كشف استطلاع الرأي الذي أجرته صحيفة " فاينانشل تايمز" البريطانية بشأن "الخطر الروسي" على استقرار العالم أن هناك مؤشرات على بداية تحول لدى الرأي العام الأوروبي فبعد أن عوض الخطرالإسلامي" "الخطر الشيوعي" يبدو أن السياسة الروسية الحالية بصدد خلق مخاوف قد تجعل روسيا عدوا مثلما كان شأن الاتحاد السوفياتي طيلة عقود طويلة. فالأوروبيون الغربيون يراقبون بتوجس ما تقوم به روسيا من تحركات خصوصا في القوقاز وضغطها من أجل استقلال إقليمي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا عن جورجيا ويدركون أن روسيا أصبحت تنحو نحو إعادة الهيمنة السوفياتية على بعض أجوارها عسكريا واقتصاديا وسياسيا وهو ما يعني أن الحدود الشرقية للاتحاد الأوروبي وبعد عمليات توسيع العضوية أصبحت في احتكاك مباشرمع القوة الروسية. وقد أبرزت التطورات في الساحة الدولية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي وانفراد الولاياتالمتحدة بالسيطرة على العالم ونزوعها نحو التوسع الأمبراطوري أن جانبا كبيرا من البلدان النامية وحتى من الدول الكبرى يرحب بوجود قوة عظمى ثانية تخلق نوعا من التوازن في العالم وتجعل أمريكا أكثر واقعية وأقل عنجهية. بل إن منطقة مثل المنطقة العربية يهمها كثيرا وجود قوة ثانية باعتبار أن الزعامة الأمريكية للعالم أدت إلى سلبيات وإلى تراجعات في مجالات عديدة أهمها الحريات واحترام حقوق الانسان وإلى أزمات اقتصادية ومالية خطيرة. ولا شك أن ماورد في استطلاع الرأي من أن خطر روسيا على استقرار العالم يفوق خطورة إيرن وكوريا الشمالية يحمل في طياته موقفا أوروبيا يرفض الصراع بين الحضارات وبين الأديان وبالتالي فإن ما تعرض له الإسلام من اعتداءات منذ أحداث 11 سبتمبر2001 مرده رغبة أمريكية وليس غربية بصورة عامة في جعل الإسلام عدوا بديلا للشيوعية. إن الرأي العام الأوروبي الذي أصبح يخشى توسعا روسيا في أوروبا الشرقية من خلال قوة اقتصادية روسية أساسها النفط والتحكم في خطوط تصديره في منطقة بحر قزوين أصبح واعيا بأن 15 عاما لم تكن كافية للتخلص من شبح القوة السوفياتية وأن عودة روسيا من شأنها تغيير عديد المعطيات سواء في أوروبا أو في مناطق اخرى من العالم.