رغم تعاقب الحكومات منذ سنة 2011، لا يزال ملف شهداء وجرحى ثورة الكرامة، ثورة 17 ديسمبر 2010 - 14 جانفي 2011، لم يعرف طريقه إلى التسوية حيث لم يتم الى حد الان نشر القائمة النهائية في الرائد الرسمي للجمهورية التونسية رغم اصدارها وتلقي رئيس الحكومة يوسف الشاهد لهذه القائمة منذ 13 افريل 2018. هؤلاء الشهداء والجرحى الذين استهدفوا لرصاص أعوان الطاغية بن علي وكان لهم دور هام وحاسم في إسقاط نظامه وكامل منظومة الفساد التي أسسها واستمرت في نهب الوطن وأموال وأملاك المواطنين التونسيين العاديين على مدى الأعوام ال23 التي استمر فيها حكمه الجائر كانوا يستحقون منا لفتة اعتراف بجميل ما قدموه من نضالات وتضحيات بدل التسويف وربما التجاهل، وإنصافهم وإنصاف أهاليهم عبر تدوين اسمائهم كي تظل خالدة عبر التاريخ، وتمكين كل من لهم حقوق على الدولة من الحصول عليها كاملة غير منقوصة. نقول هذا لاعتقادنا الجازم بأن أسباب التأخير الحاصل في معالجة هذا الملف ليست مصاعب إجرائية كما يحري ترديده، بقدر ما تعود إلى غياب إرادة سياسية فعلية في إيلائه ما يستحقه من أهمية وعناية. إرادة سياسية لا بد من القول أنها ظلت مفقودة على امتداد سنوات ما بعد الثورة على نظام المخلوع بن علي وليس من جانب الحكومة الحالية فحسب ولم يشمل ذلك فقط معالجة هذا الملف، وإنما معالجة العديد من الملفات الحيوية الأخرى كملفات الاصلاح الاقتصادي ومكافحة الفساد والاصلاح الضريبي وإصلاح التعليم والتي كان يفترض أن تساعد فيما لو تم تناولها بالجرأة والتصميم اللازمين على تحقيق جانب لا بأس به من أهداف الثورة ومن أهمها وأكثرها إلحاحا إيجاد بداية حلول لأزمة البطالة المتفشية بين الشباب وبداية خروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الطاحنة التي تعاني منها البلاد حاليا. إن الاعتراف لهؤلاء الشهداء والجرحى بمساهمتهم في تخليصنا من الدكتاتورية والحكم الفردي ليس منة بل واجب على تونس ما بعد ثورة الكرامة، فالشعوب والدول تحترم بقدر احترامها لمناضليها وكل من اضطلع بدور في سبيل النهوض بها وتغيير مستقبلها نحو الأفضل، وفي اعتقادنا أنه آن الأوان للقيام بالخطوة المطلوبة، والاعلان رسميا عن قائمتهم النهائية، احتراما وإجلالا لهم ولعائلاتهم ولأنفسنا أيضا، ونحن نستعد للاحتفال بالذكرى الثامنة للثورة.