بدأ منذ 18 ماي الماضي اعتماد التأشيرات بالمعطيات البيومترية، في فضاء "شينغن". أي الدول الخمس عشرة الموقّعة على اتفاقات شينغن". وتتمثّل هذه الطريقة في رفع بصمات جميع أصابع اليدين، وفي أخذ صورة رقمية لطالب التأشيرة. هذا الإجراء يهدف أساسا إلى تجنّب الإفتعال وحفظ المعطيات الشخصية في صورة ضياع أو سرقة ،أو تلف جوازات السفر، وتيسير المراقبة في مختلف المجالات. وبقطع النظر عن الأهداف المعلنة، وما تمنحه هذه الوسيلة من "تسهيلات" فإنّ لا أحد يشكّ في نفاذها إلى المعطيات الشخصية الخاصّة ،و تزيد طريقة منحها في بعض المصالح القنصلية، مسّا من كرامة الطالب، وهو ما يتعارض مع المواثيق الدولية وخاصة روح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الّذي ينصّ بنده الثاني " لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود"... بعد أن عاينت الطابور الطويل أمام مصالح منح تأشيرات السفر، وبعد أن استعرضت وعرضت هويّتي وهويّة من رافقني، وبعد أن سجّلت في ذاكرتي صوت أحدهم، يصيح بأعلى صوته وهو يقف في أعلى مدخل الباب الحديدي الأخضر، "هنا.. يقف الجميع في الطابور... الطبيب، والقاضي والموظف، وحتى المنتمين للغرفة التجارية الفرنسية... الجميع سواسية.. (مع تهذيب اللّغة لتيسير القراءة)، دلفت إلى الدّاخل ماسكا برقم الإنتظار وجلست على أحد الكراسي الزرقاء، أنتظر دوري من بين العشرات ... لقد أتاحت لي فترة الإنتظار أن أتصفّح تفاصيل المكان وتفاصيل الغادين والرّائحين... فرأيت كيف يتمّ تمرير هذا وذاك، خارج الأرقام، وعاينت وسمعت ذكر أسماء كانت كفيلة بتيسير المهام... وعاينت بعض المسنّات اللاّتي ترتعش أياديهن، وهي تنتزع الغطاء تلو الغطاء من فوق رأسها، لتكشف في النهاية عن شعر أبيض أو مصبوغ بالحنّاء.. رأيت تلك الّتي تِطأطئ رأسها، خجلا، ويقف مرافقها درعا لدرء النظرات، ويدعوها صوت من وراء الحاجز البلوري كي ترفع رأسها، فترفعه "منتكسا"، وتغض بنظرها إلى الأسفل، فيرتفع الصوت ليدعوها إلى تركيز نظرها على العدسة، فتركّز تلك النظرات المنكسرة المغلوبة، المغالبة، وأخالها تلعن الظرف والسّاعة الّتي قادتها إلى هذا المكان... أعوان يصولون ويجولون وصوت أحدهم يتعمّد المناداة على الأرقام بوتيرة سريعة، ليرى الجميع كيف يهرول المنادى عليه إلى الشبّاك السحري. بعد أن بلغ دوري، وقدّمت الأوراق المطلوبة، وضعت أصابع يدي اليمنى الأربعة الأولى على أطراف الزجاج الأملس المضيء اللاّقط لبصماتي، وتسربت إلى شفتي بسمة لامبالية، لا يتسنّى معاينتها لغير الأعين التّي ترمقني خلف البلّور المحصّن لمكاتب منح التأشيرات... وعندما وضعت أصابع يدي اليسرى على نفس موطن العلم والمعرفة، أحسست بشيء من الرهبة والخوف، وخيّل لي أن أهداب أعين المنتظرين، الّتي تتابعني من وراء ظهري، تصفّق مشجّعة لي حتّى أكمل توقيع سجلّي الأبدي... ولكن انتابني الخوف، وتسرّب إلى نفسي الآمنة المطمئنّة، الرعب، عندما أنهيت وضع بصمتي إبهامي على نفس الزجاج السحري، الّذي ما زلت أتخيّل أن رطوبته تسرّبت إلى النخاع لتزرع في داخلي السّكينة والخنوع، ولتكفّن ما بقى لديّ من زهو واعتزاز... أمّا نهاية المشهد، فكان بوقوفي أمام ستار طويل لونه عسلي باهت بدا كتابوت واقف، وعين ثاقبة مثبتة إلى ساق معقّفة، بدت لي كفوهة بندقية، بيد جندي متحفّز على ركبة ونصف... وكانت اليد الرقيقة التونسية، تعمل على ضبط موقعي فتشير علي بالتمايل يمنة أو يسرة، فأصبحت شبيه "راقص صوفي" أمام عدسة التصوير، الّتي اختطفت ملامحي في لحظة عصيبة، بطلقة إشعاعية تراقصت إثرها فقاقيع ضوئية رمادية لامعة أمام ناظريّ.... ... ساعتان مشحونتان بالتفاصيل، لو أعددتها لما سعتها صفحات... نعم... هذه بعض تفاصيل كيفية الحصول على تأشيرة دخول دولة أوروبية... تفاصيل، تكشف أن عجلة التّاريخ عادت إلى الوراء في شكل مهزلة... تفاصيل، فيها، مهما هذبوها، إذلال، واعتبار المسافر أي مسافر، مدانا بالإرهاب أو بالحث على عمل على حد سواء، إلى أن تثبت براءته... رجعت إلى بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وعدت إلى شرائع حمورابي، فوجدت أننا نتقدّم نحو الهاوية....فما الفرق بين أن يتحوّل الأسياد في أمريكا الجديدة منذ بضعة عقود، إلى المناطق الإفريقية لإنتقاء أفضل الأبدان وأكثرها تلاؤما مع الحاجة، وبين اتفاقيات الهجرة اليوم لانتقاء ما يتلاءم مع الحاجيات الأوروبية من موارد بشرية، بالاختصاص والعدد؟؟ لماذا يدخل ذاك بلدي ببضع عشرات من الأوراق، وهو عاطل عن العمل في بلده، وبلا معارف ولا شهادات، دون أية تأشيرة، ويصطف من أثنى عمره في البحث والعمل، وتتمفصل أجزاء جسده، بأحدث التقنيات، كي يتحصّل على تأشيرة عبور؟؟؟ أسئلة كثيرة، ولكنها لا تخرجنا عن رحاب العدل والعدالة، بل تدعو رجال القانون أن يكتبوا وأن ينبّهوا ويدعوا إلى تطبيق روح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وبقية الاتفاقيات الدولية الّتي تعيد للذات ذاتيتها وللحق معناه وللعدل مجراه.... جلستان في يوم واحد قرّر كل من فرعي سوسة وصفاقس للمحامين، عقد جلستيهما العامّتين في نفس اليوم من شهرجويلية المقبل .دليل واضح على التنسيق والتناسق؟؟ طعن نشر وطعن منتظر ما زال الحديث متواترا عن الطعن في قرار الجلسة العامّة الإستثنائية، وقد تأكّد أن عريضة طعن أولى قد أودعت بكتابة محكمة الإستئناف بتونس من محاميين إثنين. وقد يكون طرف آخر بصدد الإعداد لإيداع عريضة ثانية. وقد يكون الطعنان مختلفين، واحد يتعلّق بإجراءات انعقاد الجلسة العامة الاستثنائية، والآخر يتعلّق بقرار الجلسة العامّة. مع التذكير بأن الفصل 71 من قانون المحاماة يخوّل الطعن إستئنافيا في قرارات الجلسات العامّة وإجراءات انعقادها، وذلك لدى محكمة الإستئناف الّتي يوجد بدائرتها مقر الهيئة أو الفرع. وهذا الحق مخوّل لكل من له حق التصويت . تسوية وضعية كما سبقت الإشارة إلى ذلك في ركن الأحد الماضي، تم تمكين العملة الإداريين التّابعين لمختلف هياكل المحاماة من حقوقهم في الزيادات القانونية، وقد لمسنا ارتياحهم الشديد بعد تسوية وضعياتهم، وهو ما قد يساعد على تنقية الأجواء وانصراف الإداريين للبذل والعطاء. طول انتظار أحكام في ناحية تونس بعض المحامين عبّروا عن انشغالهم من طول انتظار إنجاز الأحكام الصّادرة عن محكمة ناحية تونس 1، الّتي مازالت تعيش أوضاعا إسثنائية بسبب مقرّاتها غير الملائمة للعمل القضائي. تجديد مكتب تمّ تجديد مكتب الجمعية التونسية لقانون التأمين يوم 13 ماي الماضي . ويتركب المكتب الجديد من السيدات والسّادة، عبداللّطيف مامغلي رئيسا، عبد الحفيظ زعنون رئيسا شرفيا، ومنصور النصري وعبد الكرييم المرداسي وزهير إسكندر وجويدة قيقة كواهي رئيس، ولطفي بالزرقة، كاتبا عامّا وعبد الستار ونيس كاتبا عامّا مساعدا ومصطفى الجمّالي أمين مال، ومحمّد العزيز مملوك أمين مال مساعد، وحمادي حشيشة والتيجاني بن رمضان والحبيب بن صالح والحبيب بن سعد ونجاة ابراهمي أعضاء.