يحظى قطاع الثقافة في تونس بمكانة متميزة باعتباره سندا ثابتا لجهود التنمية الشاملة. وهذه الحظوة تترجمها القرارات الرئاسية المتتالية لتطوير التشريعات المتصلة بالثقافة والابداع والفكر لضمان حقوق رجالات الفن والأدب ولتشجيعهم على مزيد اثراء مسيرة التطوير والتحديث في بلادنا وتعزيز جسور الحوار مع ثقافات العالم. ان الثقافة كوعاء حضاري تختزل الهوية والانتماء وتؤسس لمجتمع متوازن وسطي متشبّع بتاريخه متفاعل مع حاضرهِ ومتفتح على محيطه ومواكب لعصره. ان هذه الابعاد الحضارية التي تشكل المشروع المجتمعي التونسي ما فتئ يؤكدها رئيس الدولة.. في اكثر من مناسبة ومنها اليوم الوطني للثقافة الذي احتفلت به تونس أمس. والتزاما بهذا التمشي وتعزيزا للدور الجوهري لأهل الفكر والابداع في نحت هذا المجتمع الوسطي المتشبث باصالته والمنفتح على الاخر يتنزل القرار الرئاسي في الرفع التدريجي في الميزانية المخصصة لقطاع الثقافة لتبلغ السنة القادمة 25،1 بالمائة من ميزانية الدولة. وبالتوازي مع جهود الدولة في الارتقاء بالثقافة والمثقفين الى مستوى افضل يتأكد دور القطاع الخاص في معاضدة هذه الجهود بمزيد الاستثمار في مختلف المجالات الثقافية العديدة والمتنوعة. وفي هذا الصدد ورغم التطور المسجل على مستوى حجم الاستثمار المخصص لبعث المؤسسات وتنويع انتاج المادة الثقافية وتسويقها فإنه وكما أكد ذلك رئيس الدولة مازال القطاع يحتاج الى جهد إضافي من قبل الخواص لكي يتوفر له التمويل المناسب لاستحداث المزيد من الصناعات الثقافية والمهن الفنية المجددة وتحويل النشاط الثقافي إلى قاعدة اقتصادية مربحة. إن المبادرات الخاصة في هذا المجال ما تزال محتشمة ودون الآمال رغم الحوافز والتشجيعات التي توفرها الدولة للغرض.. ومن البديهي أن تتجه عناية القطاع الخاص الى مجالات الثقافة والابداع للاستثمار في انتاج المادة الثقافية المطلوبة وطنيا ودوليا.. والمراهنة على المخزون الحضاري والثراء الكمي والنوعي لهذه المادة. إن دور النسيج الجمعياتي والمؤسسات المالية الوطنية والمبادرة الخاصة يظل جوهريا لمزيد الاستثمار في الأنشطة الثقافية الحديثة في اتجاه التجديد والتنويع والإثراء لبلوغ مستوى العالمية، وهذا ليس بالأمر العسير على أبناء تونس من المبدعين ورجال الأعمال والجمعيات وأصحاب المبادرات الخاصة.