في الوقت الذي يحث الرئيس الأمريكي الأممالمتحدة على مزيد ترسيخ تواجدها في العراق بهدف المساهمة في تطبيع الأوضاع وذلك من خلال إصدار مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1770 وجه بوش تحذيرا علنيا لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي - الذي أدى زيارة إلى طهران من اعتبار الدور الإيراني بناء في العراق. هذا التحذير يكشف مدى خشية الإدارة الأمريكية من الدور المتنامي لطهران بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في الحياة السياسية العراقية وبالتالي في مجرى الأحداث والتطورات عبر التحالفات السياسية وتحديدا الطائفية خصوصا أن واشنطن ترى في التأثير الإيراني عنصر عدم استقرار يؤثر سلبيا على التوازن الطائفي الذي تحاول الإدارة الأمريكية العودة إليه بعد أن ارتكبت قبل أربع سنوات خطأ إقصاء قطاع كبير من السنة وترك كل الأمور بيد الشيعة. وإذا كانت الإدارة الأمريكية تعول على دور أممي في العراق حتى وإن كان تدريجيا فإن الانفلات الأمني وضعف حكومة المالكي والانسحابات منها لا تؤشر لأي احتمال لتحسن الأوضاع بما يخول لتدخل أممي يخفف العبء عن القوات الأمريكية التي ما فتئت خسائرها البشرية تتصاعد شهريا ويبعد العراق من دائرة التأثير الإيراني المباشر. ومن الطبيعي أن ترى الإدارة الأمريكية بحكم أجندتها في منطقة الشرق الأوسط والخليج في إيران عائقا أمام تنفيذ أهدافها مادام النفوذ الإيراني المستند على تحالفات شتى يشمل العراق وسوريا ويلقي بظلاله على لبنان إلى جانب احتمال قيام إيران بدور في أفغانستان بهدف محاصرة تنامي القوة الميدانية لحركة "طالبان" في سياق دعوة مجلس القبائل الأفغانية "لويا جورغا" إلى الحوار مع الحركة. ولكن الإشكالية في العراق لا تتمثل في الدور الإيراني فحسب بل أيضا في فشل حكومة المالكي في جمع مختلف الحساسيات السياسية والطوائف حول برنامج موحد يكفل للعراق العودة إلى الاستقرار والحيلولة دون تفتيته وفق "الطموحات" الطائفية لبعض الأطراف العراقية. ولا يبدو طريق الخلاص سهلا أما المالكي الذي أصبحت الأحداث تتجاوز حكومته لأن ما ارتكب من جرائم ضد العراقيين من قبل الميليشيات عمق الهوة بين أبناء البلد الواحد وأفقدهم الثقة فيما بينهم لذلك قد يكون من السابق لأوانه الحديث عن دور أممي في العراق بما يعني أنه على الإدارة الأمريكية البحث عن حل عملي في العراق بدل إطالة أمد معاناة جميع العراقيين من وضع لا يخدم مصلحتهم ومستقبلهم ولا حتى مصلحة أمريكا. إن الحل يجب أن يكون بقرار شجاع من واشنطن مثلما تجاسر بوش على القانون الدولي وغزا العراق باسم الحرية والديموقراطية المفقودتين حتى بعد مرور أربع سنوات.