تحتفل تونس يوم 27 مارس من كل سنة مع سائر شعوب العالم باليوم العالمي للمسرح. لئن دأبت وزارة الثقافة والمحافظة على التراث على ايلاء هذه المناسبة ما تستحق من العناية والاهتمام فان لاحتفالات هذه السنة وقعا متميزا باعتبارها تسبق باسابيع قليلة انطلاق الاحتفال بمائوية المسرح التونسي في 26 ماي 2009 ذكري صعود اول مجموعة من الممثلين التونسيين على ركح مسرح روسيني. ففي هذه السنة اذن يمر قرن على ميلاد المسرح التونسي، اي مائة سنة من التأسيس والابداع.. مائة سنة حافلة بالعطاء ومفعمة بالتجارب،ثرية بالخبرات والمحطات الفكرية والجمالية.. مائة سنة تواصلت فيها الاجيال المسرحية من الرواد المؤسسين الى الجيل الحالي جيل الشباب الواعد. وعلى امتداد المائة سنة تميز المشهد المسرحي التونسي بحركية وتراكم مكنه من تحقيق قفزة نوعية منزلة اشاد ويشيد بها المتابعون والنقاد العرب الأجانب من فرقة النجمة والشهامة والاداب الى فرقة بلدية تونس للتمثيل مرورا بفرق وجمعيات متعددة وصولا الى الفرق المسرحية الجهوية وهياكل الانتاج الحديثة والشركات الخاصة ومراكز الفن المسرحي والمسرح الوطني ومن مدرسة التمثيل الى المعهد العالي للفن المسرحي اضافة الى جانب ما حققه المسرح المدرسي والجامعي في بلادنا من زخم ساهمت في اثرائه المهرجانات المسرحية والندوات وحلقات النقاش والمعارض وهي كلها شواهد دالة على حيوية التجربة المسرحية في بلادنا وثرائها منذ انطلاقتها سنة 1909. واليوم العالمي للمسرح موعد سنوي يعد فرصة متجددة لتكريم الاسرة المسرحية ودعوة لمزيد البذل والعطاء قصد الارتقاء بهذا الفن الابداعي الى ارقى المراتب.. وهو ايضا موعد يذكرنا بتجذر قيم الحق والخير والجمال لدى الشعوب العريقة على اختلاف انتماءاتها المذهبية والعرقية والفنية، كما يذكرنا بدور الفن الرابع واهله في مد جسور التواصل والمحبة والحوار بين الافراد وبين المجتمعات وفي اذكاء روح التجديد والاضافة وترسيخ قيم الحرية والجمال واشاعة الفرجة والبهجة ومشاعر والامل و حب الحياة. وتندرج سنة الاحتفال بهذا اليوم العالمي للمسرح في سياق التمشي الذي تتوخاه تونس في سياستها الثقافية برعاية خاصة من صانع التغيير سيادة الرئيس زين العابدين بن علي باعتبار الثقافة سندا للتغيير وركيزة اساسية لبناء تونس الغد. ولا أدلّ على تعمق هذا التوجه الحضاري الرائد من افراد الثقافة ببند خاص في المخططات والمشاريع الاستشرافية وفي البرامج الرئاسية ومن الترفيع المطرد في الاعتمادات المخصصة لهذا القطاع. ان المسرح التونسي يواجه في هذه المرحلة المنعطف عددا من التحديات اهمها تلك المرتبطة بتطوير علاقته بمجتمعه والمحافظة على تواصله الحي مع جماهيره واستشراف افاق التوق الى الافضل والعمل على تجديد النفس الابداعي بالانفتاح على سائر فنون الفرجة الحية وكل التعابير الفنية المتقاربة بما يحقق التجدد المستمر لهذا الفن في بلادنا وبلوغه مكانة مرموقة على الصعيد الدولي، لذا اذن سيادة الرئيس زين العابدين بن علي بتنظيم استشارة موسعة حول المسرح من منطلق حرصه على تشريك العائلة المسرحية الموسعة في بلورة تصورات عملية لضمان مسيرة ناجعة للفن الدرامي في ربوع بلادنا تجعله يحقق الافادة القصوى من الاجراءات الرائدة التي خص بها رئيس الدولة وترقى به الى مستوى الطموحات الوطنية. ان التوجهات الجوهرية لفكر التغيير عامة وما يتعلق منه بالحقل الثقافي خاصة، حافز مهم لتفعيل الحركة الثقافية والمسرحية، وعيا بان المسرح هو من ابرز الفنون وأعرقها وعملا على فسح المجال امام المبدعين وتهيئة للظروف الملائمة لتنامي الابداع في مناخ من الحرية. وكل عام والمسرح والمسرحيون في تونس وفي العالم بخير.