ان تعرف ان التنقل أمام الكاميرا والحديث بلباقة تشد المشاهد وتقنعه ليتابع خطواتها ويقتنع بما تطرحه وتقترحه أمر صعب ويحتاج الى تكوين وتجربة (حتى لا نكره البطاطا في حين انها تدخل في باب التعريف بها والإشهار لها ليقبل المشاهدون على شرائها وتذوق نكهاته). رانيا رغم إعجابنا بحضورها لا يمكن لها ان تواصل تنشيط برنامج ترفيهي مثلما تقدم النشرة الجوية لان تنشيط البرامج ومواجهة الكاميرا والجمهور صعب جدا ولا يجب التعامل معه باستخفاف. والحضور المميز ليس فقط باللباس والقيافة والماكياج ولا بد من معاضدته بالثقافة وسعة الاطلاع واللباقة للخروج من المطبات. عليها ان تعرف انها وان وضعتها الصدفة مع لطفي العبدلي الذي ينهل من حب جمهور كونه على مدى سنوات عديدة ويتعامل معه على انه مسرحي يقدم كل اسبوع وان مان شو فإنها تحتاج الى مزيد العمل والتفاني فيه لتحافظ على الفرصة التي أتتها على طبق من ذهب.. فرصة منعت عن أصحاب الاختصاص لذا لا بد لها من أن تستحقها ولا تستخف بها.