تونس الصباح رغم مرور أكثر من سنة على دخول منظومة التأمين على المرض حيز التطبيق.. فإن العديد من التفاصيل مازالت غامضة في نظر السواد الأعظم من المواطنين.. وكثيرا ما يجد المنخرطون في الصندوق الوطني للتأمين على المرض أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه، جراء عدم إلمامهم بصفة دقيقة لما لهم وما عليهم. وهو يسألون الصندوق مزيدا من الاجتهاد لنشر المعلومة على نطاق واسع، وتوضيح التفاصيل الدقيقة للجميع سواء عبر تكثيف المطويات والكتيبات وتوزيعها على كل المنخرطين مع بطاقات علاجهم، أو عن طريق اثراء محتوى موقع الصندوق على شبكة الأنترنات، أو بدعم الاتصال المباشر لرفع اللبس.. وتتعلق أهم النقاط التي مازالت غامضة في الأذهان بالسقف السنوي لمصاريف العلاج وبنسب استرجاع مصاريف العلاج من الصندوق، الى جانب وجود خلط كبير بين المنافع التي تتيحها المنظومات العلاجية الثلاث... وباستفسار عدد من العاملين بشبابيك الصندوق الوطني للتأمين على المرض باقليم تونس وكافة أقاليم البلاد الأخرى من بنزرت الى جربة، تبين أن المواطن مازال «آخر من يعلم»، ومازالت تنقصه معارف كثيرة لكي يفهم تفاصيل المنظومات العلاجية للصندوق فهما كافيا.. ولكي يستوعبها.. وقال عدد من الأعوان انهم يواجهون يوميا صعوبات كبيرة في التعامل مع المواطنين، لأنهم لا يقتنعون بسهولة الاجابة، وذلك لأن المعلومة تنقصهم ولأنهم لا يثقون تمام الثقة في الادارة وفي أعوانها.. مشكلة السقف أجمع أعوان الشبابيك العاملون بعدد من المراكز الجهوية والمحلية للصندوق الوطني للتأمين على المرض على أن المواطن له دراية كافية بالسقف السنوي لمصاريف العلاج.. ويطرح هذا الاشكال بصفة خاصة مع المنخرطين الذين اختاروا نظام استرجاع المصاريف.. وقالوا «إنهم لا يدركون أنه يمكنهم استرجاع مصاريف العلاج والكشوفات والتحاليل والأدوية في حدود سقف سنوي، ويجب ألا يتجاوز هذا السقف 400 دينار مهما كان عدد المنتفعين في العائلة».. وذكر "ماجد" العامل بمركز الصندوق بحمام الأنف أن معارف رواد الصندوق تحسنت بمر الأيام وأصبح أغلبهم يعرف أنه عليهم الذهاب الى طبيب متعاقد مع الصندوق أو الحصول على الدواء من صيدلية متعاقدة... لكن درايتهم بالسقف مازالت غير كافية.. وأكد ماجد على المجهود الكبير الذي يبذله أعوان الشبابيك لايصال المعلومة الى المواطن الذي يقصدهم.. وحول نفس المسألة قال سفيان العامل بمركز بنزرت: «إن المنخرطين يعتقدون أن السقف المحدد لكل فرد من افراد العائلة هو 200 دينار وهو خطأ».. وأضاف «لقد زارتنا البارحة مواطنة لتسفسر لماذا تأخر الصندوق في ارسال مصاريف علاجها.. فأخبرتها بأنها تجاوزت السقف ولا يحق لها استرجاع مصاريف اضافية، فلم تتفهم الأمر ولم تستوعب كلامي.. وقالت لي: كيف تقول هذا، إن الادارة لم تحدد بعد السقف!». ومن جهته قال أحد أعوان مركز الصندوق ببوسالم إن العون الذي يتسم بسعة الصدر يستطيع تبليغ المعلومة الى المواطن،، وبين أنه يعمل على تفسير مسألة السقف وتبسيطها لرواد المركز وهذا ما ساهم في تحسين معارفهم. وذكرت سميرة العاملة بمركز حمام سوسة: «إننا حينما نقول للمواطن انه بلغ السقف لا يصدقنا، ويقول ان الصندوق «مازال يقتطع من مرتبه مساهمات لفائدة الصندوق».. فهو لا يفهم أن اقتطاع المساهمات يتم على مدى عام كامل حتى اذا بلغ السقف منذ الشهر الأول.. وذكرت سميرة أن عدم إلمام المواطنين بتفاصيل نظام التأمين على المرض جعل أعوان الصندوق يعيشون يوميا ضغوطات نفسية كبيرة.. وفسرت: «إننا نجد صعوبة في التعامل مع الاشخاص الذين يصدرون أحكاما مسبقة على الصندوق، مثل أنه لا يقوم بخلاص المواطن بسرعة وأن عليه أن ينتظر طويلا».. وفي القصرين أيضا نجد جل المتعاملين مع الصندوق لا يعلمون الكثير عن «السقف».. وفي هذا الصدد قال أيمن البناني «إن أعوان الشبابيك يواجهون يوميا نفس المشاكل في التعامل مع الزوار وخاصة الذين بلغوا السقف».. وفي نفس السياق قال وليد من مركز جربة: «نعم، إن مسألة السقف عصية الفهم لدى جل رواد الصندوق، وهذا يعد اشكالا كبيرا لأنه يؤزم العلاقة بينهم وبين العاملين بالشبابيك...». نسب الاسترجاع... وخلط بين المنظومات لئن كانت مسألة السقف، أهم مسألة يحيط بها الكثير من الغموض لدى المنخرطين في الصندوق الوطني للتأمين على المرض، فقد كشف أعوان الشبابيك أن المواطن تنقصه المعلومات الكافية عن نسب استرجاع مصاريف العلاج من ناحية، وأنه يخلط بين المنظومات من ناحية أخري. وذكر سفيان أن المعارف منقوصة حول نسب استرجاع مصاريف العلاج والأدوية.. وأضاف: «كثيرا ما نجد اشكاليات مع مواطنين لا يفرقون بين المنظومات العلاجية، ويعتقدون أن العلاج ببطاقة العلاج التي يمنحها لهم الصندوق متاح لهم في جميع المؤسسات الصحية العمومية والخاصة مهما كان نوع النظام الذي اختاروه».. وفي نفس السياق، قال وليد (من مركز جربة) إن هناك من يكون قد اختار المنظومة العلاجية الخاصة.. لكنه يطالب بالانتفاع بالخدمات التي تتيحها المنظومة العلاجية العمومية، بنفس المعاليم التي يدفعها من اختار هذه المنظومة العمومية.. وخلص جل من تحدثنا اليهم الى أن المواطن لم يستوعب بعد نظام التأمين على المرض.. وهو غير ملمّ لا بالقرارات القديمة ولا بالقرارات الجديدة.. الأمر الذي يتطلب تطوير الاعلام حول النظام وتفاصيله.