بنيل الحكومة اللبنانية الجديدة ثقة البرلمان يمكن القول أن لبنان أصبح في مسار صحيح ولكن يبقى محفوفا بالانتكاسات والتراجعات فقد برهنت عديد الأمثلة في الماضي أن المسائل الخلافية كثيرا ما تؤدي إلى توترات تغري الأطراف الخارجية بالتدخل ومحاولة تكييف الأوضاع لمصالحها وتنفيذ سياسات إقليمية غالبا ما تكون على حساب مصلحة اللبنانيين. ولعل الزيارة التي يؤديها اليوم الرئيس اللبناني إلى دمشق تمثل أول اختبار للوضع الجديد في لبنان ذلك أنها كفيلة بإعادة إرساء أسس العلاقات اللبنانية السورية عبر تسوية عدة مسائل مثل التمثيل الديبلوماسي بين البلدين وملف المفقودين اللبنانيين وضبط الحدود والمعابر. وبين الداخل والخارج تبقى مسألة سلاح المقاومة تلقي بظلالها على الاستقرار الداخلي لتكون بمثابة القنبلة الموقوتة القادرة على تفجير الوضع الداخلي ونسف الحالة الوفاقية التي أضحى عليها لبنان منذ مؤتمر المصالحة المنعقد في الدوحة . إنها بلا شك جملة من العوامل المحددة للاستقرار في لبنان خصوصا أن الاستقطابات الإقليمية والدولية ما فتئت تشتد في سياق السنة الانتخابية الأمريكية والتطورات التي يشهدها الملف النووي الإيراني.. والمؤكد أن الانفتاح السوري على العواصمالغربية وخصوصا باريس كفيل بإعطاء دور حيوي لدمشق في المنطقة آخذا بعين الاعتبار ما يمكن أن تسفر عنه أية مفاوضات مباشرة بين سوريا وإسرائيل بشأن الانسحاب من الجولان. وقد ظهرت سوريا في الفترة الأخيرة كوسيط هام بين الدول الغربية وإيران ولعل أي وفاق محتمل بخصوص الملف النووي من شأنه أن يؤثر بالإيجاب على الساحة السياسية اللبنانية بما يعزز الاستقرار ويجعل اللبنانيين يركزون على القضايا الاقتصادية والاجتماعية المتراكمة منذ بضع سنوات. وإذا كانت سوريا وإيران قادرتين في حالة توفر بعض الشروط بخصوص دورهما الإقليمي على ضمان جانب من استقرار لبنان فإن إسرائيل وبعض العواصمالغربية التي عادة ما تستخدم الوضع اللبناني لتمرير مخططات إقليمية تبقى مصدر قلق لأنها قادرة على تحريك الاوضاع في اتجاه تلك المخططات. لقد أمسك لبنان الآن بأبرز محددات مصيره وبالتالي فإن الطبقة السياسية تتحمل مسؤولية جسيمة في الحفاظ على الأمن والاستقرار إلى حين تنظيم انتخابات برلمانية لتتوفر كل العوامل الكفيلة بتطبيع الأوضاع الداخلية والقطع مع كل الممارسات السابقة التي ألحقت أشد الضرر بلبنان وحرمت المنطقة العربية من تجربة هامة في العمل بالديموقراطية واحترام الحريات والتطور الاقتصادي.