تونس-الصباح محدودية قيمة السقف السنوي المخصص للعلاج بالقطاع الخاص، محدودية قائمة العمليات الجراحية والاستشفائية المتكفل بها ونسبة تكفل ضعيفة بالعمليات الجراحية لا تتجاوز ال55 بالمائة، ضعف نسبة المضمونين الاجتماعيين المسجلين ضمن منظومتي العلاج الخاصة، غموض في ما يتعلق بالتكفل بمصاريف الخدمات الاستعجالية من عدمها..هي بعض من الاشكاليات التي ما تزال تطغى على مسار تطبيق نظام التأمين على المرض رغم الخطوات الايجابية التي تم قطعها منذ بداية تنفيذ مشروع إصلاح التأمين الصحي في تونس منذ جويلية 2007. وقفة تقييمية لما تحقق وما يمكن تحقيقه للدفع قدما بمشروع الإصلاح في اتجاه أكثر انفتاحا على القطاع الصحي الخاص تبدو ملحة ومطلوبة بل ضرورية للنظر في عدة مسائل وملفات وحلحلة ما يمكن حله من اشكاليات مطروحة وتوضيح ما لف من مسائل أخرى من غموض.. إن المتتبع للمستجدات الحاصلة في ملف تطبيق إصلاح نظام التأمين على المرض خاصة خلال الفترة الأخيرة وبالتحديد مع بداية تطبيق المرحلة الثانية والأخيرة للإصلاح الذي شهد استكمال المنظومة بتكفل صندوق التأمين على المرض بجميع الأمراض العادية.. يلاحظ بوضوح تعدد خيوط المسائل المحتاجة إلى تفسير وحل وسرعة استجابة أو على الأقل التحاور في شأنها مع الأطراف المعنية. صعوبات رغم الايجابيات ورغم أن الفترة الأخيرة شهدت أيضا زيادة متوقعة في عدد الأطباء المتعاقدين مع صندوق التأمين على المرض خصوصا منهم أطباء الاختصاص، وحل جانب كبير من المشكلات الفنية والإدارية المرتبطة بضبط بطاقات العلاج وتوزيعها، وتسريع عملية ارجاع مستحقات الأطباء ومقدمي الخدمات الصحية المتعاقدين..إضافة إلى استفادة الآلاف من المضمونين من خدمات القطاع الصحي الخاص بعد تغطية جانب من مصاريف تلك الخدمات..إلا أن ذلك لم يمنع من تواصل عدة صعوبات وظهور أخرى على غرار محدودية اقبال المضمونين الاجتماعيين على الانخراط في المنظومة العلاجية الخاصة، وتواصل الغموض في ما يهم علاقة منظومة التأمين بالخدمات التكميلية المناطة بعهدة شركات التأمين والتعاونيات، فضلا عن مطالبة أطراف اجتماعية ومضمونين بضمان الصندوق لمجانية الخدمات الصحية الاستعجالية.. فتور.. وغذى تلك الاشكاليات حصول شبه فتور أو برود في موقف بعض مقدمي الخدمات الصحية من المنظومة الجديدة للتأمين على المرض في اتجاه تفاعل سلبي ترجمه موقف نقابة أطباء الممارسة الحرة الطرف الأكثر تمثيلا وقربا ومناصرا لمشروع الإصلاح الجديد من تراكم المسائل والاشكاليات العالقة في ما يخص عدة جوانب متصلة بنظام التأمين على المرض. وقد عبرت النقابة المذكورة في أكثر من مناسبة عن استغرابها من عدم تجسيم بعض الاتفاقيات التي حصلت مع الأطراف المعنية وتعطل الحوار في مسائل أخرى ذات العلاقة. وقد كان آخر تحرك في هذا المجال سعي بعض مقدمي الخدمات الصحية إلى تنسيق مواقفهم بخصوص ما يرونه من اشكاليات مطروحة على غرار المساعي الحاصلة مؤخرا بين نقابة أطباء الممارسة الحرة ونقابة أطباء الأسنان في هذا الشأن. في انتظار اجتماع المجلس الوطني.. المفارقة أنه في وقت كان ينتظر فيه الجميع عقد اجتماع للمجلس الوطني للتأمين على المرض وخاصة بعد انطلاق تطبيق المرحلة الثانية من مشروع الإصلاح - وهو الهيكل الذي بوسعه حسب رأي عديد الخبراء والمتتبعين لموضوع التأمين على المرض، خلق مناخ للحوار وتبادل الأفكار والمقترحات باعتباره فضاء يجمع جل المتدخلين من هياكل إدارية وأطراف اجتماعية ومقدمي خدمات صحية- لم يتم عقد ذلك الاجتماع وهو ما يعني أن الاتجاه السائد حاليا هو في انعقاده خلال شهر ديسمبر المقبل أي بعد عام من أول اجتماع له. علما وأن الأمر المنظم لعمل المجلس يسمح له بالانعقاد مرة كل ستة أشهرعلى الأقل وكلما دعت الحاجة إلى ذلك. كما يعد تقريرا سنويا حول متابعة وتقييم سير نظام التأمين على المرض يتم رفعه إلى الوزير الأول قبل موفى شهر جوان من كل سنة. علما وأن آراء المجلس تكتسي صبغة استشارية. تقييم نشاط التكفل بالأمراض العادية ويتوقع بالتوازي مع ذلك ومع نهاية السنة الجارية تقييم الستة أشهر الأولى لنشاط التكفل بالأمراض العادية، علما وأن نتائج هذه التقييمات ستعتمد قاعدة لدراسة مرقمة ومالية سيتم مقارنتها بتطور المؤشرات الاقتصادية لدراسة حجم النشاط الطبي في القطاع الخاص وضبط تطور مداخيل الأطباء. يذكر ان نقابة أطباء الممارسة الحرة قدمت في هذا الشأن اقتراحات تتلخص في محاور أساسية تهم تحسين قيمة السقف السنوي للتكفل بمصاريف العلاج للأمراض العادية بالقطاع الخاص، وتوسيع قائمة الأعمال الجراحية والاستشفائية التي يتكفل بها الصندوق بالقطاع الخاص وتحسين نسبة التكفل بها. اتفاقيات تنتظر التجسيم وكانت الجلسة التفاوضية التي انعقدت خلال شهر جوان الماضي بين النقابة التونسية لأطباء الممارسة الحرة والصندوق الوطني للتأمين على المرض بحضور المدير العام للضمان الاجتماعي بمقر وزارة الشؤون الاجتماعية، أسفرت عن الاتفاق على إجراءات جديدة تتعلق - وفق ما جاء في بلاغ أصدرته آنذاك نقابة أطباء الممارسة الحرة- بمحورين أساسيين يهمان النظام الجديد للتأمين على المرض. ويهم المحور الأول الإجراءات المتفق عليها مزيد تكريس الانفتاح الفعلي للصندوق على القطاع الصحي الخاص، والثاني يهم الرفع من أتعاب الأطباء المتعاقدين مع الصندوق إلى 20%. في ما يخص المحور الأول تم الاتفاق على أربع نقاط أساسية تتمثل النقطة الأولى في تحسين السقف المخصص للتكفل بالأمراض العادية وذلك بتمتيع كل قرين ومنخرط اجتماعي بسقف خاص به قيمته 200 دينار، وبالتالي يصبح السقف العام للتكفل بمصاريف العلاج بالمنظومة العلاجية الخاصة 400 دينار دون اعتبار الأبناء والأصول في الكفالة. كما تم الاتفاق بإفراد متابعة الحمل ومتابعة المواليد الجدد بالقطاع الخاص بسقف خاص. تتمثل النقطة الثانية في الاتفاق على توسيع قائمة العمليات الجراحية المتكفل بها من قبل الصندوق الوطني للتأمين على المرض من 49 إلى أكثر من 230 نوعية من العمليات الجراحية. وذلك من خلال تكفل الصندوق بكل التعقيدات الطبية والجراحية المرتبطة بقائمة ال24 مرضا مزمنا ومكلفا، وبتعقيدات الحمل والولادة والمواليد الجدد. وتهم النقطة الثالثة من الاتفاق تحسين نسبة التكفل بالعمليات الجراحية من 55 إلى 70%. ومعلوم أنه تمت المصادقة على الترفيع في الأتعاب التعاقدية للأطباء في حين ما تزال الاتفاقيات الأخرى تنتظر المصادقة النهائية من قبل الأطراف المعنية. تحذير .. وحذرت نقابات المهن الصحية من أن أي تأخير في دعم تجسيم انفتاح الصندوق على القطاع الصحي الخاص سيكون له نتائج سلبية خصوصا في ما يتعلق بتوازن اختيارات المضمونين الاجتماعيين على صيغ التكفل الثلاث التي تميل كفتها أصلا إلى المنظومة العلاجية العمومية، في ظل محدودية السقف السنوي المخصص للعلاج بالقطاع الخاص وقائمة الأعمال الجراحية والاستشفائية فضلا عن تدني نسب التكفل بها.