تنتهي اليوم الهدنة المتفق عليها بين إسرائيل وعدد من التنظيمات السياسية الفلسطينية بعد انقضاء 6 أشهر عن إعلانها... ومن البدائل المطروحة قيد النّظر تجديد الهدنة لأشهر قادمة أو إلغاؤها أو التعامل الميداني بالتزام التهدئة إلى حين توفّر شروط ملائمة لاستئناف التفاوض بشأن عديد القضايا المطروحة. ويبدو أنّ إسرائيل قد اختارت التصعيد عشية انتهاء فترة الهدنة في رسالة واضحة المضمون موجهة للطّرف الفلسطيني حيث شنّت غارات جويّة مكثّفة على عديد المناطق الفلسطينية وخصوصا في قطاع غزة بدعوى ملاحقة من وراء إطلاق الصواريخ والقذائف من الفلسطينيين باتجاه بلدات إسرائيلية. وفي ظلّ تكرّر انتهاكات قوات الاحتلال طوال هذه الأشهر من الهدنة يرى مسؤولو بعض التنظيمات الفلسطينية المعنية أنّ تجديد فترة التهدئة أمر غير مطروح لأنّ المستفيد الأكبر من ذلك هو الطرف الإسرائيلي الذي صعّد من احتلاله الجائر للقطاع والضفة وفرض قيودا على الشعب الفلسطيني وواصل اعتداءاته على رموز المقاومة إضافة إلى إصراره على مواصلة فرض حصار قاتل في القطاع. وفي هذا السياق أعلنت وكالات الإغاثة الأممية وقف توزيع المواد الغذائية على مئات الآلاف من سكان غزّة بسبب نفاد المخزون من هذه المواد مؤكّدة أنّ إسرائيل لم تسمح بمرور أيّة إمدادات للقمح والوقود أو المساعدات الإنسانية الأخرى إلى ثلاثة أرباع مليون فلسطيني يعتمدون على هذه المساعدات الغذائية. وهذا الواقع المرير الذي تعيشه آلاف الأسر الفلسطينية بلغ أقصاه إلى حدّ دفع مقرّر حقوق الإنسان بالأمم المتحدة إلى اعتبار هذا الحصار «انتهاكا صارخا للقانون الإنساني الدولي».. وهو اتهام رفضته قوات الاحتلال وألغت بموجبه زيارة هذا المسؤول الأممي للمناطق الفلسطينية. إنّ التهدئة التي تسعى إسرائيل إلى ترتيبها مع المنظمات الفلسطينية تهدف أساسا إلى توظيف فلسطينيين للدّفاع عن حدود بلداتها بالوكالة ضدّ أشقّاء لهم بتغذية الاقتتال الدائر من حين لآخر بين هذه المنظمات كما أنّ الهدنة التي تنتهي اليوم والتي قد ترغب إسرائيل في تمديدها إنّما الهدف منها هو التّركيز قبل أقلّ من شهرين على الانتخابات التشريعية واختيار رئيس حكومة جديد على هذا الحدث السياسي الداخلي وفسح المجال للأحزاب الإسرائيلية المتنافسة على كرسي رئاسة الوزراء لتوظيف الورقة الفلسطينية حسب مصالحها ومخططاتها وأهدافها الآنية والبعيدة. ومن هذا المنطلق فإنّ الإبقاء على حالة التهدئة المزعومة من الجانب الإسرائيلي توفّر له غطاء دوليا على اعتبار أنّه الطّرف المصمّم على ذلك والرّاغب في تحقيقه خلافا للتنظيمات الفلسطينية التي تسعى في نظره إلى التصعيد وانتهاك الهدنة.