الحلاقون وسائقو التاكسيات وأطباء الأسنان ينصحون باتّباع توصيات صارمة في الغرض تونس - الأسبوعي بحلول شهر نوفمبر يبدأ فيروس القريب في التفشي ..ويتزامن هذه السنة مع ظهور انفلونزا الخنازير في كافة أنحاء العالم.. وبعيدا عن مفردات الاستخفاف أو التهويل لا يمكن أن ندير ظهرنا لما يحدث من حولنا على غرار إعلان أوباما حالة الطوارئ بسبب الفيروس وهو رئيس أقوى دول العالم حاليا إثر هلاك قرابة ألف أمريكي.. أو ما حدث مؤخرا في باريس من هجومات وانتقادات لاذعة وصلت حد مساءلة وزيرة الصحة الفرنسية في البرلمان بالاضافة الى مئات الدعاوى القضائية المرفوعة في ألمانيا ضد المستشارة ميركل بسبب الفيروس الظاهرة.. أما في إسبانيا فحدّث ولا حرج حيث تؤكد مصادرنا أنه قلّ أن يسافر اليها تونسي لا يعود مصابا بالفيروس. وفي المقابل أيضا فإن عدة بلدان إفريقية.. مرّ شتاؤها مرور الكرام وكان موسما عاديا كسابقيه ولم تشهد خلاله ظواهر إستثنائية أو كارثية بالنسبة للاصابة بالانفلونزا عدا بعض الحالات التي لم تبلغ مرحلة الجائحة رغم أن هذه البلدان تعد من البلدان الفقيرة ولا مجال لمقارنة سياساتها في المجال الصحي مع السياسة الصحية في تونس من جميع الجوانب.. وبين هذا وذاك يجوز التساؤل: كيف يمكن أن نتجنب الاصابة بالفيروس وما هي الوسائل الكفيلة بمجابهة انتشاره في صورة حدوث ذلك؟ وخاصة في عدة ميادين ومهن يمكن أن نعتبرها مهددة بحكم طبيعة عملها؟ الوقاية ثم الوقاية من المعلوم أن العدوى بالنسبة للفيروسات والجراثيم والطفيليات تنتشر وباختلاف أنواعها إما بالملامسة (المصافحة، التقبيل ، الاحتضان، العطاس) أو بالاستعمال الجماعي لنفس الوسائل والمعدات (كؤوس، معدات الخ..) وبما أن طبيعة الحياة العصرية تقتضي أن يتواجد الناس بأعداد متفاوتة في مكان واحد الى حد الالتصاق أحيانا.. سواء أثناء العمل (اتّخذت عدّة تدابير بمواقع العمل) أو بأماكن الترفيه (مقاهي، مطاعم، سينما الخ) أو بوسائل النقل (حافلات، تاكسيات).. أو في بعض الاعمال الحرّة مثل أطباء الاسنان والحلاقة وغيرها من المهن المهددة.. فضلا عن بعض الظواهر الاجتماعية السلبية التي حذرت من خطورتها أطراف عديدة في السابق مثل ظاهرة الشيشة والتي تنتقل من فم الى فم بدون استئذان فإن الخوف والخشية من سرعة انتشار الفيروس يصبح أمرا جائزا.. لذلك كان لنا لقاء مع المدير العام لإدارة الرعاية الصحية الأساسية السيد المنجي الحمروني الذي أكد على أن لب المسألة يكمن في الوقاية ثم الوقاية التي بمقدورها لوحدها أن تجنبنا حوالي 50% من امكانية الاصابة بالفيروس.. وذكّر بوسائل التوقي في سائر المحلات والمهن المهددة أكثر من غيرها والتي تُعدّ حقلا خصبا لانتشار العدوى سواء فيما يتعلق بهذا الفيروس أو بغيره من الفيروسات والامراض الخطيرة. شيشة «مفريسة» سألنا المدير العام للرعاية الصحية الأساسية عما إذا كان ما بذلته فرق الرقابة مؤخرا لدى تفقدها المقاهي والمطاعم كافيا للحيلولة دون تسبب تلك الفضاءات في انتشار العدوى.. وخاصة في حال عدم احترام الشروط الصحية..وهل أن لجوء مدمني الشيشة الى «مبسم بلاستيكي ذي استعمال واحد (Jetable) يجعلهم في مأمن من الاصابة بالفيروس فنفى ذلك وأشار الى أن المصالح الصحية العمومية والبلدية قامت ولاتزال بحملات مكثفة ومتزامنة لتلك المحلات ترتكز على التثبت من مدى احترام المقاهي للتراتيب الجاري بها العمل وخاصة منها توفر الشروط الصحية وأهمها توفير مبسط comptoir يحتوي على ثلاثة أحواض للغسيل بالماء الجاري الساخن لتنظيف وتطهير الأدوات والأواني المستعملة والمقدمة للحرفاء والتي يجب ألا تكون من البلاستيك غير الغذائي.. بالاضافة الى تخصيص مكان خاص ومجهز بحوض ساخن لغسل وتطهير الشيشة.. ولكن ذلك قد لا يمنع من انتشار الفيروس لان المدخن وإن أفلح في تجنب العدوى عبر تغيير «المبسم» فإنه قد لا يفلح في ذلك نظرا لاستعماله نفس الشيشة التي نفث فيها مدخن سابق ما يعتمل في صدره خاصة اذا ما لم يقع تنظيفها بالشكل المطلوب وبالخصوص تطهيرها.. وأشار الى أن الحل الأمثل يكمن في الانقطاع نهائيا عن تدخين الشيشة لأنه وفضلا عن كون التدخين مضرّ بالصحة فإن هذه الخطوة أي الانقطاع عنها ستحول دون إصابته بأمراض أخرى أشد فتكا من إنفلونزا الخنازير مثل السلّ. كؤوس مطلية بأحمر الشفاه وعن الكؤوس والاواني المستخدمة في المقاهي والمطاعم قال محدثنا أنه يمكنها نقل الفيروس اذا ما لم يتم تطهيرها بالقدر الكافي.. مشيرا الى أن التطهير لا يعني مجرد غمسها في الماء المخلوط بالجافال وإنما تركها فيه لوقت محدد.. بعد تنظيفها بالماء والصابون قصد الحد من امكانية نقل الفيروس من حريف الى آخر لذلك فالمواطن مطالب بالحرص على أن يتناول مشروبه في كؤوس نظيفة معقمة وفق الشروط الصحية. حذار من التاكسيات وبخصوص التاكسيات أكد على أهمية تهوئة العربات المستخدمة باستمرار.. ونصح محدثنا أصحاب التاكسيات وسواقها بضرورة التزود بالسوائل المعقمة والمتوفرة بالمغازات الكبرى بأسعار تتراوح ما بين 1400 مليم ودينارين واستعمال قطرتين منها بصفة دورية لتنظيف المقود ومقابض فتح الابواب أي المواضع الأكثر استخداما وذلك للحد من امكانية نقل العدوى. مهن مهددة ولم ينف محدثنا وجود عدة مهن مهددة بفعل امكانية انتشار هذا الفيروس ونصح العاملين في هذه الاعمال الحرة على غرار أطباء الاسنان والحلاقة وغيرهم بضرورة وضع الأقنعة على أفواههم واستعمال وسائل التنظيف المطلوبة بصفة دائمة ومزيد الانتباه للوسائل المستخدمة حتى لا تكون سببا في نقل الفيروس.. لأن الهدف الرئيسي من تناول هذا الموضوع هو الوعي بحجم الفروس وليس الذعر منه مثلما أكدت عليه جل الحملات التحسيسية. تحسيس المواطن هو الحل وخلص المدير العام للرعاية الصحية الأساسية الى أنه لا يمكن تجنب التجمعات الا في الحالات الاستثنائية وذلك غير ممكن الآن لأن الحديث عن اتخاذ تدابير استثنائية سابق لأوانه اليوم في ظل عدم تسجيل حالات استثنائية قصوى..وأشار الى أن التحسيس سيعود الى نفس المربع الذي انطلق منه أي التركيز على المواطن بالدرجة الاولى وذلك باتباع وسائل ومراحل النظافة والوقاية التي تمّ التركيز عليها في البداية وكذلك ضرورة التحلّي بالواجب الاخلاقي والحس الحضاري عندما يصاب المرء بأي نوع من أنواع النزلة لتفادي إصابة أفراد عائلته أو زملائه في العمل ويخلد للراحة أثناء التوعك الصحي ويتجنب كل أنواع الاختلاط حتى يُشفى نهائيا من الاصابة.. وختم قائلا: «إجراءات الوقاية ستساهم في مزيد تحصين المجتمع ضد آفات وأوبئة أخرى أخبث من إنفلونزا الخنازير». استعدادات وعن الاستعدادات بمختلف الهياكل الاستشفائية ذكر أن استراتيجية واضحة تكونت منذ سبع أشهر تاريخ اكتشاف الفيروس وترسخت عبر العديد من الاجتماعات اليومية التي كانت كل الهياكل ممثلة فيها ووضعت لها الميزانيات من قبل الدولة بلا تردد.. وهكذا تم الاستعداد جيدا ومبكرا منذ أفريل الماضي لشهر نوفمبر وبذلك حضر الدواء وكذلك تصنيعه وحضر كذلك اللقاح الموسمي وأيضا الخاص بإنفلونزا الخنازير ثم الاقنعة الواقية ومر الصيف بلا مشاكل تذكر رغم ما يميزه من توافد لأعداد هامة من السياح وعودة مكثفة للتونسيين بالخارج.. ونفس الشيء تقريبا حصل مع العودة المدرسية باستثناء بعض الحالات المعزولة في مدارس معروفة بخصوصية التلاميذ الذين يرتادونها.. وختم بالقول «في حالة تكاثر الإصابة فإننا وفرنا الامكانيات بالمستشفيات وتزودنا ب 120 آلة جديدة للتنفس وهو ما يعني مضاعفة العدد الذي جرى استعماله طيلة 40 سنة أو أكثر.. وسيتم توزيعها على معظم الأقسام». خير الدين العماري نقابتا المقاهي وأطباء الاسنان تتجاوبان وسعيا منا لأخذ وجهات نظر بعض الأطراف المعنية بالموضوع إتصلنا برئيس الغرفة الوطنية لأصحاب المقاهي مصطفى الحبيب التستوري الذي ذكر بأن زملاءه مقتنعون بجدوى عمليات الوقاية وقاموا بتوفير جميع المستلزمات ومواد التنظيف الضرورية وكذلك بتوعية العملة وأشار بأن الامور عال العال على «الكونتوار» والتعقيم موجود والحمد لله.. وأيدي العمال لا يغيب عنها الماء والصابون لحظة كما أن المهنيين يبذلون يوميا مجهودات كبيرة حرصا منهم على نظافة محلاتهم وعمالهم ولولا ظروفهم الصعبة لقاموا بتوفير تجهيزات خاصة لتنقية الهواء بالمحلات. وفي نفس السياق اتصلنا بالدكتور عادل بن صميدة الكاتب العام للنقابة التونسية لأطباء الأسنان الذي أشار الى أن هذا المحور لا يخلو من الحديث عنه لقاء أو تجمع للاطباء حتى يكون كل الزملاء على بينة من الامر.. وأضاف أن آخر ملتقى علمي جمعهم نهاية الاسبوع كان «الفيروس 1N1H وأساليب التوقّي منه» أول محاوره وسيتواصل النشاط خلال هذا الاسبوع بتنظيم ندوة علمية في الغرض بالتعاون مع جمعية علمية لطب الأسنان ببنزرت وكذلك الشأن مع الجمعية التونسية لحماية أسنان الأطفال والهدف من إقحام هذا الموضوع في كل مناسبة علمية هو تنمية الحس والوعي المهني بهذا الفيروس لتتحقق كيفية التعامل المثلى معه علما وأن المجلة الدورية التي تصدرها النقابة تحتوي على آخر المستجدات المتعلقة بفيروس 1N1H. توريد 50 ألف جرعة تلقيح إضافية ضد «الفريب» الموسمي أفادتنا الإدارة العامة للرعاية الصحية الأساسية بأنه وخلافا لما كان يخصص لحملات التلقيح السنوية السابقة فقد تم حتى الآن وخلال شهر واحد (أكتوبر 2009) استهلاك حوالي 400 ألف جرعة تلقيح موسمي أي ضعف ما كان يتم قبل ذلك وعلى مدار عام كامل ولم يتبق من جرعات التلقيح حتى الآن سوى عدد محدود. وأشارت مصادرنا الى أن النية تتجه الى توريد 50 ألف جرعة أخرى إضافية لتدعيم حملة التلقيح الموسمي أما بالنسبة للقاح الخاص بإنفلونزا الخنازير فقد تمّ توريد مائة ألف جرعة حتى الآن وسيتم الشروع في حملة التلقيح في غضون 15 يوما من الآن. خريطة لحملة التّلقيح أفادنا المدير العام لإدارة الرعاية الصحية الأساسية أن الدراسات المتعلقة بحملة التلقيح الخاص بفيروس 1N1H تم إعدادها وحددت خريطة الأماكن التي ستجري بها حملة التلقيح ضد الفيروس والاشخاص ذوو الأولوية للتطعيم باللقاح على غرار ما هو معمول به بكافة أنحاء العالم. وبخصوص مسألة الأولوية ذكر بأن الذين يعانون من أمراض ثقيلة ومزمنة ومرضى الفدة والذين يقومون بعمليات تصفية الدم بطريقة إصطناعية والنساء الحوامل ومرضى القلب والأطفال الرضع الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر وعامين وأعوان الصحة وأعوان الدولة حفاظا على استمرارية وسلامة المعاملات هم من سيحظى بالأولوية في بادئ الامر على أن يقع تعميم التلقيح في مرحلة ثانية.. للتعليق على هذا الموضوع: